ساعات ويهل علينا شهر رمضان المبارك.. فهل استعددنا لهذا الشهر الكريم؟.. في رأيي أننا لم نستعد بعد ولن نستعد كما ينبغي لأننا فقدنا احترامنا لطقوس الشهر الجميلة بعد أن تخلي الكثيرون منا عن الورع والتقوي التي كان يتميز بها أجدادنا عندما كانوا يستقبلون هذا الضيف العزيز علي قلوب المسلمين.. فنحن الآن نقوم بالبحث عن كل ما هو جديد في الدراما التليفزيونية وعلي الانترنت من واتس وتويتر وفيس بوك وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي هذا بالاضافة إلي التفنن في إعداد ما لذ وطاب من أصناف الطعام التي تملأ موائدنا بطريقة فجة ومسرفة أكثر من باقي شهور السنة وكأن رمضان شهر الولائم وليس الصيام. ما يؤكد كلامي هذا مقال قرأته للمفكر الراحل الدكتور مصطفي محمود تحت عنوان "لماذا لا يحترم الإعلام العربي رمضان؟" والذي يحكي فيه عما كانت تقوم به والدته عندما كانت تدير التليفزيون ليواجه الحائط طوال شهر رمضان وهو ما كان يسبب له غضباً شديداً شأنه شأن أي طفل يريد أن يستمتع بمشاهدة الفوازير والبرامج المختلفة التي تحتفي بالمناسبة الجليلة وعندما كان يسألها عن السبب تقول له "رمضان شهر عبادة مش فوازير" وكان يتعجب كيف ستؤثر مشاهدة طفل صغير لفوازير علي شهر رمضان؟.. ثم انتقل المفكر الكبير في مقاله بعد مرور سنوات إلي رحلته لأمريكا للعمل وكان اليوم الذي يسبق الكريسماس حيث شاهد عاملاً في بنزينة يضع أقفالاً علي ثلاجة الخمور وعندما سأله عن ذلك قال له ان الولاية تحرم شرب الخمر يوم ميلاد المسيح احتراماً للمناسبة وإذا فقد المجتمع احترام المناسبات فقد كل شيء. بالطبع مقال د. مصطفي محمود لخص ما يجب ان نقوم به تجاه شهر القرآن الذي يحل علينا ضيفاً مرة في العام ويعتبر موسماً لحصد الحسنات وغفران الذنوب وليس موسماً للسباق الدرامي والإسراف في الأكل.. قد يقول البعض إننا نصوم ونصلي التراويح ونختم القرآن مرة في هذا الشهر ولكن لو نظرنا للوقت الذي نقضيه في العبادات نجد أنه لا يتعدي الدقائق في اليوم بينما بقية اليوم إما نوم أو انترنت أو تليفزيون أو تضييع الوقت في ملاهي الخيم الرمضانية. فهل نغير من سلوكياتنا ونتحدي أنفسنا ونغلق كافة مواقع التواصل الخاصة بنا وندير التليفزيون ليواجه الحائط ونتفرغ طوال الشهر الكريم للعبادة والاستغفار وطلب العتق من النار.. أعرف أن هذا صعب إن لم يكن مستحيلاً.. ولكنه أمل لو تعلمون عظيم. إشارة حمراء يعجبني كثيراً تفكير الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي.. فالرجل يبحث عن كل الوسائل التي تحقق مستقبلاً مشرقاً لشعبه بل والأمة العربية.. فبعد ان استحدث وزارتين للسعادة وأخري للتسامح أطلق العديد من المبادرات علي المستوي العربي وآخرها "صناع الأمل" التي خصص للفائز بها مليون درهم عن جهوده في عمل الخير الذي يمنح الأمل وينشر الايجابية في المجتمعات العربية.. وحصل خمسة من العرب كل منهم علي مليون درهم ومنهم المصرية ماجدة جبران أو "ماما ماجي" التي كرست حياتها للفقراء والمهمشين خاصة الأطفال واستطاعت عن طريق مؤسستها الخيرية ان توفر التعليم والتدريب المهني لأكثر من 33 ألف طفل من العشوائيات.. ما أجمل العطاء عندما يكون خالصاً لوجه الله تعالي والارتقاء بالانسانية.. فمثل هذه المبادرات تؤكد لنا ان الدنيا مازالت بخير.