شهدنا خلال الفترة القليلة الماضية. اهتماما غير مسبوق وخطوات ملموسة من الدولة نحو التوجه إلي مجالات العلم والتكنولوجيا. نرجو أن تكلل هذه الخطوات بالنجاح وبما نصبو إليه من آمال وتطلعات. بعد أن فاتنا ركب العلم والتكنولوجيا منذ زمن طويل.. وبعد أن اتسعت الهوة بيننا وبين العالم المتقدم فيما لا يعد ولا يحصي من التخصصات العلمية والتكنولوجية. أصبحنا من كبار مستهلكي الابتكارات التكنولوجية التي ينتجها ويبرع فيها الشرق والغرب. وربما لا أكون مبالغا لو قلت أن حياتنا أصبحت تعتمد بشكل تام علي ما تبدعه قرائح العالم وما تخرجه مصانعه في الدول الأخري. لقد تفوقت المختبرات ومراكز الأبحاث في مختلف أرجاء العالم في مجالات الهندسة الوراثية. سواء فيما يتعلق بالنبات أو الإنسان أو الإنتاج الحيواني. وأصبحت البذور. عالية الإنتاجية. والمهندسة وراثيا. مثلا مملوكة "ملكية فكرية" لشركات كبري عابرة الجنسيات. تحتكرها وتبيعها "لمن لا يملكون". وبلغ الهوس بإنتاجية هذه البذور حدا جعل المزارعين يستغنون عن البذور الأصلية التي كانوا يستخدمونها في الزراعة. وأصبحت تلك الشركات تحتكر قوت العالم في يديها. نظرا لاختفاء البذور التقليدية من بيوت المزارعين. ولأن البذور الجديدة "عالية الإنتاجية" لا تصلح للزراعة سوي مرة واحدة. والجيل الثاني منها فلا يصلح للزراعة. وإنما يجب علي المزارع شراء بذور جديدة من هذه الشركات وإلا فسيتوقف عن إنتاج المحصول! أردت أن أضرب المثال السابق للتدليل علي أهمية العلم والتكنولوجيا وما يحققانه من مكاسب. أو ما يمثلانه من مخاطر علي من يتخلفون عن الركب. سواء في الزراعة والصناعة وغيرهما. وما أود التحدث عنه هو إقدام الحكومة مؤخرا علي إصدار قانون إنشاء وكالة فضاء مصرية وما سبقه من توقيع اتفاق إنشاء مشروع الضبعة النووي بالاشتراك مع روسيا. وقد سبق أن تناولت مشروع الضبعة النووي في هذا المكان.. وبالتالي سأركز هنا علي إصدار قانون إنشاء وكالة الفضاء المصرية. والذي صدق عليه الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ أيام قليلة. وأعتقد أن صدور هذا القانون يمثل نقطة تحول حاسمة في اقتحام مجال. لم يسبق لنا الاقتراب منه. كما لم يسبق لنا سبر أغواره. ويحضرني هنا ما قاله الدكتور خالد عبدالغفار. وزير التعليم العالي والبحث العلمي. خلال مناقشة البرلمان مشروع القانون. حيث أعلن أنه سيتم إطلاق قمر صناعي مصري في يوليو المقبل بالتعاون مع اليابان. وبمكونات مصرية تتجاوز 70% وقدم نموذجاً مصغراً له داخل القاعة. موضحا أن هناك خطة لجعله قمرا متكاملا. وأكد أن إنشاء وكالة فضاء مصرية ليس مجرد إصدار لقانون فقط. ولكنه حلم مصري. وقال الوزير إنه تم تصنيع وحدة التحكم والكاميرا. الخاصتين بالقمر. بأيد مصرية. وسيتم التحكم فيه بالذكاء الاصطناعي وفقا لخطة زمنية محددة بعد موافقة المجلس علي القانون. حيث سنبدأ بتجميع الأقمار الصناعية. وليكون لدينا منتج مصري بنسبة 100% وستخصص هذه الأقمار للاستخدامات البحثية السلمية والكشف عن الثروات المعدنية. واستقطاب العقول المصرية المهاجرة. ويصبح لمصر مكانة مرموقة في هذا المجال المهم علي مستوي العالم. يحدوني الأمل أن تتمكن بلادي بقدراتها الذاتية من تصنيع الأقمار الصناعية وإطلاقها إلي مداراتها حول الأرض. وأن تستفيد من هذه الأقمار في استغلال ثرواتها لما فيه صالحها. وبالقدر نفسه. أطمح لأن تتمكن بلادي من اقتحام ميادين التكنولوجيا الحيوية والهندسة الوراثية. إلي أبعد الحدود. وأن تغزو تكنولوجيا النانو وغيرها من المجالات العلمية التي تأخرنا كثيرا عن مواكبتها. ولعل إنشاء وكالة الفضاء المصرية يكون نقطة الانطلاق.