أسعار الخضار والفاكهة في أسواق أسيوط اليوم الأربعاء    السياحة تشارك في اجتماعات اللجنة الفنية للتجارة والسياحة والصناعة بالاتحاد الأفريقي بمدينة مالابو    عاجل| الخارجية الفلسطينية: اعتراف النرويج وأيرلندا وإسبانيا بالدولة الفلسطينية يعزز جهود إنهاء الاحتلال    إقامة صلاة الجنازة على رئيسي وعبداللهيان في طهران    حلمي طولان: حسين لبيب عليه أن يتولى الإشراف بمفرده على الكرة في الزمالك.. والفريق في حاجة لصفقات قوية    الأمن يوجه ضربات استباقية ضد تجار الكيف بقليوب    عاجل.. رفض طعن سفاح الإسماعيلية وتأييد إعدامه    غرق 3 أطفال في النيل خلال محاولتهم الهروب من حرارة الطقس بكفر الشيخ    فدوى مواهب تخرج عن صمتها وترد على حملات المهاجمين    لقاءات على هامش القمة    أسعار المكرونة اليوم الأربعاء 22-5-2024 بالمنيا    رئيس مياه القناة: استخراج جذور الأشجار من مواسير قرية الأبطال وتطهير الشبكات    استعدادات مكثفة بمواني البحر الأحمر ورفع درجة الاستعداد والطوارئ لبدء موسم الحج    طلاب جامعة الإسكندرية في أول ماراثون رياضي صيفي    تعديلات جديدة على قانون الفصل بسبب تعاطي المخدرات    بعد فشله أول مرة.. شاب ينهي حياته شنقا بعين شمس    لأول مرة .. انعقاد مجلس الحديث بمسجد الفتح بالزقازيق    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 22-5-2024 في المنيا    «الصحة»: ورشة عمل حول تأثير تغير المناخ على الأمراض المعدية بشرم الشيخ .. صور    «نقل النواب» تناقش موازنة سكك حديد مصر.. و«الإقتصادية» تفتح ملف «قناة السويس»    لمواليد 22 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    دار الإفتاء توضح أفضل دعاء للحر.. اللَّهُمَّ أَجِرْنِى مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ    "يريد اقتسامها مع منافسيه".. جوارديولا يحصد جائزة مدرب الموسم في الدوري الإنجليزي    خبيرة تغذية تنصح بعدم شرب الماء بعد الوجبات مباشرة    اليوم.. انطلاق الدورة الرباعية المؤهلة إلي الدوري الممتاز    على البساط الوردى «فرانكلين» و«دوجلاس» فى كان!    هكذا تظهر دنيا سمير غانم في فيلم "روكي الغلابة"    استعدادات مكثفة بموانئ البحر الأحمر.. ورفع درجة الاستعداد بميناء نويبع البحري لبدء موسم الحج البري    إسبانيا تلحق بالنرويج وأيرلندا وتعترف بالدولة الفلسطينية    فصائل فلسطينية: استهدفنا ناقلة جند إسرائيلية جنوب شرق مدينة رفح    استطلاع رأى 82% من المواطنين:استكمال التعليم الجامعى للفتيات أهم من زواجهن    جامعة عين شمس تحصد 3 جوائز لأفضل رسائل ماجستير ودكتوراه    5 أسباب رئيسية للإصابة بالربو ونصائح للوقاية    طلاب الشهادة الإعدادية في الإسكندرية يؤدون امتحان الهندسة والحاسب الآلي    الطالب الحاصل على جائزة «المبدع الصغير» 2024 في الغناء: أهدي نجاحي لوالدتي    حملة لإزالة مزرعة العاشر للإنتاج الحيوانى والداجنى وتربية الخيول والنعام فى الشرقية    باحثة سياسية: مصر تقف حائط صد أمام مخططات التهجير القسري للفلسطينيين    رابط نتيجة الصف السادس الابتدائي 2024 الترم الثاني جميع المحافظات والخطوات كاملة    المفتي: نكثف وجود «الإفتاء» على مواقع التواصل.. ونصل عن طريقها للشباب    51 مباراة دون هزيمة.. ليفركوزن يسعى لمواصلة كتابة التاريخ في موسم استثنائي    دبلوماسي سابق: الإدارة الأمريكية تواطأت مع إسرائيل وتخطت قواعد العمل الدبلوماسي    جدول مساحات التكييف بالمتر والحصان.. (مساحة غرفتك هتحتاج تكييف كام حصان؟)    رئيس نادي إنبي يكشف حقيقة انتقال محمد حمدي للأهلي    قرار جديد من الاتحاد الإفريقي بشأن نهائي أبطال إفريقيا    مبلغ صادم.. كم بلغ سعر إطلالة ماجي زوجة محمد صلاح؟    طريقة صنع السينابون بالقرفة.. نكهة المحلَّات ولذَّة الطعم    شاهد.. حمادة هلال ل إسلام سعد: «بطلت البدل وبقيت حلاق»    مأساة غزة.. استشهاد 10 فلسطينيين في قصف تجمع لنازحين وسط القطاع    افتتاح أول مسجد ذكي في الأردن.. بداية التعميم    «نادٍ صعب».. جوميز يكشف ماذا قال له فيريرا بعد توليه تدريب الزمالك    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    «الثقافة» تعلن القوائم القصيرة للمرشحين لجوائز الدولة لعام 2024    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    مصرع طفل وإصابة 3 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة ملاكى بأسوان    اليوم.. قافلة طبية مجانية بإحدى قرى قنا لمدة يومين    «معجب به جدًا».. جوميز يُعلن رغبته في تعاقد الزمالك مع نجم بيراميدز    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    حدث بالفن | فنانة مشهورة تتعرض لحادث سير وتعليق فدوى مواهب على أزمة "الهوت شورت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر والنيل .. علاقة أبدية
بدأت بشهادة "هيردوت" .. وتواصلت مع "محمد علي" .. و"السيسي" حسم القضية
نشر في المساء يوم 30 - 12 - 2017

العلاقة بين مصر والنيل.. علاقة أبدية لن تنتهي مهما حاول بعض أصحاب المصالح الخاصة والمتربصين بمصر.. فهذه العلاقة بدأت بشهادة المؤرخ الأغريقي عندما قال مقولته الشهيرة "مصر هبة النيل" وتواصلت مع محمد علي الذي اكتشف منابع النيل وجاء الرئيس السيسي ليحسم القضية ويعلن مراراً وتكراراً "لا أحد يستطيع المساس بحصتنا".
النيل في خطر هذا هو شعور كل مصري بعد أن قرأ وسمع عن السد الكبير الذي اقامته أثيوبيا علي النيل الأزرق.. وما قد يترتب علي اقامته من اضرار وما قد يتعرض له هذا النهر الخالد من قلة الوارد من المياه وما يتعرض له هو والسد العالي من مخاطر نتيجة لعدم حصول مصر علي حصتها المقررة والمعترف بها في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية مما يؤثر علي توليد الكهرباء.. وكل ما طالبت به مصر هو تطبيق المعاهدات والقوانين الدولية فقد ألزمت هذه القوانين والمعاهدات دول المنبع بصفة عامة اشراك دولة المصب وهي مصر في جميع خطوات الانشاء كما فعلت عندما أقامت السد العالي.. ولكن أثيوبيا تحضر اجتماعات مع مصر والسودان.. ولكن كل الاجتماعات تنتهي كما بدأت بدون نتيجة.
قديماً عندما أتي عمرو بن العاص إلي مصر كتب إلي عمر بن الخطاب أمير المؤمنين خطاباً يتغزل فيه بمصر وبنهر النيل الذي هو "مبارك الغدوات ميمون الروحات" هذه الرسالة ارسلها عمرو إلي الخليفة عمر منذ 1300 سنة.. والاعجاب بالنيل كان أيضاً عندما وفد إلي مصر العالم الأغريقي هيرودوت الذي قال مصر.. هبة النيل.
لهذا النهر العظيم خلقه الله تعالي وكان منذ فجر التاريخ.. ينطلق من منابعه التي كشفها محمد علي باشا وملوك وحكام مصر من بعده.. ومع جريانه ينشر النماء وتزدهر الحياة عبر رحلة طويلة لا تتغير علي مدي الأعوام إلا في سنوات قليلة عندما تحتاج مياهه تخرين ومجراه إلي تطوير.. حتي يصب في البحر المتوسط.
فجأة وووبدون سابق انذار قررت أثيوبيا بناء سد ضخم علي النيل الأزرق.. ويشير الخبراء إلي أن هذا السد سيقلل من الفيضان ويحد من زيادة الايراد المائي.. تهدف أثيوبيا من هذا السد أن تنتج الكهرباء فهي في حاجة إلي الطاقة.. وهذا من حقها ولكن القوانين الدولية.. وكافة المعاهدات والاتفاقيات تشير إلي أن أي مشروع يقام علي الأنهار التي تنبع من دولة ما.. وتصب في دولة أخري. وتعتبر انهاراً دولية لابد من دراسة المشروع مع دولة المصب ومع الدول التي يمر بها النهر.. فإذا كانت حدود إقليمية علي الأرض بين الدول.. فإن مياه الأنهار لا حدود لها لأن جريانها ممتد من المنبع حتي المصب وهذا ما أقره ميثاق أوروبا للمياه الذي تم اقراره عام 1967 مؤكداً أن الماء لا يعرف الحدود..
وفي عام 1958 قالت وزارة الخارجية الأمريكية أن من حق كل دولة متشاطئة أي المشتركة في مجري النهر أن تستخدم المياه الدولية الجارية في أراضيها بشرط ألا تؤدي إلي الاضرار بالدول المتشاطئة الأخري.. علي أن تستخدم هذه المياه وتنتفع بها بشكل منصف معتدل..
الانهار الدولية
في الوقت نفسه فإن القانون الدولي عرف الأنهار في العالم علي أساس وحدة المصب والمنبع في دولة واحدة بأنها الأنهار الوطنية أي تلك التي تقع بكاملها من المنبع إلي المصب وكافة روافده في حدود اقليم دولة واحدة وتكون سيطرة الدولة علي النهر سيطرة تامة..
أما إذا كان المنبع في دولة والصب في دولة أخري فتعرف بأنها الأنهار الدولية.. وتعتبر انهار دولية أيضاً إذا كان المنبع في دولة ويمر بأقليم أكثر من دولة مثل نهر الأردن.
اثناء افتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسي لعدد من المشروعات التنموية في كفر الشيخ قال إن مياه النيل بالنسبة للمصريين مسألة حياة أو موت ولا يستطيع أحد المساس بحصة مصر في مياه النهر.
وفي الأمم المتحدة.. قال الرئيس انه وفقاً لمبادئ القانون الدولي والقواعد المستقرة لتنظيم العلاقة بين الدول المتشاركة في أحواض الأنهار العابرة للحدود في مختلف انحاء العالم هذا الاتفاق يظل الاطار القانوني القائم علي منطق التعاون والمشاركة بين الدول.
ومنذ تولي الرئيس السيسي المسئولية ودائم الزيارات للدول الأفريقية بصفة عامة ودول حوض النيل بصفة خاصة.. فالنيل بالنسبة لمصر هو النهر الخالد إلي الأبد.. ولا دخل للبشر في ذلك ولكنها ارادة الله سبحانه وتعالي.
مصر لا تقف أبداً مكتوفة الأيدي إزاء أي حدث من الأحداث.. خبراؤها يفكرون وعقولهم تفكر في مواجهة أي مشكلة قد تضر بمصر.. أو تعرقل مسيرتها.
الحقيقة.. انه منذ تخوفت مصر من الآثار التي قد تضر بمصالحها المائية مع اقامة سد النهضة الأثيوبي.. خرج الخبراء المصريون بمشروع ضخم لتطوير حركة المياه القادمة من أفريقيا عبر نهر النيل.
وقد أوشك الخبراء من الدراسات الخاصة بهذا المشروع وهو انشاء مجري ملاحي بين بحيرة فيكتوريا إلي الإسكندرية أقصي شمال مصر حيث يصب في البحر المتوسط.. وهذا المشروع يعمل علي تعظيم القيمة الاقتصادية والسياسية لنهر النيل ويسهم في كافة أعمال التنمية لدول حوض النيل إلي جانب زيادة التعاون والتبادل التجاري.
ويجري دراسة هذا المشروع بالتعاون مع الدول الأفريقية أصحاب المصلحة الحقيقية في تعظيم موارد النيل.. وقد تم تكليف المكتب الاستشاري الدولي الألماني البلجيكي لدراسة النواحي الفنية والسياسية والقانونية حيث قاموا بزيارات ميدانية للدول الأعضاء في المشروع. وتفقدوا المواقع التي ينطلق منها المجري بين بحيرة فيكتوريا وهي أوغندا ورواندا وبورندي..
ويعتبر المشروع احياء للخط الملاحي القديم وأقصر الطرق لربط دول حوض النيل بأورووبا بطول يبلغ 3500 كيلو متر حتي الإسكندرية علي البحر المتوسط وتشارك فيه دول البحيرات الاستوائية ومصر والسودان بالإضافة إلي ممثلي المنظمات الإقليمية والقارية حيث يتم وضع الشروط المرجعية ودراسات الجدوي الاقتصادية والممولة من البنك الأفريقي للتنمية.
حق أساسي
كان السفير الأثيوبي تايبي اثقلا سيلاسي قد أعلن في تصريحات نشرتها الصحف أن بلاده حريصة علي استمرار التفاوض مع دولة المصب ومراعاة مصالحها في البنك.. وأكد السفير أن أديس أبابا لا تستطيع الأقدام علي الحاق الضرر بالأشقاء المصريين.
من جهة أخري قال وزير الري الأثيوبي سيليشي بقلي إن عدم التوصل إلي اتفاق مع مصر بشأن سد النهضة لن يعطل بناءه.. خصوصاً وأن 63% من أعمال بناء السد اكتملت ولم ولن تتوقف مؤكداً أن أعمال السد هو حق أساسي لبلاده في الاستفادة من مواردها المائية في انتاج الطاقة وأكد أيضاً أن المفاوضات هي السبيل الوحيد لحل الخلافات ونؤمن بمبدأ الاستفادة العاملة من مياه النيل لأن الحديث ليس في تقاسيم المياه وإنما في توليد الكهرباء..
وتساءل وزير الري الأثيوبي.. بأن مصر لديها سد يقدر المياه المخزنة فيه بمائة وثلاثين مليار متر مكعب وهي تفوق المياه المتوقع تخزينها في سد النهضة.. وفي السودان سدود لم تلحق اضراراً بمصر فكيف بامكان سد النهضة أن يلحق اضرار بمصر؟
أضافت أن السد سيعود بفوائد كبيرة علي مصر والسودان وأثيوبيا.. وأكد في تصريحاته أن أثيوبيا علي استعداد لدراسة أي مقترح تقدمه مصر حول التخزين.
حكايات قديمة
في الفترة من سنة 1956 إلي عام 1964 انتهي مكتب الولايات المتحدة الأمريكية للاستصلاح وهو أحد إدارات الخارجية الأمريكية من تحديد موقع علي النيل الأزرق لإقامة سد كبير لأثيوبيا.. وقد تم ذلك دون الرجوع إلي مصر كدولة مصب لنهر النيل وذلك طبقاً للاتفاقية الموقعة عام 1929 بين مصر وبريطانيا باعتبارهما راعيتين لمصالح السودان وبين أوغندا وكينيا وتنزانيا.. وبموجبها تضمن الاتفاقية التزاماً علي دول حوض النيل عدم القيام بغير اتفاق سابق مع مصر بأعمال ري أو غيرها علي نهر النيل وفروعه حتي لا يتقلص حجم المياه المتدفقة علي مصر.. ونص الاتفاق أيضاً علي تقاسم مصر والسودان لمياه النهر حيث حدد نصيب مصر بثمانية وأربعين مليار متر مكعب.. ونصيب السودان أربعة مليارات متر مكعب.
وفي اكتوبر 2009 وأغسطس 2010 قامت الحكومة الأثيوبية بعملية مسح للموقع المذكور.. وأصبح الموقع جاهزاً للتنفيذ.. وتم الاعلان عن المشروع وفي اليوم التالي للاعلان منحت الحكومة الأثيوبية عقداً قيمته 4.8 مليار دولار دون تقديم عطاءات إذ طلب مناقصات تنافسية للشركة الايطالية "سالينيك".. وفي 2 ابريل 2011 قام رئيس أثيوبيا السابق ملس زيناوي بوضع حجر الأساس للسد.. وقد اطلقوا عليه في ذلك الوقت سد الألفية.. وأعلنت الحكومة الأثيوبية أيضاً أنها سوف تتقاسم مع مصر مخططات السد حتي يمكن دراسة تأثيره علي المصب..!!
وأعلنت أثيوبيا أيضاً انه سيصبح أكبر سد "كهرومائي" في القارة الأفريقية.. وأن الغرض الرئيسي من انشائه هو توليد الطاقة اللازمة للتنمية في أثيوبيا.. ويأتي تمويله خالصاً من موارد أثيوبيا حيث أصدرت سندات تم توجيهها إلي الأثيوبيين داخلياً وخارجياً.. كما قامت الصين بتمويل التوربينات بالمعدات الكهربائية بمبلغ نحو 1.8 مليار دولار.. هذا ما أعلنته الحكومة الأثيوبية رداً علي كل ما أثير حول تنوع جهات الانفاق علي السد وبالتالي لم نذكر أي جهات أخري ساهمت في التمويل أو شاركت فيه وتركت الأمر كله للتكهنات والأقاويل سواء كانت صحيحة أو مجرد اشاعات.
المهم أن السد الأثيوبي يقع عند نهاية النيل الأزرق وعلي بعد يتراوح بين 20 إلي 40 كم من الحدود السودانية ويبلغ ارتفاعه من 500 إلي 600 متر فوق سطح البحر.. وتغلب علي المنطقة الصخور المتحولة وتشبه جبال البحر الأحمر الغنية بالمعادن.. وهناك عوامل جيولوجية وجغرافية كثيرة تتسبب في فشل كثير من المشروعات المائية في دول المنبع بصفة عامة وأثيوبيا بصفة خاصة كما يقرر خبراء الجغرافية الجيولوجية وعلماء التربة.. وقد ذكروا أيضاً أن نقل المياه من مكان لآخر في حالة تخزينها صعباً كما تنتشر الصخور البرلمانية البازلتية وهي صخور سهلة التعرية من شدة تساقط الأمطار الغزيرة.
وكذلك قرروا أن المنطقة ضعيفة هندسياً لتحمل اقامة السدود وتأثيرها في نوعية المياه خاصة في البحيرات حيث تزيد ملوحتها كما هو الحال في البحيرات الأثيوبية التي تقع في منطقة الأخذود وتشكل عائقاً في تكوين مياه جوفية كذلك زيادة معدلات البحر مع وجود الأخدود الأفريقي في جميع دول المنبع وما يسببه من تشققات وفوالق ضخمة بالإضافة إلي النشاط البركاني والزلزالي مما قد يؤثر علي المشروعات المائية خاصة في أثيوبيا..
ولهذا كما تري مصر ضرورة قيام المكاتب الاستشارية الهندسية العالمية من اجراء دراسات حول السد وبيان مدي ما يمكن أن يؤثر فيه حيث يلاحظ أن ارتفاعه 170 متراً وعرضه 1800 متر ويستوعب 75 مليار متر مكعب وله محطتين لتوليد الكهرباء.
وتريد حكومة أثيوبيا ملء خزان السد في ثلاث سنوات فقط أي بمعدل 25 مليار متر مكعب سنوياً بينما تري مصر ضرورة زيادة سنوات الملء إلي ست سنوات لأن سرعة ملء الخزان يضر بمصر والسودان.. هذا هو سد النهضة أو سد الألفية كما اطلقوا عليه.
صراعات متعددة
والواقع انه منذ أن أعلن عن انشاء هذا السد والكلام كثير عن مخاطره في ظل ظروف طبيعية ومناخية تحيط بالمنطقة التي يقع فيها السد.
يقول علماء المياه والجيولوجيا أن القرن الحالي أي القرن الحادي والعشرين سيشهد صراعات كثيرة في مناطق متعددة خصوصاً في الدول النامية في الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا وتتركز هذه الصراعات علي ندرة المياه وتأمين الاحتياجات منها.
والتقط السياسيون هذه الأقوال ليكملوا عليها أن الأزمات المتوقعة في المياه تغذيها المشاكل السياسية والنزعات الحدودية.. ولهذا قد تنتشر الحروب التي من شأنها زعزعة الاستقرار وذلك عندما تتناقص كمياه المياه التي تحتاجها الدول.
يضاف إلي ذلك أن شح المياه في المناطق الجافة سيؤدي إلي خلق أزمات عالمية نتيجة لحالات الهروب الجماعي من هذه المناطق إلي مناطق أخري لم تصل إليها.. أزمات في المياه.
ويتوقع بعض الخبراء انه نحو 30 دولة ستعاني من ندرة المياه في 2025 من بينها 18 دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومعني ندرة المياه ان الفرد لن يحصل إلا علي ألف متر مكعب سنوياً وربما أقل من ذلك.
وفي تقرير للمخابرات الأمريكية صدر سنة 2012 جاء أنه بحلول عام 2040 لن تواكب امدادات المياه العذبة الطلب العالمي الأمر الذي ينذر بالمزيد من عدم الاستقرار السياسي ويعوق النمو الاقتصادي ويمضي التقرير فيذكر أن مناطق جنوب آسيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستواجه تحديات كبيرة في معالجة مشاكل المياه القائمة.
وأشار التقرير إلي أن استخدام المياه كسلاح آخر لأهداف إرهابية أمر محتمل لأن البنية التحتية للمياه معرضة للهجوم..
وطالب التقرير الدول باتخاذ كافة الاجراءات العلمية والأبحاث لايجاد أساليب جديدة ومبتكرة للحيلولة دون الجفاف والتصحر ونقص المياه وذلك لمعالجة أي أزمة بوسائل محددة مثل الري بالتنقيط واستخدام التكنولوجيا الزراعية المحسنة. خصوصاً وانه مع عام 2040 مع نقص المياه وتلوثها سيضر تماماً بالأداء الاقتصادي ويجب الأخذ في الاعتبار أن ظهور حل سهل تكنولوجيا هي من الأمور الهامة لتحسين إدارة المياه.
وعموماً أكد التقرير أن الولايات المتحدة الأمريكية لديها فرص للقيام بدور قيادي لمعالجة أي اخطار في المياه أو مشاكل في الدول المشتركة في نهر واحد.
الاحتباس الحراري
وهناك آراء تقول أن هناك أزمة مياه عالمية تلوح في الأفق لسبب التغيرات المناخية التي شهدها العالم مؤخراً مثل الاحتباس الحراري والجفاف وهناك العديد من الأنهار الرئيسية قد تجف خلال ال 50 عاماً القادمة ومع تزايد أعداد البشر فإن الأزمة ستتفاقم.
من جهة أخري دعت الأمم المتحدة دول العالم إلي التوحد وتنظيم فرق علمية بحثية للنظر والقيام بأبحاث من أجل مكافحة النقص المائي والتقليل من الهدر في المياه وابرام اتفاقيات مشتركة للتعاون في تقسيم نسب المياه بينها والأمر الملاحظ أن المنطقة المعطاءة للمياه أي المطر قد تعاني من قلة الأمطار وشح المياه فتتعرض للتصحر كذلك هناك مناطق تتعرض لعواصف رملية غريبة علي سكانها وهذا ما دفعهم إلي الهجرة الداخلية القسرية تحت عامل الجوع إلي اطراف المدن كما حدث في دمشق وحلب وفي تقرير لمنظمة اليونيسيف حذر من التحول البيئي وهذا شيء بشع إذ يؤدي إلي انجاب مواليد غريبة الأشكال كما حدث في مدينة "حامو" التي تبعد عن نحو ثلاثة كيلو مترات عن القامشلي مكان المولود الغريب يختلف عن المعتاد حيث كان بعين احدة جاحظة فوق الأنف!!!
عموماً المياه الجوفية تتأثر بالعامل البيئي وشح المياه لقلة الأمطار.. فالأمطار عادة تملأ الخزانات وهناك قصة الجزيرة المنكوبة وهي في منطقة رأس العين وكانت بها ينابيع مياه كبريتية وفيرة وبالتالي كانت مقصداً لبعض المرضي السياح.. حيث كانت آبارها دائماً مليئة بالمياه وتسري صباحاً بتزويد النهر الخالد.. ولكن المنطقة اصابها الجفاف وانحسرت المياه عنها وفرغت خزانات الآبار وبالتالي أصبح ملء الخزانات الفارغة تشكل خطراً أكبر من القنابل الفتاكة.
حقائق تاريخية
هناك حقائق تاريخية ثابتة هو انه لم يحدث في أي وقت من الأوقات أن نشبت حروب بين الدول حول المياه.. وكل الصراعات التي تحدث حول نقص المياه في دول المصب واقامة مشروعات علي مجاري الأنهار والتي تقوم بها دول المنبع لا تخرج عن كونها مناقشات ومشاكسات ومحاولات تجري لاتمام هذه المشروعات بدون اجراء مشاورات مع دول المصب.. ولكن العالم لم يقف مكتوف الأيدي ازاء كل هذه المناوشات والصراعات خصوصاً وأن البانوراما المائية تشير إلي زيادة الاحتياجات المائية نتيجة لزيادة السكان ومايجري من اقامة مشروعات للتنمية المائية.. يصحبها عادة تصارع علي الموارد المائية المتاحة مستقبلاً في ظل الظروف الطبيعية المتغيرة وما يترتب علي ذلك من وفرة أو ندرة للمياه في منطقة عن غيرها ومن هنا فإن دول المنابع تتحكم في هذه المنابع.. وأيضاً في مجري النهر.. فإذا كان مصب النهر في دولة أخري تبلورت المشاكل حسب كميات المياه التي تمر في مجاري الأنهار أو تحرمها منها إذ تستأثر بمشروعات مائية علي المنبع أو علي المجري.
وعلي سبيل المثال فإن تركيا قامت ببناء 21 سداً علي نهر الفرات أكبرها وأخطرها سد اتاتورك حيث يمكنها من فرض سيطرتها علي الفرات وتتحكم في جريانه خارج اراضيها وقد ادركت أن الماء سلاح أشد فتكاً من كافة الأسلحة حتي الأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية.. وكان واضحاً أنها ترغب في تحقيق أكبر قدر من الهيمنة الإقليمية وهنا حدث خلاف شديد بين تركيا وسوريا.. حيث رأت سورريا أن نهر الفرات هو نهر دولي طبقاً لتعريف هيئة الأمم المتحدة.. لأن له دولة منبع.. وله دولة أخري مصب.. ولكن إذا كان مصب النهر في نفس دولة المنبع.. أصبح نهراً وطنياً.. لأنه يقع بأكمله من منبعه إلي مصبه في دولة واحدة.. ولكن سليمان ديميريل وكان رئيساً للوزراء وقتها صرح في شهر مايو 1990 بأن تركيا هي أغني دول العالم في المياه العذبة.. وأن الأنهار لديها وطنية وليست دولية وقالت سوريا انه طبقاً لمعاهدة فيينا عام 1815 فإن السيادة الإقليمية هي حق لكل دولة علي جزء من النهر الذي يمر بإقليمها.
واضطرت تركيا لعقد لجنة فنية من تركيا وسوريا والعراق وعقدت 16 اجتماعاً لبحث مشاكل المياه.. إلا أن هذه الاجتماعات انقضت كما بدأت بدون الوصول إلي أي نتيجة.. وكان السبب في الفشل هو أن تركيا تعارض عقد معاهدات متعددة الأطراف..
وتمضي حكايات ا لمياه بين تركيا والعراق وسوريا بين مراوغة تركيا في تحديد مواعيد للاجتماعات ومواقيت ملء خزانات السدود وزيادة جريان المياه إلي العراق وسوريا عبر نهري دجلة والفرات.. ثم تم الاتفاق علي انعقاد لجنة فنية في عام 1983 لدراسة الأوضاع المتعلقة بالمياه وبشكل خاص حوض نهري دجلة والفرات.. ورغم الاتفاق علي تحديد موعد انعقاد اللجنة إلا أن تركيا حاولت المراوغة كالمعتاد وفي شهر ابريل سنة 1990 ثم الاتفاق علي تحديد حصة 58% من المياه الواردة في نهر الفرات عند الحدود التركية للعراق و42% لسوريا ثم تم توقيع بروتوكول للتعاون بين تركيا وسوريا وتضمن البروتوكول انه خلال فترة ملء خزان سد اتاتورك وحتي التوزيع النهائي لمياه نهر الفرات بين الدول الثلاث تتعهد تركيا بتوفير معدل سنوي ثابت سنوياً بنسبة 58 للعراق و42 لسوريا.
وهكذا انتهت جميع المساومات إلي اتفاق كامل.. وهذا نموذج لما يحدث بين دول المنبع ودول المصب أو الدول التي تجري فيها الأنهار.. من دولة لأخري.
وهذا يؤكد ضرورة تنفيذ القوانين الدولية مثل معاهدة فيينا سنة 1815 واتفاق هلسنكي 1966 وتقارير المخابرات الأمريكية ومذكرة وزارة الخارجية الأمريكية 1958 وغير ذلك من القوانين والمعاهدات التي توالي اصدارها بعد ذلك. وكلها تهدف إلي تحقيق مبدأ الانقسام العادل المنصف لمياه الأنهار الدولية وهو من الركائز الأساسية للقانون الدولي وقواعد هلسنكي ولجنة القانون الدولي 1997 وكلها تؤكد مبدأ الاقتسام العادل بحيث لا يتسبب في إحداث أي ضرر جسيم وتتمتع دول المجري المائي الدولي بطريقة منصفة ومعقولة وتشمل حق استخدام المجري والتعاون في حمايته.. مع الالتزام بمبادئ حسن الجوار ولاضرر ولا ضرار وفي جميع الأحوال عندما لا تتوصل الجهات المتفاوضة إلي نتائج ملموسة مكتوبة وموثقة كما جاء في كتاب مصر ومياه النيل الاتفاقيات والقوانين الدولية عند ذلك يجب الذهاب إلي وسطاء آخرين أو اللجوء إلي التحكيم أو مجلس الأمن علي أساس أن هذا الاختلاف قد يؤدي إلي تهديد السلم والأمن..
وثائق خاصة
والواقع أن الجمعية العامة للأمم المتحدة تبذل جهوداً متواصلة في العمل علي تطوير قوانين المجاري المائية وتجري دراسات عن المشاكل القانونية المتعلقة باستخدام الأنهار الدولية والانتفاع بها..
وتذكر الوثائق الخاصة بالأنهار في الأمم المتحدة انه في 15 ابريل سنة 1963 قدم الأمين العام للأمم المتحدة تقريراً ضم جميع المعلومات القانونية عن استخدام المياه الدولية وقد اعتمد هذا التقرير علي مبادرة البروفيسور س. ايفلتون من جامعة نيويوك التي نادي فيها بتأسيس لجنة استخدامات مياه الأنهار سنة 1954.
كان مبدأ الاقتسام العادل المنصف لمياه الأنهار الدولية من الركائز الأساسية للقانون الدولي في هذا المجال.. وقد حاولت جماعة القانون الدولي تفتيته فيما يعرف بقواعد هلسنكي لسنة 1966. وتقول الدكتورة داليا اسماعيل في كتابها عن المياه والعلاقات الدولية أن لجنة القانون الدولي جعلت مبدأ الاقتسام العادل مبدأ عام واشتراط عدم التسبب في احداث ضرر بحيث لا يكون أي ضرر من الاضرار جسيماً ويوجب في هذه الحالة التفاوض.. وبصفة عامة يلزم أن تتجمع دول المجري المائي الدولي بطريقة منصفة ومعقولة وتشمل هذه المشاركة حق استخدام المجري وواجب التعاون في حمايته..
وهكذا ارسي القانون مبادئ حسن الجوار علي أساس لا ضرر ولا ضرار.. وفي جميع الأحوال عندما لا تتوصل الجهات المتفاوضة إلي نتائج ملموسة ومكتوبة ومرضية عند ذلك يجب الذهاب إلي جهات أخري ثالثة كالتحكيم أو مجلس الأمن علي أساسها احتمال أن تصل المشاكل لتهديد السلم والأمن الدوليين.
المخاوف قائمة
الحقيقة أن حكاية مصر مع أثيوبيا حول سد النهضة لم تحظ باهتمام من رؤساء مصر السابقين ولهذا عندما بدأ التفكير في انشائه.. لم يكن هناك ما يشغل البال.. لأن القواعد الدولية تقضي بأن تقوم دولة المنبع وهي أثيوبيا باستشارة مصر كدولة مصب وصاحبة حق أصيل في مجري النيل الذي يجري علي أرضها منذ آلاف السنين.. وكانت المعلومات الواردة عن انشاء هذا السد لا تشير إلي ضخامته ولا لسعته إلي أنه أعلن عن نية أثيوبيا لملء خزان سد النهضة عن آخره أي نحو 75 مليار متر مكعب..
وقد أثارت هذه المعلومات مخاوف مصر ودول حوض النيل بما فيها السودان.
والواقع أن هناك قوانين ومعاهدات دولية وقعتها مصر.. مع دول حوض النيل سواء عام 1929. 1959 وباعتراف دول العالم بذلك.
ولكي تكتمل الصورة العامة لموقف مصر من أثيوبيا وسد النهضة.. نعود إلي محمد علي باشا صاحب الأيدي البيضاء علي اكتشافات منابع النيل ومعرفة أسرار أنهارها وخطوط مجراها.. كانت البداية كما هو معروف اكتشاف السودان حيث إنها الشريك الأساسي في مجري النيل فقام محمد علي بالحملات العسكرية في أفريقيا بهدف معرفة الأسرار ونجحت حملاته والحملات التي أتت بعده في معرفة المنابع سواء من الهضبة الاستوائية وهضبة الحبشة وهضابها وتبين أن النهر يجتاز في رحلته التي تبلغ طولها نحو 6700 ك متر ويتخطي 35 خطاً من خطوط العرض.. وتتأثر مصر والسودان وأوغندا بمسيرة النهر وعوائق وتدفق جريانه فضلاً عن فروع متفرقة في كينيا وتنزانيا والكونغو وتستند تدفقات النيل إلي ثلاث أحواض رئيسية.. بخلاف منابع أخري بالقرب من بحيرة تنجانيقا..
المهم أن عملية الاهتمام بمنابع نهر النيل استمرت بعد موت محمد علي ولكنها كانت اهتمامات ضعيفة نشطت مع الخديو اسماعيل.. ولكن عندما احتلت بريطانيا مصر في عهد الخديو توفيق سنة 1882.. فرضت انجلترا نفسها وصية علي مصر وصارت تتكلم باسمها في المحافل الدولية ثم أصبحت هي المفاوض الرسمي بالنيابة عن مصر والسودان وفي كل خلاف يحدث بين مصر وأثيوبيا.. تقوم بريطانيا بدور الحكم بين مصر والجبشة وذلك في المادة الثانية من المعاهدة المعقودة بين انجلترا ومصر والحبشة في 25 سبتمبر 1884.
والحقيقة أن هناك مفاوضات كثيرة استمرت طوال القرن العشرين وفي السنوات الأخيرة من القرن 19 وكانت أطرافها انجلترا وايطاليا وفرنسا وأثيوبيا ودول حوض النيل.. ومصر والسودان.
* ففي عام 1891 تم توقيع بروتوكول بين بريطانيا وايطاليا باعتبار أن ايطاليا تحتل اريتريا وفي هذا البروتوكول تعهدت ايطاليا بعدم اقامة أي منشآت لأغراض الري علي نهر عطبرة لأن ذلك يمكن أن يؤثر علي موارد النيل.
* وفي سنة 1906 عقد اتفاق بين بريطانيا والكونغو بحيث تلتزم الكونغو بعدم اقامة أي مشروعات علي نهر سمليكي ونهر سايجون دون الاتفاق مع الحكومة السودانية "كانت بريطانيا تتفاوض نيابة عن السودان".
* وفي نفس هذا العام اتفقت فرنسا وايطاليا وبريطانيا علي ضرورة التشاور بين الدول الموقعة علي هذا الاتفاق حال حدوث أي اضطرابات سياسية داخل أثيوبيا ويمكن أن تؤثر علي مصالح بريطانيا ومصر في مياه النيل.
* وفي سنة 1925 أصدرت ايطاليا اعترافاً بحقوق مصر والسودان المائية في النيلين الأزرق والأبيض وروافدهما مع ضرورة تنظيم استغلال المياه والالتزام بعدم القيام بمشروعات تعرقل تدفق المياه إلي مصر والسودان.
* وفي سنة 1929 أصدرت بريطانيا ومصر تصريحاً باعتبارها راعين لمصالح السودان وأوغندا وكينيا وتنزانيا.. بضمان التزام دول حوض النيل بعدم القيام بغير اتفاق سابق مع مصر بأْعمال ري أو غيرها علي نهر النيل وفروعه من شأنه تقليص حجم المياه المتدفقة علي مصر ونص الاتفاق علي تقاسم مياه النهر بين مصر والسودان حيث تم تحديد حصة مصر ب 48 مليار متر مكعب والسودان بأربعة مليارات متر مكعب.
* وقامت بريطانيا نيابة عن تنزانيا وبلجيكا نيابة عن رواندا وبوروندي ألا تستخدم أي دولة منهم نهر "كاجيرا" أحد روافد بحيرة فيكتوريا بدون اخطار مسبق خاصة فيما يتعلق بالري وغيره من الاستخدامات وكان ذلك في عام 1934.
* وفيما بين عامي 1949 و1953 تم تبادل مذكرات بين مصر وبريطانيا بهدف اشراك مصر في عملية بناء سد وخزان علي شلالات "أدين" لتوليد الكهرباء لصالح أوغندا وكذلك عملية ملء الخزان لرفع منسوب المياه وتخزينها لصالح مصر والسودان مع الالتزام باتفاقية 1929.
* في سنة 1959 اتفقت مصر والسودان علي انشاء هيئة فنية مشتركة بين البلدين لتنظيم وضبط مياه النيل والعمل علي ريادة موارده والاشراف علي النيل سوياً واتفقا علي تحديد حصر مصر ب 55.50 مليار والسودان 18.5 مليار متر مكعب.. وكانت مصر تشرف علي النيل منفردة قبل ذلك.
* وتمضي اللقاءات والاجتماعات بين مصر ودول حوض النيل تنعقد كل فترة.. وفي سنة 1991 قامت مصر وأوغندا بمراجعة السياسة التفصيلية المائية لبحيرة فيكتوريا بما لا يؤثر علي احتياجات مصر من مياه النيل.. وخرجت هذه المراجعة باعتراف اوغندا باتفاقية 1953 التي وقعتها انجلترا بالنيابة عنها وهو ما يعني اعترافاً ضمنياً باتفاقية 1929.
هذه حكاية مصر مع نهر النيل وسد النهضة وأثيوبيا.. والقواعد والقوانين والمعاهدات الدولية التي تحكم جريان الأنهار الوطنية والدولية.. القوانين الدولية تلزم دول المنابع علي ضرورة استشارة دول المصب في أي مشروع مائي أو أي مشروع يقام علي الأنهار وهناك التزام أيضاً بألا يكون هناك أي ضرر لأية دولة يجري في أراضيها النهر.
صحيح أن دول المنابع تراوغ دائماً دول المصب أو الدول المتشاطئة عند اقامة مشروع ما علي النهر.. إلا أن في النهاية القانون ينتصر..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.