لا أمل الكتابة عن المرأة الآسيوية كلما سنحت الفرصة لذلك. لأنها تستحق. ويكفي أنها كانت سباقة إلي العمل بالسياسة وقيادة بلادها قبل المرأة الأمريكية أو الأوروبية التي تعيش في مجتمعات أكثر تقدماً وتحرراً وانفتاحاً علي دور المرأة. وكانت أنديرا غاندي هي من سبق إلي ذلك حين تولت رئاسة وزارة الهند. ثاني أكثر دول العالم سكاناً. خلفاً لوالدها نهرو. المناسبة الآن هي صعود نجم امرأتين في دولتين مهمتين في آسيا. هما باكستانوسنغافورة. ربما لايكون الأمر جديداً بالنسبة لباكستان. فقد كانت بينظير بوتو هي ثاني امرأة آسيوية بعد أنديرا في الهند. تتولي قيادة بلادها. حين أصبحت رئيسة لوزراء باكستان. لكنه هذه المرة كان مفاجأة. من يتابع الشأن الباكستاني. يعلم أن أحد أشهر السياسيين في باكستان هو نواز شريف. وكان منذ بزغ نجمه في ثمانينيات القرن الماضي واحداً من المنافسين الأقوياء علي قيادة البلاد. وتولي رئاسة الحكومة أكثر من مرة انتهت آخرها في شهر يوليو الماضي. النهاية لم تكن طيبة. فقد تم توجيه اتهامات له بالتورط في قضايا فساد وتضخم الثروة. وأصدرت المحكمة العليا الباكستانية حكماً بعدم صلاحيته للاستمرار في منصبه فاستقال من رئاسة الحكومة ومن عضوية البرلمان. رغم أنه أنكر كل الاتهامات الموجهة إليه واعتبرها "مسيسة". ولأن له شعبية كبيرة. فحين أعلن البرلمان عن انتخابات في دائرة "لاهور " التي ينتمي إليها. لشغل مقعده. رشحت زوجته "كلثوم" نفسها للمقعد. ولأنها كانت مضطرة طوال الحملة الانتخابية للبقاء في العاصمة البريطانية لندن للعلاج من السرطان. فقد تركت قيادة الحملة لابنتها مريم. وأُجريت الانتخابات هذا الأسبوع. وكانت المنافسة علي المقعد شرسة بينها وبين مرشح المعارضة. لكنها فازت باكتساح. واستعادت المقعد الذي شغله زوجها لثلاثة عقود. في سنغافورة.. كانت المفاجأة.. وهي مفاجأة متعددة الوجوه. فلأول مرة في تاريخ البلاد يفوز برئاسة الجمهورية مرشح ينتمي إلي الأقلية العرقية في البلاد وهي أقلية "الملايو".. وأن يكون هذا المرشح امرأة.. وأن تكون هذه المرأة مسلمة واسمها حليمة يعقوب بينما لا يمثل المسلمون سوي 14% من السكان.. ثم أن يكون فوزها بالرئاسة.. بالتزكية. نموذج فذ وفريد للديمقراطية والتعددية والتعايش السلمي بين الأعراق والديانات. في بلد لايزيد تعداده علي ستة ملايين نسمة ثلاثة أرباعهم من الصينيين. وثلثهم ينتمون إلي الديانة البوذية. لكن هذا البلد قبل أن يقدم هذا النموذج للديمقراطية. قدم نموذجاً فذاً آخر في النمو والتقدم الاقتصادي والتكنولوجي. دفع اللواء مميش رئيس هيئة قناة السويس ومنطقتها الاقتصادية. ووزيرة الاستثمار والتعاون الدولي الدكتورة سحر نصر لزيارته للاستفادة من خبرته في إدارة الموانئ والمناطق الاقتصادية. حليمة يعقوب 63 سنة أيضاً لم تصل إلي رئاسة الجمهورية بالتزكية من فراغ. فقد كانت رئيسة للبرلمان منذ عام 2013 حتي ترشحها للرئاسة. آسيا تضرب مثلاً للعالم في التقدم بقيادة المرأة.