أبحث في كل مكان عن أحد "يبل ريقي ويقول لي: إيه حكاية الخطوط الحمراء إلي ملت البلد دي". وآخرها أن الازهر خط أحمر لمجرد ان الدولة طلبت من الازهر أن يتولي تجديد الخطاب الديني.. وفوجئنا بأن الاخوان ألد أعداء الازهر. ومن لف لفهم وأكل علي موائدهم.. ومعهم السلفيون والشيوعيون الملحدون "بتوع الاشتراكيين الثوريين" ومعهم أيضاً المثليون. وذلك الكورس الذي لا ينتمي إلي أي تيار ويغني خلف كل مطرب.. كل هؤلاء يقولون الآن إن الازهر خط أحمر.. وقبل الازهر امتلأ البلد حتي طفحت مجاريه بالخطوط الحمراء.. الاهلي خط أحمر. والزمالك خط أحمر.. والمترو خط أحمر إلي المرج وحلوان. وخط أحمر إلي الجيزة وشبرا.. والخطان الثالث والرابع أيضاً كل منهما أحمر ومحدود الدخل خط أحمر ورغيف الخبز خط أحمر. وحصة مصر في مياه النيل خط أحمر.. والموبايل خط أحمر.. "وأبو شريحتين" كل منهما خط أحمر.. والحمار الوحشي مليء بالخطوط الحمراء. هي إيه موضة الخط الاحمر اللي ماشية في البلد اليومين دول".. حتي أن البلد صار كله خطوطاً حمراء وليالي حمراء ودماء تراق حمراء.. والمضحك انه لا توجد أي خطوط حمراء إلا علي الالسنة والاقلام.. لكن في الواقع لاتوجد إلا خطوط سوداء ورمادية بلا لون.. والصحفيون يقولون إنهم خط أحمر. والمحامون خط أحمر. والقضاة خط أحمر. والفنانون والاطباء والمهندسون والدهاة الجدد.. كل شئ في البلد خط أحمر.. والوحيد .. الوحيد الذي ليس خطاً أحمر هو الوطن.. مصر ليست خطاً أحمر.. وليس لها أي خط كل شئ وكل شخص في هذا الوطن المستباح صار أعلي وأعز من الوطن كل شئ غال ونفيس ومصر وحدها التي هانت ورخصت علي أبنائها بالتبني.. فأبناء مصر بعد عورة يناير صاروا فرقاً وجماعات وتنظيمات وتيارات أعلي وأغلي من الوطن.. أبناء مصر بعد عورة يناير صاروا أبناء بالتبني وليسوا أبناء صلبيين.. بل كثر في هذا البلد أبناء الحرام.. وابن الحرام ليس فقط الذي جاء نتيجة جريمة زنا بين أب مجهول وأم معلومة .. بل هو أيضاً الذي يأكل حراماً وينبت جسده من سحت ويأكل حقوق الوطن والناس ثم يطلب حقه.. أبناء الحرام بهذا المعني كثروا جداً في مصر.. أناء استحلال المال العام.. أبناء الفساد والرشوة والارهاب والدمار والخراب.. أبناءالوسطات والمحسوبيات الذين يأخذون فرص غيرهم الاكفأ منهم. وكثرة ابناء الحرام بهذا المعني الواسع والصائب هي المسئولة عن شيوع زنا المحارم الذين ليسوا محارم.. لان الاب ابن حرام وابنته التي يزني بها بنت حرام.. لأن الاب نبت جسمه من سحت فهو ابن حرام والابنة أكلت السحت فهي بنت حرام.. وهذا هو التفسير الصائب لشيوع زنا المحارم.. فهو ليسوا محارم. بل هم جميعاً أبناء حرام إذا وسعنا المعني إلي أكثر من مجرد الحمل السفاح وأبناء الرحم الرحرام.. والاعلاميون الذين يحبون ان تشيع الفاحشة ويصرخون حول حوادث فردية علي انها ظاهرة أولاد حرام أيضاً.. وهكذا صار أبناء مصر أو كثيرون منهم غير صليبين ولكنهم أبناء بالتبني.. أبناء حرام لابد ان يكونوا عاقين.. ولابد أن يرهقوا الوطن طغياناً وكفراً.. والكفر ليس فقط الكفر بالله.. بل هو أيضاً الكفر بالنعمة والوطن أكبر نعمة واسألوا من يتيهون في الأرض بلا أوطان بعد ان خربوا أوطانهم بأيديهم.. ونحن ورثنا وطناً عظيماً لم نصنعه ولم نتعب في بنائه منذ عهد مينا.. ورثناه علي الجاهز.. والوارث علي الجاهز لا هم له إلا تبديد ما ورثه وبيعه من أجل بطنه وفرجه.. والمنظرة التي ملأت مصر هي منظرة وارثين علي الجاهز.. يأكلون كما تأكل الانعام ثم إذا شبعوا داسوا علي البرسيم والتبن والعلف بأقدامهم وبددوه.. وهكذا يتعرض الوطن المسكين لسلوك البهائم عندما تأكل حتي تشم ومنذ أكثر من ألف عام قالها المتنبي وصدق. ومازال قوله سارياً يشهد بعبقريته: "نامت نواطير مصر عن ثعالبها.. " وقد بشمن وما تفني العناقيد. ومنذ سنين قليلة قال أحد أعضاء الكونجرس الامريكي إن مصر لاتستحق المساعدات لانها ليست بلداً فقيراص. ولكنها بلد مسروق.. "كلام يوجع".. لكنه حقيقي مثلما أنكم تنطقون.. ومن الذي سرق؟ كله بيسرق كله.. وكلنا يسرق الوطن.. نغني له ونهتف له ونسرقه.. نقول: الشعب يريد.. والشعب هو الذي يبدد ويسرق ويبرطع.. وكلنا شعب.. لا فرق بين مسئول ومسطول.. ونحن في أمثالنا نقول: "ابن الحرام ما خلاش لابن الحلال حاجة" وأنا زقول: أبناء الحرام "ماخلوش أي حد ابن حلال".. قتلوا أولاد الحلال هما وكمداً. زبناء الحرام هم الذين اخترعوا الخطوط الحمراء ليتجاوزوها وحدهم.. ولا يتجاوزها غيرهم.. أبناء الحرام والالحاد والشيوعية والاخونة والسلفيين الذين يبدون متناقضين اجتمعوا علي معاداة الوطن.. الذي هم أبناؤه بالتبني وليسوا صلبيين أبناء الحرام يعقون الله.. فكيف لايعقون الوالدين؟ كيف أصدق رجلاً ملحداً شيوعياً فاسقاً يمطر امرأة بكلمات الحب وتصدقه وترتمي في احضانه؟.. هل من يعق ربه ويكفر بالنعمة ويكره الوطن يمكن ان يحب امرأة إلا لرغبة جنسية رخيصة؟ أي خطوط حمراء تلك؟ ثم ما معني تجديد الخطاب الديني الذي تلوكه الدولة "عمال علي بطال كل شوية" نحن نحفظ ولا نفهم.. ومصطلح تجديد الخطاب الديني مصطلح خاطئ تماماً لكن الصواب ان ندعو الازهر إلي الهيمنة علي الخطاب الديني وليس تجديده .. والهيمنة تعني تجريم أي خطاب ديني أو فتوي من خارج الازهر.. وهنا لايكون الامر مطالبة الازهر بتجديد الخطاب.. بل مطالبته بالهيمنة علي هذا الخطاب.. أن تكون الفتوي من خارج الازهر هي الخط الاحمر. ليت المصريين يكفون عن منطق الغراب الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء.. والواضح ان كل خطوطنا الآن "شيش بيش وأحمر منها مافيش"!!!