سعدت جداً بقراءة العددين الأول والثاني من مجلة "كاميرا" وتخوفت من ألا يصدر العدد الثالث ولكن الحمد لله ها هو العدد في يدي. جاء به مشكوراً المصور السينمائي المبدع رمسيس مرزوق الذي تمثل المجلة بالنسبة له ثمرة جهد واصرار من جانبه هو وعدد من أقطاب المصورين السينمائيين في مصر بهدف ملء الفراغ الناتج عن عدم وجود مجلة متخصصة تتناول أحد الفنون الرفيعة الذي بدونه "لا توجد سينما أو فيديو أو صور فوتوغرافية تسجل واقع الحياة وتؤرخ الأحداث التاريخية والقيم الفنية". لقد تأخر صدور هذه المجلة كثيراً في بلد عرف السينما ولغة الصورة مع بداية اختراع الصور المتحركة.. فالعالم قبل اختراع الكاميرا غير ذلك الذي تشكل بعد اختراعها. وقد عرفت الصحافة الفنية العديد من الإصدارات المتخصصة في الدول الغربية وأصبح يوجد مجلات عن فنون التصوير السينمائي والفوتوغرافي وعن مسيرة التطور التكنولوجي الهائلة والمتسارعة تصدر باللغات الانجليزية والفرنسية والإيطالية وربما لغات أخري في بلدان غير أوروبية. كانت هذه المجلة بمثابة حلم يتوق إلي تحقيقه فنانو الصورة ومبدعوها وقد تأخر صدورها لعدة سنوات بسبب التمويل المالي. وحين فكر الدكتور رمسيس مرزوق في انجاز ووضع هذا الحلم موضع التنفيذ لم ييأس وحسب ما جاء في العدد الأول تحت عنوان "شكر وعرفان" يقول: في أحد لقاءاتي مع الدكتور صديق عفيفي رئيس مجلس إدارة جامعة طيبة ذكرت أمامه رغبتي وأملي في اصدار مجلة عن فن التصوير منذ عدة سنوات وكان العائق التمويل المالي. وكانت مفاجأة جميلة من رجل عِلم وثقافة وفن أن يعرض طباعتها علي نفقته حتي تستطيع المجلة أن تري النور لتكون منارة للعلم وفن التصوير وبفضل الدكتور صديق عفيفي الذي أعاد إليَّ الأمل والنشاط مرة أخري لإصدار المجلة....". تضم هيئة تحرير المجلة نخبة من ألمع المصورين الأكاديميين هم: د. ماهر راضي. ود. محسن أحمد. ود. شوقي علي. ود. عادل جَزارين ومدير التصوير البارع سعيد شيمي ود. تامر جوزيف وأحمد حسين وأيمن لطفي ود. سمير سعد الدين ود. أيمن أبو المكارم وسارة عبدالعزيز والمشرف الفني للمجلة د. حسين بكر.. وترأس تحريرها الزميلة اقبال بركة وبطبيعة الحال أن يكون الرئيس الفخري الدكتور صديق عفيفي. ومع العدد الأول لابد أن تشعر بحجم المتعة وأنت تقرأ موضوعات عن السينما تتناول "تحليل الصورة الدرامية في الأفلام" للدكتور ماهر راضي. الذي يقدم قراءة بصرية خاصة لفيلم "الخانكة" الذي عمل فيه مديراً للتصوير والفيلم من اخراج محمد راضي وانتاج وبطولة ماجدة الخطيب. فمن خلال هذه الدراسة لجماليات الصورة يتعرف القاريء المحب للأفلام السينمائية علي الدور الذي تلعبه الإضاءة للتعبير عن دراما الفيلم وأسلوب مدير التصوير في تشكيل التأثيرات الضوئية موضحاً ذلك بالصور التي تحقق رؤيته. وفي مقال آخر يتناول سعيد الشيمي أحد أهم المصورين السينمائيين في مصر والعالم العربي "ما الصورة السينمائية؟؟" ويقدم تعريفاً وتوصيفاً فنياً ينتهي إلي أن الصورة السينمائية هي محصلة وبوتقة علوم وفنون الجنس البشري لأحقاب متتالية طويلة وانها الأكثر تأثيراً الآن في عقول البشر بما تبثه ليلاً ونهاراً وليس في دور العرض فقط بل في الآلاف من المحطات الأرضية والأقمار الصناعية الفضائية حول كوكبنا الأرض الذي أصبح مثقلاً بها. أهمية "كاميرا" انها مجلة عربية يستطيع القاريء أن يستوعب الموضوعات الفنية المتخصصة التي تطرحها. وبأسلوب جذاب بسيط وأمثلة عملية ومن خلال أعمال معروفة شاهدها الآلاف أو بالأحري الملايين في المنطقة العربية.. وهي في متناول من يسعي للثقافة البصرية ومعرفة مفرداتها ولغتها التي تصوغها "الكاميرا" السينمائية بأدواتها التكنولوجية وبأقلام مصورين محترفين ومشهود لهم ومع ذلك لن يجد القاريء العادي صعوبة في فهم ماهية الصورة ثلاثية الأبعاد كما يشرحها الدكتور تامر جوزيف والمؤكد انه سيجد متعة أكبر حين يتعرف علي "الحيل والمؤثرات الخاصة" التي تنقل أحاسيس ومعاني وأبعاداً أخري للقصة غير تلك التي ينقلها الحوار وذلك حين يقرأ مقالة الدكتور حسين بكر. أو عندما يتعرف علي "عمق الميدان" بقلم شادي الصباغ وأتخيل انه يقصد "عمق المجال". وتحرص "كاميرا" التي تتسم بجمال الطباعة ونوعية الورق علي رصد وإلقاء الضوء علي معارض التصوير الفوتوغرافي المختلفة في مصر والعالم العربي.. ومن ثم لابد أن يحرص المهتمون بها والمؤمنون برسالتها في وزارة الثقافة علي استمرارها ودعمها مادياً وأدبياً وتشجيع الدور المهم الذي تحاول أن تلعبه ومن هنا سعادتي البالغة وأنا أتلقف العدد الثالث من "أبيها الروحي" الدكتور رمسيس مرزوق.