ينعي الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب. بحزن وأسي بالغين. الأديب والكاتب السياسي المغربي الكبير الأستاذ عبدالكريم غلاب. رئيس اتحاد كتاب المغرب الأسبق خلال ثلاث ولايات» الذي فارق الحياة صبيحة يوم الاثنين 14 أغسطس الماضي» عن عمر ناهز 98 عامًا. أسدي خلالها خدمات جليلة للثقافة المغربية العربية. من المواقع الفكرية المسئوليات والإعلامية التي تبوأها في بلاده منذ استقلالها عام .1956 وتعتبر الأمانة العامة للأدباء والكتاب العرب. رحيل "غلاب" خسارة كبيرة للأدب وللثقافة العربية. بالنظر إلي الأدوار الطلائعية التي قام بها في الواجهات الفكرية عمومًا. طوال ما يزيد علي 70 عامًا. مؤثرًا في أجيال متعاقبة من المثقفين والكتاب المغاربة والعرب. فالراحل رحمه الله يعتبر أول روائي مغربي اكتمل علي يديه هذا الجنس السردي في الأدب المغربي الحديث. كما يعد رائد تجربة الكتابة السجنية. انطلاقًا من تجربته في معتقل الاحتلال الفرنسي والتي صاغها في نص رائد "سبعة أبواب" الذي احتفي به الناقد المصري وأستاذ المؤلف الراحل محمد مندور وطبعته دار المعارف بمصر. حيث لقي الكتاب حينه الترحيب والإطراء. والفقيد الكبير اسم بارز ضمن جيل الرواد الذين ساهموا مشرقًا ومغربًا في تأصيل قيم جديدة في الثقافة العربية. منفتحة علي الثقافات الأخري. في سياق حركية الأخذ والعطاء والإخصاب المتبادل. يمكن وضعه ضمن نخبة الكتاب العرب أمثال: محمد حسين هيكل وأحمد أمين وأحمد حسن الزيات. وغيرهم من المجددين الذين نهضوا بالثقافة العربية وأغنوها باجتهاداتهم وبحوثهم في متونها بالاستيحاء من تراثها الخصب. والراحل غلاب. ذو مسار أكاديمي مميز. أهله لعضوية أكاديمية المملكة المغربية وأحد أنشط أعضائها. تخرج في قسم اللغة العربية في كلية الآداب جامعة فؤاد الأول جامعة القاهرة حاليًا عام 1944. وأخذ العلم من أساتذتها الأجلاء كما زامل. بحكم موهبته الأدبية المبكرة والناضجة. عددًا من الأدباء والمثقفين المصريين. نجوم المشهد الثقافي المصري في تلك الفترة الصاخبة بالحراك الفكري والأدبي. وعلي صعيد النشاط السياسي والطلابي. ساهم الراحل في تأسيس بيت المغرب العربي بالقاهرة. عاملاً مع رفاقه الطلاب العرب علي نشر واستنهاض الوعي القومي العربي والتعبئة من أجل حرية الدول العربية واستقلالها. وأثناء مقامه في مصر. اندمج في النسيج الثقافي وانضم وهو طالب جامعي. إلي "جماعة الأمناء" التي أسسها ورأسها الشيخ أمين الخولي. وساهم في مجلتها الأدبية كما كتب في مجلة "الرسالة". والفقيد من القادة البارزين في حزب الاستقلال المغربي. اشتغل فترة ليست طويلة بوزارة الخارجية في مرحلة تأسيسها بعد الاستقلال. تفرغ بعدها للنضال الحزبي والكتابة إلي أن عين وزيرًا في الحكومة المغربية من 1981 حتي 1985. إلي جانب انتخابه عضوًا بمجلس النواب خلال ولايتين تشريعيتين 1977 1984 و1993 1997 بموازاة عمله مديرًا لجريدة "العلم" أصبح منذ 1960 إلي 2004 باستثناء فترة توليه الوزارة. لتعارض بين الوظيفتين. أثري غلاب المكتبة العربية بأكثر من سبعين مؤلفًا. عدا كتابات غزيرة نشرها في جريدة "العلم" باعتباره مديرًا وكاتبًا مواظبًا علي الافتتاحيات والمذكرات والتحليلات السياسية. في مواضيع مجتمعية وقضايا الأدب والفكر والسياسة والتاريخ والرواية والقصة والدراسات والفكرية. نشر "غلاب" كتبًا ضمن أدب الرحلات. دون فيها زياراته ومشاهداته في عدد من البلدان والبيئات. زارها بحكم مهنة الصحفي المدعومة بحس أدبي رفيع. ترجمت بعض مؤلفات الكاتب الفقيد إلي اللغات الأجنبية. ونال عديدا من الجوائز التي توجت مسيرته الإبداعية والثقافية والسياسية الحافلة. مثلما حظي بالتكريم والإشادة من طرف عدد من المحافل الفكرية والثقافية داخل وخارج بلاده. وبغيابه. يفقد الاتحاد العام للأدباء العرب سندًا معنويًا لا يعوض. فقد دافع دائمًا عن منظمتنا وهو رئيس لاتحاد كتاب المغرب. ودعا إلي تطويرها لتؤدي الأدوار المأمولة منها انسجامًا مع تطلعات الأدباء والكتاب العرب الساعين من جهتهم إلي الارتقاء بالإبداع الأدبي. وذلك عبر تضافر الجهود وتبادل الخبرات والتجارب الإبداعية. يصعب في هذا النعي. اختزال حياة رجل زاخرة بالعطاء. ميز سائر أطوارها اخلاص الراحل للقيم الإنسانية النبيلة وانخراطه بكل موهبته وذكائه في خضم مشروع التجديد الثقافي والأدبي بالوطن العربي.