منذ فترة تابعت مناقشة حامية بين تاجر في السلع الغذائية وشقيقه الأول قرر زيادة في الأسعار تجاوزت نحو 10 جنيهات لكل كيلو من البقوليات التي يتاجران فيها مثل العدس والفاصوليا وغيرهما بينما الشقيق انفعل وطالب بخفض السعر رحمة بالمستهلكين إلا أن التاجر أصر علي الزيادة مضيفا بكل إصرار قائلا: هذه هي أسعار السوق. ومع شديد الأسف ليس هذا التجاوز فحسب وإنما المغالاة فاقت كل تصور. كل يوم ترتفع الأسعار حسب مزاج وهوي التجار. لقد ضاق المستهلكون بهذا التلاعب والزيادة المبالغ فيها والمواطن البسيط يتساءل من ينقذنا من براثن الاحتكار والجشع ولم تفلح أي محاولات لوقف لهيب الأسعار. فهل تظل الاساليب الملتوية هي التي تتحكم في أسعار السلع الغذائية وغيرها من مختلف السلع والأجهزة الكهربائية وغيرها؟ من يتأمل الحركة التجارية في مختلف السلع والأجهزة وحتي السيارات يجد اننا ننتقل من السييء للأسوأ وثبات الأسعار يبدو أنه أصبح ضربا من المستحيلات ومع شديد الأسف فإن الحكومة تتعامل بقاعدة السوق الحر التي تعتمد علي العرض والطلب وتركت الحبل علي الغارب لكل محتكر وجشع يسعي لكسب المال الحرم بأي صورة من الصور. وهل مصر وحدها هي التي تطبق هذه القاعدة أم أن كل دول العالم تطبق هذا النظام ورغم ذلك فلم نر صورة تتشابه مع حركة التجارة في اسواقنا. الأسعار هناك مستقرة ولا مكان للتلاعب أو الاحتكار. والخروج من هذا الانفلات يتطلب تحركا سريعا وفاعلا للضرب علي ايدي أي محتكر أو متلاعب يغالي في الأسعار. ولا سبيل سوي رقابة صارمة وتطبيق القانون بكل حسم وحزم دون تهاون أو تكاسل فالجميع يكتوي بنيران الأسعار المنفلتة!! هذا التجاوز وذلك الانفلات أصبح لا يحتمل الانتظار ولابد من مواجهة فعالة تشتمل علي سد الثغرات التي تتيح للمحتكرين الافلات من العقوبات التي يفرضها القانون مما يتطلب مشاركة من رجال الرقابة وحماية المستهلك ومفتشي التموين وتنظيم حملات دائمة علي الأسواق للخضروات والفاكهة ومحلات بيع البقوليات وغيرها من السلع الغذائية وكذلك محلات الأجهزة الكهربائية وغيرها من التي تباع في مختلف الأماكن والمواقع وأن تستمر هذه الحملات علي مدي 24 ساعة كما يجب أن تمتد الرقابة والحملات علي الاستيراد والتصدير لمختلف السلع والمصانع المنتجه لها. كما يجب عقد لقاءات وندوات مع كبار التجار والمستوردين لمناقشة المشاكل وإجراء حوارات حول تحديد هامش ربح يحقق مكاسب للتجار وفي ذات الوقت يتناسب مع امكانيات المستهلكين من بسطاء الشعب وأن يتم تزويد المجمعات وبعض المحلات الملتزمة بكميات من مختلف السلع في محاولة للحد من الغلاء وانفلات الأسعار التي لم نر لها مثيلا من قبل. التحديات متعددة الجوانب والمواجهة لا بديل عنها. لابد أن يتم تطبيق القانون بكل حسم وحزم علي المخالفين والبحث عن حلول المغالاة التي أصبحت تمثل فارقا في الأسعار بين يوم وآخر. وإذا خلصت النوايا وكانت لدي جميع أجهزة الرقابة العزيمة الصادقة فإن حركة السوق سوف تشهد الكثير من انخفاض الأسعار وأن تمتد انشطة الرقابة إلي المتلاعبين والمحتكرين للسلع وتخزينها لبيعها في السوق السوداء ولابد من مشاركة شعبية ومؤازرة الأجهزة الرقابية في حملاتها وفي نفس الوقت لابد من بحث مشاكل المزارعين واتخاذ الإجراءات التي تكفل تحقيق الرعاية الكاملة لهؤلاء الفلاحين الذين يقع علي عاتقهم تزويدنا بمختلف السلع الغذائية ولا يجب أن ننسي أننا بلد زراعي ومن الضروري أن نوفر كل الضمانات التي تحقق غزارة الانتاج وقديما قالوا: "من لا يملك قوته لا يملك قراره" ولابد أن ندرك أن الفلاح هو مصدر هذا الانتاج والمهمة تتطلب أن نقف بجوار هذا الفلاح وارشاده لأفضل المحاصيل وتزويده بالتقاوي المنتقاه وتطبيق أحدث الأساليب العلمية لمضاعفة انتاج مختلف المحاصيل الزراعية من القمح والذرة والفول والأرز بالإضافة إلي دعم المبادرات التي ظهرت بشائرها في زراعة القمح والأرز مرتين في العام كما يجب أن نبذل أقصي جهد لتشغيل المصانع بكامل طاقاتها خاصة المتوقفة منها منذ فترات طويلة بحيث يصبح لدينا منتجات قادرة علي المنافسة في الأسواق وتلبية احتياجاتنا الذاتية من السلع الغذائية والأجهزة بكل أنواعها وتضافر مجهود الرقابية والانتاجية حتي نعبر هذه الفترة العصيبة التي يعيشها الاقتصاد الوطني في إطار منظومة تحرير سعر الصرف. اعتقد اننا إذا كانت لدينا إرادة حقيقية للمواجهة فإن الصورة سوف تصبح أفضل. دعونا نتطلع إلي تطبيق القانون وحملات رقابية للضرب علي ايدي المحتكرين والمتلاعبين.