الشباب هم الأمل.. الحاضر والمستقبل الذين يعول عليهم النهوض ببلادهم. تخرج منهم الأفكار المبدعة والاختراعات النادرة.. هم باختصار الأعمدة الأساسية التي تبني عليها المجتمعات ومن يريد هدمها يبدأ بهم. وهدم الشباب لا يكون بالمخدرات أو أي نوع من الإدمان فقط كما يظن البعض ولكن هناك طرقاً كثيرة من بينها قتل الطموح والحماس بداخلهم وإصابتهم بالبلادة.. لهذا أنا ضد إعانة البطالة التي تتم مناقشتها في مجلس النواب كمشروع قانون يعطي 1200 جنيه شهرياً للشباب المتعطل بميزانية سنوية 51 مليار جنيه وبحد أقصي ثلاث سنوات. قرار كهذا لابد أن يتم عرضه قبل مناقشته علي علماء اجتماع ونفسي لمعرفة تأثيره في علاج الفرد والمجتمع لأنه قد يأتي بنتائج عكسية خاصة أنه "مسكن" يؤخر مواجهة المرض الحقيقي أو ترحيله إلي وقت لاحق فيظل قنبلة موقوتة ضمن قنابل كثيرة مهددة بالانفجار في أي وقت. بداية.. المسمي نفسه.. كإعانة بطالة يرسخ في ذهن الشباب أنه عاطل ويستحق الإعانة وكلاهما معنيان سلبيان يطفئان الطاقة والحماس بداخله تدريجياً خاصة أن النسبة الغالبة من الشباب لا تحمل سوي المؤهل الدراسي وليس لديها أي كفاءات إضافية ولا خبرات تفتح لهما سوق العمل. الطبيعة البشرية تركن دائماً للأمر السهل. صحيح هناك حد أقصي ثلاث سنوات ولكنها مدة كافية للتراخي في السعي وتطوير الذات فستنفق الإعانة أولاً بأول علي ضروريات الحياة وتنتهي المدة والعاطل صفر اليدين لا إعانة ولا وظيفة. الإعانة أو المساعدة بدون مقابل أخطر من البطالة التي قد تكون دفعاً للتحدي والنقل بين الأعمال البسيطة حتي الوصول للوظيفة التي تناسب الطموح. فإذا نجحنا في تدبير الميزانية المحددة لإعانة البطالة كما يعتزمون بإضافة رسوم رمزية علي كافة الخدمات الحكومية وبعض السلع فلتسكن تلك الميزانية لعمل دورات تدريبية وكورسات مجانية يلتحق بها كل في المجال الذي يحبه ويجد نفسه قادراً علي الإنتاج منه. كذلك ممكن تخصيص جزء من هذه الميزانية لدعم للمبادرات الجادة مثل مبادرة شركة تنمية الريف المصري بطرح 45 ألف فدان للشباب وصغار المزارعين وذلك بإعداد وتجهيز الأراضي للزراعة لمن يتم التخصيص لهم. هذا ما تعلمناه من معلم البشرية النبي محمد صلي الله عليه وسلم عندما جاءه من يسأله المساعدة ورغم أنه لم يكن يمتلك سوي قدح يشرب فيه إلا أنه باعه واشتري به حطباً ليتاجر فيه ولم يتركه بل تعهده حتي اطمأن لأنه بدأ يكسب ما يكفيه فأرشده لانفاق جزء منه علي أسرته وشراء بضاعة جديدة بالجزء الباقي ليضمن استمرارية عمله. البطالة مسئولية مشتركة بين الشباب والدولة وإذا أردنا حلها جذرياً لابد أن يسهم الاثنان في هذا الحل بعد أن تحدد مسئولية كل منهما وما له وما عليه.. الشباب بالسعي للتميز والتخصص والتطوير المستمر والدولة بتحقيق تكافؤ الفرص وعدالة التوزيع وإيجاد فرص عمل حقيقية تنهض بالمجتمع وليس كبطالة مقنعة جديدة.. كفانا مسكنات وآن الأوان للحسم الجاد والجذري لمشاكلنا الرئيسية.