حكومتنا البليدة "لبستنا كلنا في الحيط" في اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية.. هذه حقيقة لا جدال فيها ولا لف أو دوران.. وقد أوضحت ذلك بصراحة في مقالي أمس. ومع قناعتي بأن تيران وصنافير سعوديتان حتي لو حوكمت بسبب هذا الرأي.. إلا أننا فعلاً أمام واقع كارثي لا يمكن إغفاله أو تجميله. وأسئلة لا يجوز التعامي عنها وتحتاج إجابات صريحة. وحلولاً يجب التفكير فيها سواء من داخل أو خارج الصندوق. ہہ الواقع الكارثي الذي لا يخفي علي أحد يتمثل بوضوح في عك حكومي وتناقض قضائي.. هذا كله أفرز اتفاقية وُقعت في توقيت غير مناسب بالمرة ودون تهيئة الشعب لقبولها رغم صحتها. وفريقين كلاً منهما يُخون الآخر ويسبه ويلعنه. ودعاوي قضائية مختلفة دون أن يقدم أحد وثائق وخرائط ومكاتبات تحسم القضية. وحكمين متناقضين كلاً منهما نهائي وبات. وبرلماناً وجد "كرة لهب" تقذفها عليه الحكومة. و92 مليون خبير استراتيجي ومحلل سياسي وفقيه دستوري وأستاذ قانون دولي.. وكل يدلي بدلوه وفق قناعته في هرتلة لا أول لها ولا آخر. وأخيراً جاء دور الكارهين لمصر من عينة محمد البرادعي وحمدين صباحي وأيمن نور وممدوح حمزة والإخوان للمتاجرة بالقضية لمصالحهم الخاصة.. ومن المساخر المقززة أن الإخوان الذين وافقوا علي تسليم حلايب وشلاتين للسودان وبيع سيناء لحماس وإسرائيل وقبضوا 8 مليارات دولار ويصفون الوطن بأنه مجرد "حفنة من تراب عفن" يتحدثون الآن عن أن "الأرض عرض" ويدعون الناس للنزول في ذكري "25 زفت".. تصوروا؟؟.. والسبب الحكومة. ہہ هذا الواقع الكارثي يولد أسئلة لا يجوز التعامي عنها وتحتاج إجابات واضحة: 1- هل الاتفاقية الموقعة من ممثل الحكومة وليس رئيس الدولة تعتبر من أعمال السيادة؟؟ 2- إذا كانت من أعمال السيادة فهل من حق أحد أياً كان أن يلجأ للقضاء لابطالها؟؟ 3- لماذا لم تمتنع الحكومة ممثلة في هيئة قضايا الدولة من البداية عن المشاركة في الإجراءات القضائية "إدارية ومستعجلة"؟؟ ألم يكن الأصوب أن تحيل الاتفاقية للبرلمان مباشرة؟؟ 4- قالت الإدارية العليا في حيثيات حكمها إن يد مجلس النواب مغلولة ومحظور عليه مناقشة معاهدة تتضمن تنازلاً عن جزء من إقليم الدولة.. فهل هذا الكلام دستوري ومن حق المحكمة أن تطلقه؟؟ وهل لدينا فعلاً قانون يحدد إقليم الدولة بدقة؟؟ 5- قال اللواء ممدوح الإمام مساعد مدير المخابرات الحربية الأسبق في "الوطن" أمس إنه لا توجد خريطة واحدة تدل علي مصرية الجزيرتين.. فهل هذا صحيح؟؟ وقال أيضاً إن الاتفاقية موضع القضية ليست وليدة زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بل إنها تمت مناقشتها والموافقة عليها من مجلس الشعب عام 1983 وصدر القرار الجمهوري رقم 145 في 4 مايو 1983 بها وأن ما يحدث الآن هو تطبيق لهذه الاتفاقية.. فأين هذه الموافقة وذاك القرار؟؟ وقيل إن هناك قراراً جمهورياً آخر برقم 27 لسنة 1990 يعترف بسعودية الجزيرتين وأن مصر "ركبتهما" لدواع عسكرية وأمنية وبموافقة السعودية وأن هناك خطابات متبادلة بين الدولتين من بعد حرب فلسطين 1948.. فأين كل هذه المستندات ولماذا لم تظهر حتي الآن؟؟ 6- إذا لجأت السعودية للتحكيم الدولي فهل ستوافق مصر علي ذلك خاصة أنه يشترط موافقة الدولتين أم ستمتنع؟؟ إذا امتنعت ألا يتسبب ذلك في زيادة التوتر مع الدولة الشقيقة؟؟ وإذا وافقنا فمن الذي سيشكل الفريق المفاوض والذي يصدر به قرار جمهوري: الحكومة التي تؤيد سعودية الجزيرتين وبالتالي تكون إجراءاتها مجروحة أم جهة أخري.. وما هي هذه الجهة الأخري.. هل المحكمة الدستورية أم القضاء الأعلي أم مجلس الدولة؟؟ ہہ نأتي للحلول سواء من داخل أو خارج الصندوق.. واتساءل: لماذا لا يرجئ البرلمان مناقشة الاتفاقية حتي تصدر المحكمة الدستورية حكمها ويعلن الرئيس احترامه لأحكام القضاء أياً كان الحكم.. فإن كان مخالفاً لحكم الإدارية العليا فإن من حق البرلمان وقتها أن يناقش الاتفاقية وإن جاء مؤيداً لبطلان الاتفاقية فإن علي الحكومة سحبها من مجلس النواب أو يعيدها البرلمان إليها من تلقاء نفسه.. والحل الأمثل هنا - من وجهة نظري - لصالح مصر والسعودية "اقتصادياً" هو أن تتفاوض الدولتان علي ترسيم الحدود البحرية وأن يشتركا في إدارة الجزيرتين بدلاً من وضعهما الحالي الذي يماثل "المرأة المعلقة" لا هي متزوجة ولا مطلقة وتجثم عليها قوات حفظ السلام.. المهم أن تستفيد كل دولة بالثروات الطبيعية في نطاق حدودها التي تم ترسيمها.. الواقع يؤكد أن الجزيرتين لا قيمة استراتيجية لهما فعلياً.. فقد انهزمنا في يونيه 1967 وهما معنا وانتصرنا في أكتوبر 1973 وهما محتلتان من إسرائيل.. ليس صحيحاً بالمرة أن دماء شهدائنا أريقت عليهما كما يروج الجهلة الذين يخلطون بينهما وبين شدوان.. الجزيرتان لم تسقط عليهما نقطة دم واحدة لا مصرية ولا سعودية ولا إسرائيلية ولا من أي جنسية كانت علي مدي التاريخ.. المهم عندي ألا تستحوذ عليهما إسرائيل بأي شكل من الأشكال.. هذا أمر غير قابل للمناقشة أو الفصال. أرجوكم.. فكروا في الواقع الكارثي الذي نحن فيه وفي الأسئلة التي طرحتها وفي الحل الذي ذكرته والذي لا يجوز أن تنفذه هذه الحكومة البليدة التي بينها وبين السياسة خصام.