لم يكن البطل المسلم الكردي يوسف صلاح الدين الأيوبي نبياً أو من الصحابة. وليس له نوع من القداسة بحيث نعتبره بطلاً لا تقبل بطولته ومكانته الرفيعة في التاريخ الإسلامي المناقشة. وهذه المكانة التي يتمتع بها صلاح الدين محرر القدس التي نسعي إلي تحريرها الآن جاءت من كتب ومراجع وسير تارخية معتبرة لا مجال للتشكيك فيها. وبعض هذه المراجع أوروبية. ومع ذلك فمن أراد التشكيك في مكانة هذا البطل فليأت بما يؤيد وجهة نظره لا أن يكتفي بسبابه والتقليل من شأنه كما حدث في حوار الدكتور يوسف زيدان مع عمرو أديب حيث لم يكن هجومه علي صلاح الدين الأيوبي مقنعا بأي حال. فلا أحد يمكن أن يقتنع بأن هذا البطل الذي لم يوجد لي أسرته مال يكفي لنفقات جنازته حارب الصليبيين لمجرد أنهم أسروا شقيقته. لكن في الحقيقة يمكن فهم كل شيء ويمكن أن تصبح الأمور منطقية إذا عرفنا الدافع الحقيقي لما فعله يوسف مشتاق. في البداية نشير إلي أن يوسف مشتاق ليس أستاذا جامعيا فهو حاصل علي درجة الدكتوراه ويحاضر في بعض الجامعات لكنه ليس معينا في أي منها. وكان ذلك سبب عقدة تلازمه في حياته حيث يري أنه أولي بالتعيين في السلك الجامعي من آخرين. وسعيا إلي تحقيق حلم حياته لاحظ أن كثيرين ممن يتطاولون علي الإسلام يلقون أعلي درجات التكريم ويعاملون كأصحاب فكر ورأي. وشجعته علي ذلك نوال السعداوي التي تنهال عليها جوائز التكريم لمجرد أنها تتطاول علي ثوابت الإسلام. وكان مثله الأعلي الراحل نصر حامد أبوزيد الذي أنهالت عليه العروض من جامعات عديدة في أوروبا - وافق علي العرض الهولندي - بعد الأزمة التي أثارتها كتاباته المتطاولة علي الإسلام. هنا كانت بدايته مع كتاباته المرفوضة منذ عامين حول القدس وأنها ليست مدينة مقدسة لدي المسلمين وأن المسجد الاقصي يوجد في الطائف وليس في القدس. وكان يطمع وقتها في تكرار حالة أبوزيد فتنهال عليه العروض من جامعات العالم التي يسيطر عليها اليهود. لكن أحدا لم يعره اهتماما حتي من اليهود أنفسهم الذين اختلق لهم حقا ليس لهم في القدس. وهنا قرر يوسف مشتاق الدخول في مجال آخر وهو الاساءة إلي صلاح الدين محرر القدس. لكن نطمئن يوسف مشتاق إلي أنه لن يحصل علي ما يريد ولن يعين أستاذا في جامعة أوروبية أو أمريكية أو كندية لسبب بسيط وهو أن العرض بات أكثر من الطلب. كيف ذلك نضرب مثالا بتركيا وما يقال عن مذابح الأرمن. فالأرمن يدعون أن تركيا قتلت منهم مليونا ونصف المليون في عام 2015. وبدورها -عكس ما هو معتقد - لا تنكر تركيا أنها قتلت عددا من الأرمن لكنها تعترف بأعداد أقل كثيرا مما يعلنه الأرمن. وهي تبرر قتل من قتلت منهم بأنهم تمردوا عليها وكانت الدولة العثمانية تستخدم حقها في تأديب هؤلاء المتمردين. وفي الوقت نفسه كانت ميليشيات الأرمن المعروفة باسم الطاشناق تتعاون مع الميليشيات الروسية في شن غارات علي القري الحدودية التركية فقررت الدولة العثمانية إنشاء منطقة عازلة وترحيل سكان القري الحدودية مع الأرمن. ومات عدد منهم أثناء الترحيل وهو ما تعتذر عنه تركيا. وتقول بعض الكتابات التركية إن الدولة العثمانية قتلت أعدادا من الأرمن لتخويفهم حتي لا يسمحوا للإنجليز بالدخول إلي تركيا من حدودهم كما فعلوا مع الروس. المهم أنه في العصر الحديث ظهرت فئة من الباحثين الاتراك المحسوبين علي البحث العلمي. وكانوا يعدون أبحاثا تبدو علمية في ظاهرها تنتصر لأكاذيب الأرمن. يستخدمها الأرمن ضد بلادهم باعتبارهم شهودا يشهدون من أهلها. في البداية كان الأرمن من خلال جالياتهم القوية في العالم يكافئون هؤلاء بتعيينهم في جامعات أو مناصب رفيعة أو غيرها في دول الغرب. وبعد قليل زاد العرض عن الطلب فلم يعد الأرمن يعيرونهم اهتماما.