نحن في حاجة ماسة إلي إعادة النظر في سلوكياتنا وحياتنا.. نحن مصابون بأمراض خطيرة وفتاكة وهذا يرجع إلي سوء فهم معظم المسلمين لدينهم وان أهم الأمراض تكمن في غياب العقل وانتشار الفكر الخرافي والاستخفاف بالعلم وأصبح الناس يسيرون وراء الخرافات والأوهام والدين هو بداية الاستقامة إلي الطريق الصحيح. بهذه الكلمات بدأ الدكتور شريف شحاتة حواره مع "المساء" مؤكدا ان مواقع التواصل الاجتماعي أفسدت عقول الشباب بالكذب والتضليل.. كما حذر من التشدد والغلو في الدين الذي ينتهجه بعض العلماء والمشايخ.. شدد علي ضرورة التصدي للأفكار الخبيثة والهدامة التي تحاول تشويه الدعاة. أشار الداعية الإسلامي د.شريف شحاتة إلي أن الإعلام يقع عليه العبء الأكبر في تشكيل الأخلاق والقيم. نبه إلي أن النقد الذاتي هو بداية طريق الإصلاح.. وذلك يكون بالإرادة لأن نمد اليد لتناول الدواء للتغلب علي المحن والمتغيرات التي طرأت علي المجتمع. أوضح ان ديننا الحنيف يدعو إلي وحدة الصف والمحبة بين الناس أجمعين وان الفهم الخاطئ للدين كارثة ويدمر نسيج الأمة بأكملها. تساءل كيف يشعر الناس بالأمن والاستقرار في ظل الكذب وفساد الأخلاق؟! * في البداية سألنا الداعية الإسلامي الدكتور شريف شحاتة عن أسباب ابتعاد الشباب والنشء عن التمسك بالقيم والأخلاق الحميدة؟ ** أجاب: لا شك ان الإعلام يلعب الدور الأكبر في تشكيل الأخلاق وبالذات عندما يتم عرض بعض المسلسلات أو الافلام التي تحتوي علي مشاهد البلطجة أو كثرة ظهور السلاح والمخدرات وأيضا العري وكذا التلويح بالألفاظ والايحاءات الجنسية وغيرها. اضاف عندما يجد المشاهد من الشباب أو النشء ذلك علي الشاشة فإنه يعتبره أمرا طبيعيا وبالتالي يصل إلي إحدي مراحل ثلاث. * وهل هذه المشاهدة كفيلة بتشكيل وجدان النش؟ أم أن هناك عوامل أخري؟ ** الشباب أو النشء عندما يري ذلك فإنه يصاب بالحيرة وبالتالي يصل إلي إحدي مراحل ثلاث. * وما هي تلك المراحل؟ ** أولا: أن يقلد ما يراه. ثانيا: أن يعتبر نفسه ظلم في تربيته بأنه صاحب قيم.. رغم ان الوضع الحالي لا يفضل ذلك. ثالثا: أن يتمسكوا بقيمه وأخلاقه مهما كان وهذا هو المطلوب. * وهل الإعلام وحده وراء نفرة الشباب من الدين أم أن هناك عوامل أخري؟ ** أبدا الاسرة والتربية تأتي في المقام الأول وذلك نظرا لانشغال رب الأسرة بتحصيل الفلوس والسعي علي المعيشة وغالبا لا يلتقي أسرته لأنه يعود مجهدا فيركن إلي النوم دون ان يجلس وسط أولاده ويلقي عليهم بنصائحه أو تهذيب سلوكياتهم. * وماذا عن دور وسائل التواصل الاجتماعي؟ ** يجيب الدكتور شريف شحاتة قائلا: تكمن الطامة الكبري في الفيس بوك والسوشيال ميديا لأنه لا رقابة عليها وتروج للكذب والتضليل والسخرية والاستهزاء وربما السب واللعن بحجة انها حرية تعبير أو انني اكتب كل ما يروق لي دون رقيب أو حسيب. * وهل لاختيار الأصحاب دور في انحراف السلوك وتغيير المسار؟ ** نعم.. الصحبة مهمة جدا وقد أمر النبي صلي الله عليه وسلم بضرورة اختيار الأصحاب حيث قال صلي الله عليه وسلم "المرء علي دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" فأصبح الشاب يقدس أصحابه ربما أكثر من قيمه ودينه وبالتالي تحتاج مراجعة المفاهيم التي تتعلق بمفهوم الأصحاب وحقوقهم أو أدب التعامل معهم. * في رأيك ما السبب وراء نفرة الشباب من الدين؟ ** نفرة الشباب من الدين له أسباب عديدة قبل أن نذكرها توضح الفرق بين الدين والتدين.. فالدين هو العلم الشرعي الثابت.. أما التدين فهو سلوك الفرد مهما كان فإذا أساء يكون أساء الفرد وليس الدين وإذا أحسن فقد أحسن الفرد وأضاف للدين وبالتالي ينفر الشباب من الدين لهذه الأسباب. * وما هي تلك الأسباب؟ ** يؤكد الداعية الإسلامي د.شريف شحاتة: أولا يأتي التشدد والتضييق من بعض العلماء والمشايخ علي رأس هذه الأسباب فليس المقصود ان نحلل الحرام لأن الحرام بيّن والحلال بيّن لكن ما أقصده هو الأخذ بالآراء المتشددة سواء في الفقه أو الفتوي أو طريقة الاجابة والتوصيل. الأمر الثاني تشويه نماذج الدعاة عن طريق قص ولصق وتركيب فيديوهات مقطوعة ومزيفة ونشرها علي وسائل التواصل الاجتماعي مما يتسبب في اثارة البلبلة أو تشويه هذه النماذج الوسطية التي اجتمع عليها الكثير من الشباب. * هل هناك أشياء أخري تسببت في نفرة الشباب من الدين؟ ** بالتأكيد تداول بعض الكتب الدينية التي لم يتم مراجعتها أو تقييمها ومن ثم لا يعلم الناس من المؤلف.. أو الكاتب.. وبالطبع تنتشر هذه المؤلفات وتلك المقالات ويعتبرها الشباب منهجا دينيا وبالتالي تؤدي إلي التشتت والبعد عن الدين. * وهل هناك روشتة للإصلاح والعودة إلي صحيح الدين؟ ** يضع الدكتور شريف روشتة الإصلاح وتتمثل في ترغيب الناس في التوبة وتجديد العهد مع الله دوما وعدم اليأس من روح الله واحسان الظن به دائما وأبدا. يضيف: نحن نعرف الدواء ولكن ليست عندنا الإرادة لأن نمد اليد لأخذ هذا الدواء. علينا أن ندرك عيوبنا أولا.. لأن طريق الإصلاح هو النقد الذاتي ومعرفة العيوب ويقوم كل فرد منا بعمله باخلاص للمجتمع الذي يعيش فيه حتي يتغلب علي هذه المحن. نحن في حاجة إلي إعادة النظر في سلوكياتنا وحياتنا.. ان مكمن الخطر في سوء الفهم معظم المسلمين لدينهم وسوء الفهم هذا يعد كارثة كما ان غياب العقل وانتشار الفكر الخرافي والاستخفاف بالعلم يدمر كل القيم والأخلاق.. لقد اصبح الناس يسيرون رواء الخرافات والأوهام فالخطاب الديني والسياسي بحاجة إلي إعادة النظر والإصلاح ليس ان يبدأ من اليوم وليس غدا وذلك يكون بتكاتف كل الهيئات والمؤسسات ويتوحدوا فيما بينهم فكريا وعمليا لأن الإسلام يدعو إلي توحيد الصف والمحبة بين الناس. يجب التركيز علي الدعوة إلي الإخاء وان نصفي قلوبنا ونتوب إلي خالقنا.. وأن نصون دماءنا وأعراضنا وألا نستجيب لدعوات أهل الهدم والشر الذين يريدون ان يصوبوا سهامهم إلينا. ان الحياة لا تستقيم ولا يستمر للمجتمعات البشرية بقاء ولا وجود بغير الأخلاق الحميدة إذ لو سادت في الحياة الفاحشة والكذب والظلم والفسوق واختفي الاخلاص والتعاون والأمان والمحبة والرحمة فكيف تستقيم الحياة وكيف يشعر الناس بالأمن والسكينة والاستقرار. ولا شك ان الفضائل الأخلاقية والسلوكية والوجدانية ما هي إلا ثمرة من ثمرات الإيمان الراسخ والتنشئة الإسلامية الصحيحة.