لا أستطيع. كمواطن عادي. أن أتفهم. ماذا سيعود عليّ أو علي الوطن من فائدة من وراء تعديل مادة في قانون السلطة القضائية الآن بالذات. تتعلق بطريقة اختيار رئيس محكمة النقض الذي يرأس بدوره المجلس الأعلي للقضاء. إن انتقاء مادة واحدة لتعديلها. في قانون يحتاج كله تغييرا. يثير علامة استفهام حول هدف البرلمان من هذا التعديل. ويجعل من الصعب تفهم موقفه أو الدفاع عنه. خاصة أن أحداً لم يشرح للناس مبررات هذا التعديل بالشفافية اللازمة. الوضع المستقر في اختيار رئيس محكمة النقض يستند إلي معيار وحيد هو معيار الأقدمية المطلقة. وهو معيار جري العرف عليه. واستراح له القضاة واحترموه والتزموا به ولم يخرج أحد منهم عليه. وفي نفس الوقت لم يسبب ضرراً لأحد. أو إخلالاً بحقوق أو واجبات. فلماذا النبش في وضع مستقر وإحداث قلقلة فيه. في ظروف لا تتحمل أزمة بين سلطتين من سلطات الدولة لهما كل التقدير والاحترام. وهما السلطة القضائية. والبرلمان الممثل للسلطة التشريعية؟! إن المطلب الأساسي للوطن والمواطن. من السلطة القضائية هو: العدالة الناجزة.. أي تقليل المدة الزمنية التي تستغرقها القضايا في المحاكم حتي يتم الفصل فيها. والمطلب الأساسي للوطن والمواطن. من السلطة التشريعية الممثلة في البرلمان. فيما يخص هذا الجانب. هو إصدار التشريعات المحققة للعدالة الناجزة. فهل تعديل طريقة اختيار رئيس محكمة النقض. من أقدم أعضائها. إلي أحد أقدم ثلاثة. هو مما يساهم في تحقيق العدالة الناجزة. والقضاء علي بطء عمليات التقاضي وإصدار الأحكام؟! هل سيساهم هذا التعديل في تحسين أحوال القضاة المادية والاجتماعية بما يجعلهم أكثر قدرة علي التفرغ الذهني والنفسي لعملهم ولرسالتهم المقدسة؟! هل سيجعل هذا التعديل منشآت المحاكم أفضل تجهيزاً بما يساعد القضاة والعاملين فيها علي سرعة إنجاز العمل؟! هل سيخفف هذا التعديل من دواعي الخلافات المتكررة داخل المحاكم ما بين المحامين والمنصة أحياناً. وما بين المحامين والشرطة غالباً؟! إن أحداً من البرلمان لم يشرح للشعب الدواعي التي جعلت من تعديل هذه المادة بالذات ضرورة وطنية وقومية ملحةحتي يمكن للشعب أن يساند هذا التعديل ويدافع عنه. وحين تغيب المبررات.. تنتعش التكهنات والشائعات. وتنتقل القضية من الموضوعية إلي الاعتبارات الشخصية. بما يسئ إلي كل الأطراف. إن البرلمان حين يرجع في أي تشريع أو تعديل تشريعي إلي الفئة المخاطبة به لاستطلاع رأيها فهو لا يستأذن في ممارسة سلطته وحقوقه. وإنما هو يطبق قاعدة دستورية تلزمه بذلك. فضلاً عن أن رضا المستهدفين بأي تشريع. يمثل ركناً مهماً ولازماً لتحقيق الاستقرار التشريعي في الوطن. وهو ما ينبغي أن يحرص عليه البرلمان. دون وضع المسألة في إطار خاطئ ويحولها إلي من يفرض رأيه علي من. مصر ليست في حاجة إلي اختلاق مزيد من الأزمات.. والسلطتان التشريعية والقضائية يجب أن تضرب المثل والقدرة في حل أي نزاع بينهما حلاً ذاتياً.