تَبَّتْ يدا من يكتب أنه لا بد من المواجهة الفكرية والأيديولوجية للإرهاب.. وأنه يجب تجديد الخطاب الديني للقضاء علي الفكر المتطرف.. ولعنة اللَّه علي من يبحث عن مبررات للإرهاب مثل الفقر والبطالة وفساد نظام التعليم وانهياره وغياب حرية التعبير وانتهاك حقوق الإنسان والإقصاء والتهميش وكل هذه التبريرات الخائبة النائبة... "فضوها سيرة بقي.. ونقطونا بسكوتكم".. فلا سبيل لمواجهة الإرهاب إلا الحل الأمني والحسم العسكري واقتناع الناس أو إقناعهم ب "العافية" بأن البلد في حالة حرب حقيقية وطويلة.. ولا بد أن يكون كل شيء فيه للحرب.. اقتصاد حرب. وإعلام حرب. وبرلمان حرب. وسياسة حرب.. الهزل ممنوع والتجاوز ممنوع. ومواقع السفالات والشتائم ممنوعة.. والقول بأن المواجهة الفكرية للإرهاب يعني أن الإرهاب فكر نواجهه بالفكر والأيديولوجيا.. والقول بتجديد الخطاب الديني قول فارغ.. هذا الخطاب الديني هو الذي اعتدناه منذ مئات السنين.. فلماذا لم نصبح كلنا إرهابيين؟!.. وكلنا خريجو النظام التعليمي الفاسد والمنهار. ولكن لسنا جميعاً إرهابيين.. والعاطلون عن العمل "علي قفا من يشيل". وليسوا جميعاً إرهابيين.. وأي سبب لظاهرة ما إذا تخلف عن بعض الظاهرة وظهر في البعض الآخر. فإنه سبب ساقط وغير حقيقي... سبب وهمي كاذب... كلنا أبناء نظام تعليمي فاسد وكلنا أبناء الخطاب الديني القديم.. وانتهاك حقوق الإنسان سبب ساقط أيضاً.. لأن الإنسان قبل أن يطلب الحقوق لا بد أن يكون إنساناً أولاً.. فلا حقوق لمصاصي الدماء والخونة وعملاء الاستخبارات الإقليمية والدولية.. لا حقوق لكلاب ضالة ترتدي سترات وأحزمة ناسفة. نحن في مصر بين مُرَّيْن وشَرَّيْن.. ولسنا بين خير وشر أو بين حسن وسييء.. وقد روي عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال: "الإمام الظالم خير من الفتنة أو الإمام الجائر خير من الفتنة وكل لا خير فيه وفي بعض الشر خيار". أي والله.. في بعض الشر خيار.. وعليكم أيها الجالسون في القاعات المكيفة والقابعون خلف مواقع السفالات.. وعليكم أيها المصريون جميعاً أن تختاروا بين تجاوز الشرطة أو تجاوز الإرهابيين والبلطجية.. ليمُت قتلاً عشرة إرهابيين ومعهم بريء واحد.. ولكن لا ينبغي أن يموت قتلاً وتفجيراً مائة بريء.. يتحدثون عن قمع الشرطة والتعذيب في السجون والدولة البوليسية والأمن الوطني.. كم مصرياً شعر بوجود الأمن الوطني حوله منذ ولد حتي يموت؟!.. كم مصرياً تعرض للقمع والتعذيب الذي يتحدثون عنه؟!.. كم مصرياً شعر بدولة بوليسية تحيط به؟!.. مائة.. ألف.. عشرة آلاف.. مائة ألف؟ "ماشي".. لم يشعر بذلك إلا المنحرفون واللصوص والبلطجية والمشبوهون والإرهابيون ومرتادو علب الليل والساقطات وتجار المخدرات والمخالفون. "هب أن هناك كمين شرطة كل نصف كيلو من القاهرة إلي الإسكندرية".. هذا أمان للملتزمين وخوف ورعب للمخالفين الذين يتصلون ببعضهم عبر الهواتف ليقولوا: "خللي بالك.. فيه لجنة قدامك ادخل من الطريق المظلم علي اليمين"... الطوارئ لمن وضد من؟!.. "جاوبوا انتوا".. هب أن الشرطة والجيش عدوك اللدود "ما تمشي عدل يحتار عدوك فيك"... تخيل أن هناك من يقول: "وهم الإخوان طبعاً" إن الدولة هي التي دبرت تفجيري الكنيستين لتتخذ من ذلك ذريعة لفرض الطوارئ!!.. هذا القول ليس مفاجئاً من الإخوان ومَن وَالاهُم.. لكن المحزن أن كثيراً من المصريين الأغبياء يصدقونه.. "مافيش فايدة".. وهذا الذي قال إن قانون الطوارئ أو حالة الطوارئ لا تعني تكميم الأفواه. هو رجل طوال عمره أفاك أثيم "وعبده مشتاق".. بل هو لتكميم الأفواه والأقلام التي تنضح صرفاً صحفياً وإعلامياً.. وتكميم مواقع السفالات التي صارت مراحيض لا بد من ردمها وسدها.. وأنوف المصريين اعتادت الروائح الكريهة.. بل تتلذذ بها.. وترفض الروائح الزكية العطرة وتتأفف منها.. ولا سبيل لسد الأنوف.. لكن السبيل هو ردم المجاري وإيقاف الصرف الصحفي والإعلامي والمواقعي. وقد قلت مليون مرة إن الدولة التي تمسك العصا من المنتصف دولة راقصة.. لا حاسمة ولا قاطعة والعصا من المنتصف لا تصلح للضرب أو للهش علي الغنم أو للتوكؤ عليها.. لا تصلح إلا للرقص.. وهذا البلد لا حل له إلا "يا تمسكوه يا تسيبوه"!!.. امسكوه أو اتركوه.. وإذا لم تمسكوه فسيحدث أمر من اثنين: تتركونه غصباً.. أو يترككم ويذهب إلي الجحيم.. وكل القوانين في مصر مثالية لكنها تصبح "زي الزفت" عند التطبيق.. لأن الدولة تسن القانون وتترك تطبيقه للشعب المنفلت ليسود قانون "معلش.. علشان خاطري.. أنا عندي عيال.. طب خد خمسين جنيه وسيبني والغي المخالفة.. احنا اللي حنصلح الكون.. يا عم قول يا باسط.. يا عم سيبنا ناكل عيش".. ويذهب القانون في ستين داهية.. وستذهب حالة الطوارئ أيضاً في ستين داهية.. وسيبقي الإرهاب يفعل ونحن نقول.. يبقي الإرهاب صوتاً ونحن صدي... يبقي الإرهاب أسبق منا جميعاً بمئات الأمتار والكيلومترات.. وسيبقي بيننا الآلاف الذين يبررون الإرهاب.. ولا بد أن تكون حالة الطوارئ ضد مبرري الإرهاب كما هي ضد الإرهاب.. فالذي يبرر الإرهاب إرهابي أو مشروع إرهابي.