من ألفاظ القرآن بعث أصل البعث: إثارة الشيء وتوجيهه. يقال: بعثته فانبعث. ويختلف البعث بحسب اختلاف ما علق به. فبعثت البعير: أثرته وسيرته. وقوله عزل وجل : "والموتي يبعثهم الله" الأنعام: 36. أي: يخرجهم ويسيرهم إلي القيامة. "يوم يبعثهم الله جميعاً" المجادلة: 6. "زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلي وربي لتعبثن" التغابن: 7. "ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة" لقمان: 28 فالبعث ضربان بشري. كبعث البعير. وبعث الإنسان في حاجة. وإلهي. وذلك ضربان أحدهما: إيجاد الأعيان والأجناس والأنواع لا عن ليس "الليس: اللزوم". وذلك يختص به الباري تعالي. ولم يقدر عليه أحد. والثاني: إحياء الموتي. وقد خص بذلك بعض أوليائه. كعيش صلي الله عليه وسلم وأمثاله. ومنه قوله عز وجل : "فهذا يوم البعث" الروم: 56. يعني: يوم الحشر. وقوله عز وجل : "فبعث الله غراباً يبحث في الأرض" المائدة: 31. أي: قيضه. "ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً" النحل: 36. نحو: "أرسلنا رسلنا" المؤمنون: 44. وقوله تعالي: "ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصي لما لبثوا أمداً" الكهف: 12. وذلك إثارة بلا توجيه إلي مكان. من طرائف الحمقي يحكي أن أحمقين اصطحبنا في طريق فقال أحدهما للآخر تعال تمن علي الله فإن الطريق تقطع بالحديث. فقال أحدهما أنا أتمني قطائع غنم انتفع بلبنها ولحمها وصوفها. وقال الآخر: أنا أتمني قطائع ذئاب أرسلها علي غنمك حتي لا تترك منها شيئاً. قال: ويحك.. أهذا من حق الصحبة وحرمة العشرة فتصاحيا وتحاصما واشتدت الخصومة بينهما حتي تمساكا بالأطواق ثم تراضيا من أن أول من يطلع عليهما يكون حكماً بينهما فطلع عليهما شيخ بحمار عليه زقان من عسل فحدثاه بحديثهما فنزل بالزقين وفتحهما حتيس ال العسل علي التراب وقال: صب الله دمي مثل هذا العسل إن لم تكونا أحمقين. الإعجاز في قوله تعالي: "ألم تر أن الله يزجي سحاباً ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاماً فتري الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار" النور: .43 يقول المفسرون: ألم تر أن الله يزجي سحاباً أي أن يسوق ويدفع الغيوم برفق وسهولة. ثم يولف بينه أي بأن يجمع سحابة مع سحابة أخري. ثم يجعله ركاماً أي متراكماً بعضه فوق بعض. فتري الودق يخرج من خلاله أي تري المطر يخرج منه. وينزل من السماء من جبال فيها من برد أي من قطع عظيمة تشبه الجبال قام العلماء حديثاً باكتشافات مبهرة حول تشكل البرد في الغيوم. ولاحظوا أن أول شيء يتشكل هو الغيمة التي تدفع بواسطة الرياح حتي تلتقي مع غيمة أخري وهكذا تجتمع الغيوم بعضها فوق بعض بفعل التيارات الهوائية التي تسمي تيارات الدفع حتي تشكل الغيوم الركامية. ثم بعد ذلك عندما ترتفع الغيمة الركامية لعدة كيلو مترات تبدأ حبات البرد بالتشكل. ثم وبفعل اليتارات الهوائية تبدأ بالتساقط علي الأرض ومنها ما يبقي من الغيمة أو يذوب قبل أن يصل إلي الأرض.. ويقول العلماء إن البرد يترافق دائماً بومضات البرق. وإن البرق يتشكل في الغيوم التي تحوي حبات البرد. وإنه لا يتشكل إلا في الغيوم الركامية العالية. ولذلك قال تعالي: "وينزل من السماء من جبال فيها من برد" وهذا من إعجاز القرآن العظيم.