يجب أن نسلم بأن هناك مؤامرات خارجية تحاك ضد مصر وأن هناك دولاً يهمها إثارة الفوضي والاضطرابات عندنا. حتي تكتمل لها. أو لبعض لحلفائها. عوامل التفوق الإقليمي.. أو هكذا يتصورون! وإذا كانت مواجهة الإرهاب أصبحت قدراً تتحمله القوات المسلحة والشرطة في صبر وثبات وعزيمة. سواء في سيناء أو في أماكن أخري عديدة من البلاد. فإن الشعب بكل طوائفه وشرائحه يقف صفاً واحداً في مواجهة هذه الفئة الباغية. ومن وراءها. ممن لا يريدون خيراً ولا عماراً لهذا الوطن. هؤلاء يسعون لأن يروا بلادنا وقد تحولت لا قدر الله إلي سوريا أو اليمن أو ليبيا. تلك الدول التي تحولت إلي اطلال. وأتت الحروب الأهلية علي ما فيها من أخضر أو يابس. وتتسبب في قتل أهليها أو تحويلهم إلي معوقين ومشوهين أو عاجزين. أو لاجئين في أصقاع العالم. لا يجدون ملاذاً ولا مأوي! ولا شك في أن الشعب كله يرفض أن يصير إلي هذا المآل. مهما كلفه ذلك من تضحيات. ومهما تكبد من مشاق. وسيواصل الحرب ضدهم حتي يطهر البلاد منهم ومن دنسهم. وحتي يحبط مؤامراتهم ودسائسهم الخبيثة. وإذا كان الإرهاب هو العدو الظاهر. البادي للعيان. والذي نري جميعاً جرائمه ونعاني من ويلاته ونبذل الغالي والنفيس للقضاء عليه واستئصال شأفته. فإن هناك ظواهر خافية عن العيون أو غير ظاهرة بالدرجة الكافية ولكننا نري آثارها بين حين وآخر في صور لا تقل بشاعة وإجراماً عن الإرهاب. ومن بين هذه الظواهر الفساد والإهمال. وربما كانت هناك علاقة تربط بين الفساد والإهمال. فهما يستشريان عندما تفتر أو تختفي أو تتراخي أجهزة الرقابة والمساءلة. أو عندما تضعف قبضة الدولة. وإذا كان الموظف الصغير لا يفسد إلا إذا شعر بأن لا أحد يراقبه. ويطمع في المزيد إذا شعر بأن دخله لا يحقق له الحد الأدني من متطلبات الحياة الضرورية. فما المبرر الذي يدفع موظفاً كبيراً للفساد إذا كان مرتبه معقولاً ويمتلك السيارة والمسكن اللائق والقدرة علي تعليم أبنائه. خصوصاً ونحن دولة محدودة الموارد؟ وكما تحدثنا كتب التاريخ. فأولي معاول هدم الدول تتمثل في انتشار الفساد والرشوة والمحسوبية. إضافة إلي الإرهاب الذي نشأ كظاهرة حديثة نسبياً. ربما لم تكن معروفة بشكلها الحالي من قبل. ومن غير شك. فإن سقوط دولة ما قبل 25 يناير 2011 كان بسبب انتشار هذه الظواهر المدمرة. التي كانت تنخر كالسوس في جذع شجرة الدولة! أما عن ظاهرة الإهمال والغش. فحدث ولا حرج. إنها متفشية في المجتمع. بشكل وبائي وليس هناك فرق بين "صنايعي" أو حرفي أو موظف أو بائع أو غيرهم من فئات المجتمع. والحقيقة. أن الدولة بدأت في الفترة الأخيرة تحركاً نشطاً ودؤوباً لمحاربة كل هذه الظواهر. في توقيت واحد. وعلي كل الجبهات. بدأنا نسمع عن مواجهة رجال الأعمال المنحرفين والمحتكرين واسترداد بعض ما نهبوه من أموال الدولة والشعب. وشهدنا موظفين كباراً تلقي الجهات الرقابية القبض عليهم وتحاسبهم وتنزع منهم ما اغتصبوه بغير حق. شهدنا مواجهات حاسمة في سيناء وفي الصحراء الشرقية والغربية للقضاء علي الإرهاب بالقوة العسكرية الساحقة التي لن تترك له أثراً. بإذن الله. علي أرض المحروسة. نشهد تحركات ملموسة لمواجهة الإهمال دون هوادة في كل بقعة من بقاع الوطن ومحو آثاره البغيضة ونتمني أن تستمر. حتي نتمكن من بناء بلدنا علي أساس سليم وعلي قواعد صلبة وبهياكل لا تهتز! لابد أن نتكاتف مع الدولة للاستمرار في محو هذه الظواهر المقيتة من مجتمعنا. إذا أردنا أن نصل ببلادنا إلي المكانة الجديرة بها بين الأمم. ولا شك في أننا. علي ذلك. قادرون.