إذا تحدث د.سمير بانوب في التأمين الصحي فلابد أن تنصت له ونستفيد منه.. لأنه خبير عالمي مشهود له في التخطيط والإدارة الصحية.. وصاحب تجربة ناجحة في إعداد وتنفيذ مشروع التأمين الصحي الذي نجح به الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية والمعروف باسم "أوباما كير".. وقد حاول الرئيس الأمريكي الحالي أن يلغي هذا المشروع خلال الأيام القليلة الماضية لكنه فشل لعدم وجود مساندة حقيقة له في الكونجرس. وحسناً فعلت صحيفة "أخبار اليوم" بإجراء حوار مع د.سمير بانوب من ولاية فلوريداالأمريكية حيث يعمل ويقيم للاستفادة من خبراته في تقييم مشروع التأمين الصحي الجديد المزمع عرضه قريباً علي مجلس النواب لإقراره وفي منظومة الصحة عندنا بصفة عامة.. ورغم أن آراء الرجل ورؤاه كانت صادمة إلا أنها كانت صادقة ومخلصة وهذا هو المهم.. ويجب أن توضع في الاعتبار. وأتمني أن يقوم الصديق الدكتور عبدالحميد أباظة رئيس اللجنة الحكومية لإعداد مشروع قانون التأمين الصحي الشامل الجديد والصديق الدكتور علي حجازي رئيس هيئة التأمين الصحي بفتح قناة اتصال مع د.سمير بانوب لمناقشة ملاحظاته وكيفية تنفيذها.. لأننا نريد فعلاً تأميناً صحياً عصرياً يحفظ للمصريين كرامتهم ويتعامل معهم معاملة آدمية.. ولا نحتمل فشلاً جديداً. في الحوار مع "أخبار اليوم" المنشور السبت الماضي قال د.سمير بانوب إن مشروع قانون التأمين الصحي يشوبه النقصان والتقصير.. ومن المؤسف أن تحاول وزارة الصحة إيهام المسئولين والشعب بأنه يطور منظومة التأمين الصحي ويفصل الخدمة عن التمويل.. لذا نطالب بعدم عرض مشروع القانون القاصر علي مجلس النواب لعدم جدواه.. والبدء في عملية الإصلاح الصحي الشامل. وفي رأيه أن العقبات التي تواجه التأمين الصحي هي مشاكل المنظومة نفسها.. فالمستشفيات أحوالها متردية والأطباء غير مدربين بالإضافة إلي ضعف الإمكانيات.. ولن يصلح أي نظام تأميني حقيقي إلا إذا أصلحنا المشاكل أولاً.. والإصلاح الشامل يبدأ بإنشاء مجلس أعلي للصحة.. يقوم بوضع السياسات والاستراتيجيات والخطط الصحية للبلاد.. وأعضاؤه من نواب الشعب في كل المحافظات وليس من الأطباء الذين قد تتضارب مصالحهم مع النظام الصحي. يقول د.سمير بانوب إن أهم التحديات التي تواجه الصحة في مصر أن القرار والسياسة الصحية يحكمها كبار الأطباء وهم بالضرورة لهم تضارب مصالح.. وذلك عكس الدول المتقدمة التي يضع سياساتها الصحية ممثلو الشعب المنتفعون بالنظام.. وعلي لأطباء ومقدمي الخدمة تنفيذ هذه السياسات.. أما السبب الثاني لتدهور الطب التجاري الذي استشري وأصبح له من يحميه بضراوة ممن لهم سلطة القرار السياسي والتعليم الطبي والصحي.. وثالث التحديات تدهور وتخلف نظم تعليم الأطباء الأساسي والتخصصي وكذلك التمريض والفنيين عن المستويات العالمية الموجودة حتي لدي بعض الدول النامية في آسيا وأفريقيا. وبسبب ضعف التمويل في مشروع التأمين الصحي الجديد يطالب د.بانوب برفع قيمة الاشتراك الذي يدفعه المواطن وحصة صاحب العمل بشرط أن يحصل المواطن في المقابل علي الضمان والأمان الصحي له ولأسرته.. ولا يكون مهدداً بالإفلاس والفقر إذا ما تعرض للمرض وتركه التأمين الصحي نهائياً للقطاع الخاص يستنزف كل ما لديه من مدخرات. لقد أنفقت الدولة مبالغ طائلة لتطوير المستشفيات دون طائل.. والقصة كلها تنحصر في فصل القطاع العام عن الخاص وحسن التخطيط وكفاءة الإدارة وليس نقص الموارد. ويشرح لنا د.بانوب السر في أن تبدأ المرحلة الأولي لتطبيق النظام الجديد للتأمين الصحي الجديد في 5 محافظات فيؤكد أن هذا في الحقيقة تلاعب بالأرقام لأن سكان المحافظات الخمس يساوي حوالي 3% فقط من سكان مصر.. ومنهم كثيرون لهم نظم علاج خاصة كقناة السويس والبترول والسياحة والنقل ونظم أخري.. وتبقي القاهرة الكبري ذات الأربع والعشرين مليوناً في نهاية المطاف بعد 13 عاماً!!