شهد الرئيس عبد الفتاح السيسي احتفال مصر بليلة القدر والذي نظمته وزارة الأوقاف. حضر الاحتفال رئيس مجلس الوزراء المهندس شريف إسماعيل وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ومفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام ورئيس مجلس النواب الدكتورعلي عبد العال ووزير الأوقاف رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الدكتور محمد مختار جمعة والوزراء وبعض المحافظين وسفراء الدول الإسلامية والعربية. ويلقي الرئيس السيسي في الاحتفال كلمة حول مجمل القضايا الإسلامية الراهنة محليا ودوليا ولتهنئة المسلمين في مصر والعالم الإسلامي بتلك المناسبة. كما يكرم رئيس الجمهورية خلال الاحتفال أوائل الفائزين في المسابقة العالمية لحفظ وتفسير القران الكريم التي نظمتها وزارة الأوقاف بفروعها الأربعة وهم 8 أوائل الفائزين بكل الفروع منهم 3 من مصر. كما يلقي كل من شيخ الأزهر ووزير الأوقاف كلمة بهذه المناسبة حول جهودهما لتجديد الخطاب الديني والعناية بحفظ القران الكريم. هنأ الرئيس السيسي الشعب المصري والعالم الاسلامي خلال كلمته الذي القاها في احتفال وزارة الأوقاف بليلة القدر. وفيما يلي نص كلمة الرئيس: أتوجه إليكم والمسلمين في انحاء العالم بالتحية والتقدير والتهاني.. أتحدث اليكم اليوم احتفالا بليلة القدر ذات المكانة الخاصة لدى مسلمي العالم , الليلة التي انزل الله فيها القرأن الكريم يهدي به إلى الخير والسلام والبناء وينهي عن الشر والفرقة والاذى .ليلة وصفها جلى وعلى بأنها كألف شهر " وسلام هي حتى مطلع الفجر" . واليوم إذ نحتفل بهذه الليله نتوجه إلى الله بالرجاء أن يجعلها على الدوام سلام علينا وعلى أمتنا وعلى عالمنا بأسرة ... السيدات والسادة , مضى شهر رمضان الكريم علينا سريعا , جاء في موعده ككل عام ليحتفل به المصريون كعادتهم على طريقتهم الفريدة التي تجمع بين الدين والدنيا في مزيج متفرد بحجم تفرد شخصية هذا الشعب العظيم الكريم الذي عرف كيف يتصالح مع الزمن وصادقه فاستحق أن توصف بلاده بانها أم الدنيا ويكون هو المعلم للانسانية . وقال الرئيس السيسي في كلمته خلال الاحتفال بليلة القدر , ولكن هل تشبه الليلة البارحة ام انه قد جرى تحت الجسور مياه كثيرة , وإذا نظرنا إلى احوالانا وتسألنا بصدق وصراحة ,, هل نحن راضون عن ما آلات إليه أحوالنا كمصريين ,, وعرب ومسلمين , هل نحن في المكان الذي نريده لانفسنا ولابنائنا وسط دول العالم وحضراته , هل نشارك بقوة وفاعلية وثقة في صنع وقيادة الحضارة الانسانية الحالية , هل نحن في موقع الصدارة في تحقيق الاكتشافات العلمية والتكنولوجية , هل نصدر إلى العالم التسامح والتنوع والتعايش المشترك، وأخيرا هل انتهى الفقر والمرض والجهل من بيننا وأصبحنا آمنين مطمأنين على مستقبل اولادنا وبناتنا . وقال الرئيس السيسي , اسمحوا لي أن اقدم محاولة متواضعة للتفاعل على ما سبق من اسئلة من خلال مناقشة العلاقة بين ثلاثة مفاهيم وهي الفهم الديني والإرهاب والتنمية على أن يطرح نقاش مجتمعي يركز على الصورة الكبيرة الشاملة بدلا من الإجتزاء والاختزال والتحليلات غير الموضوعية .. فأولا لا اخفى عليكم انه قد خرجت من بيننا جماعات وأفراد اساؤا فهم الدين وفي احيان أخرى تعمدوا اساءة فهم الدين واستغلاله لتحقيق اهداف سياسية وذهبوا على مداء عقود من الزمان على التأويل المتعسف للنصوص الدينية ليخرجوا منها ما يجعل الدنيا سوادا ويملا القلوب كراهية ويغرس فالعقول اقصى معاني التطرف والإنغلاق . إن هذه الاساءة المتعمدة لفهم الدين وهذا الخطاب المتشدد الاقصائي لن يساهم فقط في توفير البيئة الخصبة لانتشار الإرهاب والعنف والتطرف ولكن قام كذلك بتسميم مجمل نواحي الحياة بعيدا عن المبدأ التي ارستها الديانات المختلفة والتي تضمنتها الكتب السماوية . لذلك اكرر أن تصويب الفهم الديني وتجديد مجمل الخطاب الديني دون المساس بالثوابت,هو قضية حياة أو موت لهذا الشعب وهذه الأمة وأن ننظر بجدية إلى افكارنا وما نردده وما ننقله وننشره وما نربي عليه ابناءنا وان نعلم الناس الدين الصحيح البسيط السهل الذي يراعي حياة الناس وظروفهم وان نؤسس خطابا دينيا حديثا يبني مجتمعا متماسكا يسوده التسامح والعدل والرحمة خطابا يربي اجيالا قوية واعية مخلصة لوطنها وشعبها ويعيد لمصر مجد ماضيها وتحافظ عليه إلى ما شاء الله . وانني اذ اثمن غاليا واشيد بدور الأزهر الشريف مؤسستنا العملاقة التي نفتخر بها التي كانت على مدار اكثر من الف عام ومازالت وستظل اهلا للافتخار والثقة. وتابع الرئيس السيسي قائلا "السيدات والسادة .. يقودنا الحديث عن تجديد الخطاب الديني إلى ثاني ما يعيقنا عن تحقيق أهدافنا وتبوء ما نتمناه من مكانة, وهو الإرهاب, بكل ما يتسبب فيه من إزهاق للأرواح البريئة وألم في الصدور وشعور بالقلق وعدم الأمان, وإهدار للفرص الاقتصادية وتعطيل للتنمية وتأثير سلبي على مجمل أوضاعنا السياسية والاجتماعية". "والإرهاب كما قلت من قبل في الشهر الماضي يتطلب 4 عناصر لمواجهته والقضاء عليه منها تجديد الخطاب الديني, والتعامل مع جميع التنظيمات الإرهابية بمعيار واحد , وإعادة بناء الدولة الوطنية ومؤسساتها لاستعادة الاستقرار بالمنطقة, وأخيرا منع تمويل الجماعات الإرهابية وإيقاف مدها بالسلاح والمقاتلين " . "اسمحوا لي أن أتحدث إليكم بصراحة, فبينما نبذل نحن حكومة وشعبا أقصى الجهد في مكافحة الإرهاب والتصدي له عسكريا وأمنيا وفكريا وسياسيا, ونبذل كذلك أقصى الجهد في دعم التسويات السياسية السلمية للأزمات القائمة في المنطقة بما يعيد لدولها الاستقرار والأمن ويقضي على الفراغ الذي يستغله الإرهاب ليتمدد وينمو, بينما نفعل كل ذلك نجد أشقاء لنا وغير أشقاء يقومون بدعم الإرهاب وتمويله ورعايته, ونجدهم يوفرون لجماعات الإرهاب وفكر الإرهاب المنابر الإعلامية والثقافية, ينفقون عليها مليارات الدولارات سنويا, ليستميلوا أفئدة الشعوب العربية والإسلامية لهذا الفكر الإجرامي المدمر, يستغلون التكنولوجيا الحديثة وما أنتجته الحضارة الإنسانية لضرب هذه الحضارة وهدم ما حققته الشعوب من مكتسبات وما تنعم به من أمان, وكل ذلك لماذا ابتغاء أوهام الهيمنة والسيطرة والعظمة الزائفة, هل أصبحت مقدرات الشعوب لعبة سياسية, هل تهون أرواح الشباب والرجال والنساء والأطفال من أجل أحلام الزعامة والمجد الكاذبة, هل تستحق هذه الأوهام إزهاق روح إنسانية واحدة, إنني وبكل الوضوح والصراحة أقول لكم وللعالم إنه يجب أن يتم وضع حد لهذا الأمر". وقال الرئيس السيسي "إن التصدى للدول الراعية للإرهاب بكل حزم وقوة أصبح فرضا واجبا اذا ما أردنا إرادة حقيقية لظاهرة الإرهاب , وأقول إن استراتيجية مكافحة الإرهاب يجب أن تسير علي اقدام ثابتة وليست مرتعشة وأن القضاء علي خطر الإرهاب لايمكن ان يتم بدون تدمير بنيته التحتية سواء المالية أو الفكرية ونقول لهذه الدول كفاكم تماديا وتعالوا إلى كلمة سواء نجتمع فيها علي التعاون والخير و البناء لما فيه صالح شعوبنا . كما اقول للشعب المصري العظيم أن أمن مصر القومي هو خط احمر لا تهاون فيه وان مصر ستنتصر بمشيئة الله علي الإرهاب بفضل صمودكم ايها المصريون وبفضل تضحيات رجال القوات المسلحة والشرطة. "السيدات والسادة شعب مصر الابي الكريم اخيرا وليس اخرا لإن الضلع الثاللث من مثلث التقدم هو تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وثيق الصلة بما سبق من مفاهيم فالتنمية الحقيقية الشاملة التي تنقلنا من حال الى حال تحتاج لكي يتوفر المناخ الملائم لها الى خطاب ديني وثقافي وفكري متطور ومجتمع ودولة خاليين من الإرهاب بصوره المختلفة ". "فبدون ثورة فكرية شاملة نغير بها طريقة نظرنا للأمور ونوثق اتصالنا بالعالم الحديث والروح العصرية المنطلقة لن يمكن تحقيق التنمية التي نصبو اليها, فالتنمية لا تقوم علي الاساس المادى فقط بل تستلزم اساسا فكريا ومعنويا وروحيا, ولا أجد أدل من كلمات الاديب الراحل الدكتور يوسف ادريس عندما تحدث عن "فقر الفكر, وفكر الفقر" , فالحقيقة اننا نحتاج الى غني الفكر وثراءه وتجديده وانفتاحه ومرونته والى فكر الغني والرخاء بدل من الضيق والعوز . وأضاف الرئيس السيسي , أن مصر بحاجة إلى جانب ما نحققه من إنجازات تنموية تتزايد يوما بعد يوم , إلى تجديد منهج فكرنا ومواجهة الإرهاب وإضعافه وصولا للقضاء عليه نهائيا وبحيث تنطلق التنمية بسرعة أكبر ووسط ظروف أكثر ملائمة . وبينما نسير في هذا الطريق طريق تمهيد الأرض لتنمية مستدامة حقيقية لم نغفل أن لدينا مسؤلية كبرى تجاة شعبا العظيم لاحتياجاته المعيشية والتنموية ولذلك فضلنا عدم إضاعة المزيد من الوقت واهدار مزيد من الجهد في التحايل على مشكلاتنا الاقتصادية ان نواجهها والتعامل مع جوهرها. كنا ومازلنا في سباق مع الزمن لتصحيح الاختلال الاقتصاد وتوفير سبل المعيشة الكريمة للمصرين . وقال الرئيس عبد الفتاح السيسى , إننا قطعنا طريقا صعبا وحققنا تقدما سريعا تشهد عليه المؤسسات الدولية في وقت قياسي , كما أن احتياطنا النقدي الأجنبي ارتفع إلى معدلات غير مسبوقة منذ عام 2011 بفضل حسن تخطيطنا لمواردنا وأن هذا مجرد بداية لما نرجو الوصول إليه . وأضاف السيسى أن الإحتياطي النقدي الأجنبي المتزايد والنمو المضطرد للناتج المحلي الإجمالي والصادرات التى يرتفع حجمها كل ذلك مؤشرات تطمئن قلوبنا وتؤكد أننا نسيرعلى الطريق الصيحح و بالرغم ما نتكبده من عناء ومشقة في طريق الاصلاح الاقتصادي إلا أننا عاقدون العزم علي الإستمرار حتى نحصد ثمار صبرنا رخاء وتقدما واستقرار لأبنائنا ". ووجه السيسى رسالة في نهاية كلمته للمصريين والأجهزة الأمنية قائلا "من فضلكم انتبهوا لأن هذه الفترة موسم الشر, وبيحاولوا فيها أن ينالو من استقرارنا.. انتبهوا لدور العبادة .. مساجد وكنائس والمنشآت الحيوية كلها للحفاظ على بلادنا " وأضاف "أن الأيام القادمة لابد الانتباه جيدا , ولابد من اليقظة .. لأن هذا وقت الشر لأنهم بيحاولوا فى كل مناسبة طيبة أن يفرحوا بقتلنا وأذيتنا وتدميرنا وهذه حاجة صعبة " . بشكركم واتمنى للجميع كل خير وكل عام وانتنم بخير ومصر في تقدم وسلام وإذدهار .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته "