التبرع بالشعر لمرضي السرطان أحد أنماط التبرع غير المعتادة والتي ظهرت بشكل كبير في الفترة الأخيرة بين أوساط الفتيات بمختلف الأعمار اللاتي يعتبرن بهذه الطريقة انهن يقدمن دعما نفسيا لرفع الروح المعنوية للمرضي ومشاركتهم علي نحو ايجابي وفعال خاصة وأن الشائع عن مرضي الأورام انهم يفقدون شعرهم نتيجة تأثير العلاج الكيماوي الذي يتلقونه لذلك التفتت الفتيات لهذه الناحية. حيث تشعر النساء والفتيات بأهمية الشعر لدي المرضي وخاصة النساء فيقمن بقص شعرهن والتبرع به لمستشفيات السرطان المختلفة حتي تتدبر إدارة المستشفيات الأمر وتحويله لشعر مستعار يستخدمه المرضي بديلا عن شعرهن الذي فقدوه!! فتحت "المساء" النقاش مع مجموعة من خبراء النفس والاجتماع حول مسألة قص الشعر والتبرع به لصالح مستشفيات الأورام الأمر الذي أثني عليه الخبراء وأكدوا علي دوره الفعال كنوع من المشاركة الاجتماعية وترسيخ مبدأ التكافل والمردود النفسي الإيجابي علي المرضي أجراً واعتبروا أن التبرع المادي أو بشعر مستعار أولي من ذلك. أما أطباء الأورام أوضحوا مدي تفاعل المرضي مع هذا النوع من التبرع ودوره في تحسين حالتهم النفسية التي تسهم بشكل كبير في العلاج. * ا. م "طالبة بالجامعة" قالت إن إحدي أصدقائها المقربين أصابها "كانسر" في المخ وعند زيارتها عدة مرات لاحظت أن شعرها كان يخف فترة تلو الأخري وظلت هكذا بسبب العلاج الكيماوي حتي سقط شعرها بأكمله وبعد ثلاث سنوات فارقت الحياة وبعض أصدقائي كانوا يحكون عن معاناة أقاربهم من المرض اللعين فتذكرت صديقتي التي كانت تسوء حالتها النفسية وتبكي لسقوط شعرها لذلك قررت أن اتبرع بشعري لمستشفي علاج السرطان ليكون في ميزان حسناتي وعلي الأقل أكون سبباً لفرحة إحدي المرضي المصابين بالسرطان والتعامل في هذا الجانب يكون من خلال إدارة المستشفي وله مقاس معين للشعر وضروري أن يكون ناعما. * غ. م "خريجة هندسة" أكدت انها بعد أن شاهدت حلقة للمذيعة مني الشاذلي تقص شعرها علي الهواء لتتبرع به تحفزت لذلك خاصة بعد ما قرأت عن المرض جيدا وأن العلاج يتسبب في سقوط الشعر وشعرت بهذا الاحساس الصعب بأن تفقد امرأة تاجها وزينتها ولأن شعري طويل لم أتردد خصوصا بعد أن شاهدت أيضا أطفالا بعدد من الدول يتبرعن بشعرهن لمستشفيات الأورام ولكن ما أحزنني عندما تقدمت لمستشفي "57357" للتبرع به إلا أن الإدارة قالت انها أوقفت هذا النوع من التبرع فدلني بعض الأصدقاء علي مستشفيات أخري تقبل التبرع بالشعر وأتمني أن يسعد من حصل عليه وتتحسن حالة هؤلاء المرضي ويشفون من هذا المرض اللعين. * د. عوض الكيال استاذ جراحة الأورام جامعة عين شمس يقول السؤال الأساسي لمريض السرطان لما أخد كمياوي شعري هيقع فالتبرع بالشعر أحد نماذج التبرع التي لها جدوي حقيقية وترفع من الروح المعنوية للمريض ويساعدنا في العلاج حيث ان الحالة النفسية المرتفعة للمريض تزيد من قوة جهازه المناعي الذي يكون في معركة مع الخلايا السرطانية فيقوي علي مواجهتها. أضاف أن موضوع التبرع بالشعر بخلاف إنها لفتة انسانية هائلة لأن الانسان يتنازل عن جزء خاص به تعتبر دافعاً حيوياً ومشاركة فعالة تفيد المرضي وتحفزهم علي المقاومة فمريض الأورام يحتاج لجميع أوجه الدعم العاطفي والمادي. أشار إلي أن من يقوم بالتبرع بالشعر يكون هناك تنسيق بينه وبين إدارة المستشفي الذي يتوجه اليه المتبرع وتتولي الإدارة الأمر. * د. ناجي سامي "استاذ مساعد علاج الأورام بطب عين شمس يقول التبرع بالشعر للمرضي ظاهرة موجودة ببعض دول العالم وتستخدم للتعبير عن التضامن والمشاركة لكن في مصر هذا النوع من الدعم محدود ولا يتعدي حالات فردية وبعضها تكون لفتيات يتمتعن بشعر طويل وناعم فيقصونه بمقابل مادي ويكون بهدف بيعه وعدد محدود جدا من يقمن بقصد التبرع لكن هناك حالات عديدة من المرضي أهلهن يجلبن إليهن باروكة من الخارج مصنوعة من شعر طبيعي لأن سعرها في مصر غالية جدا. أضاف ان المرضي ممن سقط شعرهم نتيجة العلاج يتفاعلون مع هذا الشعر المستعار بنسبة لا تتعدي 10% لانهم يدركون جيدا انها زائفة ويعلمون انها صناعية وليس شعرهم الحقيقي. د. جبر محمد جبر "استاذ علم النفس الاكلنيكي جامعة بورسعيد يقول كل انسان يجود بما يستطيع ففعل الخير غير مرتبط بشيء معين فهناك من يتصدق بالملابس أو المال أو هذا النوع من التبرع بقص الشعر لمستشفي من أمراض السرطان لتصنعها لعمل شعر مستعار لمن يحتاج إليه من المرضي الذين خسروا شعرهم بتأثير العلاج بالكيماوي فهذا شكل من أشكال فعل الخير ونوع من الدعم الايجابي وفي حديث عن الرسول الكريم يقول من كان معه فضل ظهر فليعد به علي من لا ظهر له ومن كان له فضل من زاد فليعد به علي من لا زاد له". أوضح أن هناك تجربة فعلية أجريت في رسالة دكتوراه للدكتور محمود عطية اسماعيل في جامعة المنوفية مضمونها اعداد علاج نفسي لمريض بفيرس سي علي مريض في مستشفي دكتور عبدالرحمن الزيادي بالدقي أكدت مدي تأثير الحالة النفسية علي العلاج العضوي فالدعم النفسي عامل مساعد وفعال وايجابي في العلاج. د. علي الخشيبي "استاذ اجتماع جامعة عين شمس" يري أن قص الشعر بهدف المشاركة الوجدانية مع مريض عمل انساني وظاهرة اجتماعية نتمني أن تسود إذا كان الغرض من ورائها دعم ومشاركة مرضي السرطان الذين يعانون وبالتأكيد يسهم هذا السلوك في شعورهم بالمودة والتأخي مع غيرهم من الأصحاء خاصة وأن هؤلاء المرضي بالأورام يفقدون الثقة في كل شيء فعندما يستغني شخص عن شيء نابع من شخصه لها دلالة اجتماعية غاية في النبل فهذا النوع من الدعم أو الشكل المختلف من التبرع لا يغني عن المساهمة المادية وجميع أوجه الدعم الذي يحتاجه مثل هؤلاء المرضي. د. سيد عفيفي "استاذ علم اجتماع جامعة القاهرة" يقول تقوم بعض الفتيات والمشاهير بقص شعرهن للتبرع به لصالح مستشفيات الأورام خاصة للأطفال والنساء المرضي كنوع من المشاركة الاجتماعية والنفسية أسلوب فعال ومشاركة ايجابية خاصة واننا نعرف إن العلاج بالكيماوي يؤدي لسقوط شعر المرضي مما يترك أثرا غاية في السوء بنفوسهن لذلك التبرع بجزء من الشعر لعمل "بواريك" ليظهر المرضي بشكل طبيعي يدعمهم معنويا خصوصا وان معظم التبرعات التي يتلقونها مرضي السرطان تأتي علي هيئة تبرع مادي أو علاج أو ملابس لكن التفكير في معاناتهن النفسية نتيجة سقوط شعورهن هذه الطريقة تحسن من حالتهن النفسية وترسخ مبدأ التكافل والشعور المجتمعي وقد يكون هناك أشخاص غير قادرين علي التبرع بالفلوس لكنهم يمتلكون شعراً طويلاً فيقومون بقص جزء منه حتي يشعروا بدورهم في المشاركة الاجتماعية فكل شخص يتعامل مع المواقف الانسانية حسب امكانياته وقدراته. أشار إلي أننا نري في الفترة الأخيرة مظاهر اجتماعية غاية في الروعة من خلال تجمع الشباب والأصدقاء ليسوا من المشاهير أو الفنانين لزيارة المرضي بعدد من المستشفيات لدعمهم نفسيا وإعداد صدقات معهم وقضاء أوقات ترفيه تبث الأمل فيهم. د. عبدالحكم الصعيدي "استاذ بجامعة الأزهر" يقول: قص الشعر والتبرع به لصالح مرضي السرطان مجرد عاطفة لا أجر فيها ولا جزاء فلا ينبغي السير وراءها فالمفترض ان ندعم المرضي والمحتاجين بالوسائل الشرعية والمساعدات المادية خاصة وان فكرة قص الشعر قد تشوبه حرمانية في ضوء حديث الرسول الكريم "لعن الله الواصلة والمستوصلة" هي التي تقوم بوصل شعر بشعرها ومنه الباروكة فذلك محرم لانه تزييف للحقيقة وإذا كانت ترغب إحدي النساء في هذا الشكل من التبرع فلتشتري للمرضي هذا الشعر المستعار أو تتبرع ماديا من أجل علاجهن. الشيخ علي أبو الحسن "رئيس لجنة الفتوي في الأزهر سابقا" يقول الشعر بالنسبة للمرأة له أحكام خاصة فلا يجوز بيعه ولا التبرع به لأنها تكون بذلك عاصية حيث أضاعت جزءاً من خصائصها حيث يعامل الشعر عند المرأة كجزء من جسمها لا يوهب ولا يباع فإذا اقدمت علي قصه وظهرت بشعر قصير أشبه بالرجال فهذا حرام فلا صدقة عن حرام!! أما إذا تحقق شرطان فلها أجر وهما ألا يضرها الشعر المنقوص منها في شيء بمعني أن تظهر بشعر فلا تغير من شكل المرأة ويجعلها تشبه الرجل.. الشرط الآخر ان يكون بقصد التبرع بنية الصدقة والشعور بالغير وليس بغرض البيع.