جولة الرئيس عبدالفتاح السيسي التي بدأها أول أمس لزيارة أربع دول إفريقية هي: تنزانيا ورواندا والجابون وتشاد هدفها في المقام الأول بحث الملف المائي والأمن في هذا المجال فضلاً عن مكافحة الإرهاب والعلاقات السياسية والتجارية لمصر مع الدول الأربعة. تأتي أهمية علاقات الأمن المائي لدول حوض النيل نتيجة لتأخر المكتب الفرنسي "بي.آر.إل" من تقديم تقريره الفني عن هيدروليكا مياه النيل إلي كل من مصر وإثيوبيا والسودان وهي الدول المهتمة بسد النهضة الإثيوبي رغم انتهاء المدة الزمنية الممنوحة للمكتب وهي ما بين 8 أشهر و11 شهراً بدأت في سبتمبر 2016 من العام الماضي. ولم يصدر عن المكتب الأسباب التي دعته لتأخير تقريره إلي الآن.. رغم ما تعانيه مصر من شح في مياه النيل وشكوي ملاك الأراضي الزراعية من بوار أراضيهم. وكانت قد سبقت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي للدول الأربع الإفريقية زيارة قام بها الدكتور محمد عبدالعاطي وزير الموارد المائية والري لكل من تنزانياوكينيا. واجتمع الوزير المصري مع وزير المياه والري التنزاني.. وقام بزيارة جزيرة زنجبار واجتمع مع الوزراء المعنيين بملف المياه بعد أن طلبت تنزانيا من مصر دعماً في مجال التدريب وبناء الكوادر الفنية في تنزانيا. وتوجه الوزير إلي كينيا واجتمع مع وزير المياه الكيني لبحث سُبل دعم التعاون الثنائي مع دول حوض النيل وتدشين مشروعات مذكرة التفاهم الموقعة بين الوزارتين في أغسطس 2016 الخاصة بحفر آبار مياه جوفية لمياه الشرب وإنشاء سدود لتجميع مياه الأمطار. أكد الرئيس السيسي في زيارته لتنزانيا ولقائه مع الرئيس جون ماجوفولي حرص مصر علي التشاور المستمر مع الجانب التنزاني خاصة في القضايا المتعلقة بالبحيرات العظمي.. وقال إن مصر وتنزانيا دولتان شقيقتان يربطهما نهر النيل الخالد في طريق طويل من الكفاح بقيادة نماذج تاريخية مثل الزعيم الراحل جمال عبدالناصر. وفي مقدمة زيارة السيسي لتنزانيا التعاون في مكافحة الإرهاب أيضاً.. فقد قتلت الشرطة التنزانية يوم الخميس الماضي 13 شخصاً علي الأقل لتورطهم في عمليات القتل لضباط شرطة وعثرت علي كمية من الأسلحة.. وكان قد قتل قبل ذلك 40 شخصاً نتيجة لانعدام الأمن مما يستوجب التعاون بين البلدين في مكافحة الإرهاب. أما بالنسبة لزيارة الرئيس لدولة تشاد.. فهذه الدولة تربطها حدود مشتركة مع كل من ليبيا والسودان.. ومن هنا فإن الأوضاع الأمنية في مصر تكون أساساً لزيارة الرئيس السيسي لتشاد للعمل علي منع الإرهابيين والمتسللين لمصر عن طريق ليبيا أو عن طريق السودان. قالت الهيئة العامة للاستعلامات في مصر بأن الأوضاع الأمنية في منطقة الساحل والصحراء أبرز أبعاد التنسيق المصري التشادي لما لدولة تشاد من أدوار مهمة في تلك المنطقة.. خاصة في ضوء استضافة مصر اجتماعات وزراء دفاع دول الساحل والصحراء في العام الماضي.. والمبادرة المصرية لإنشاء مركز لمكافحة الإرهاب. يتأكد الآن أن الهدف من زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي لأربع دول إفريقية هو التركيز علي الأمن المائي لدول حوض النيل وبحث مقاومة الإرهاب.. إلي جانب قضايا أخري تعزز العلاقات بين مصر وهذه الدول في مقدمتها العلاقات الاقتصادية والتجارية وفتح أسواق جديدة لمصر والتبادل التجاري بينها. قالت مني عمر مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون الإفريقية إن الزيارة تأتي في ضرورة فتح أسواق جديدة لمصر في إفريقيا خاصة في دول حوض النيل. أكدت أن تنزانيا لديها قدرة علي تحقيق الأمن الغذائي لمصر إذا خطط لذلك بالشكل السليم.. كما أن الجابون من الدول الغنية في مجال التعدين والبترول ويمكن لمصر فتح أسواق جديدة بها.. وأن الزيارة تؤكد رغبة مصر في تحسين التجارة بينها وبين تلك الدول. الرئيس السيسي يسعي لأن ترسخ مصر أقدامها في القارة الإفريقية لتستعيد دورها الريادي فيها والتأكيد علي عدم التدخل في شئونها الداخلية.. وحل النزاعات القائمة بينها بالطرق السلمية.. وإقامة علاقات سياسية وتجارية واقتصادية بينها لتتكامل دول القارة في هذه المجالات.. والتأكيد علي الأمن المائي ومكافحة الإرهاب. ولا شك أن هذه الزيارة ستتبعها زيارات أخري للدول الإفريقية لهذا الغرض وسوف تستقبل مصر زيارات للقادة الأفارقة للتنسيق بينها ودعم علاقات القاهرة مع هذه الدول.