كان غريباً أن يرفض نجوم هوليوود طلب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب للغناء في حفل تنصيبه المقرر في 20 يناير الجاري.. بعض هؤلاء النجوم اعتذر بهدوء وبعضهم رفض بحدة وأعلن هذا الرفض مشفوعاً باتهام ترامب بالعنصرية البغيضة.. وقد اتسعت قائمة الرافضين لتشمل نجوماً من خارج أمريكا.. وصدرت بيانات من مغنين بريطانيين وإيطاليين يعلنون فيها صراحة رفضهم دعوات الغناء في حفل التنصيب. ووجهت المغنية البريطانية تشارلوت تشرتش تغريدة لترامب قالت فيها: "فريقك طلب مني أن أغني في حفل تنصيبك.. لكن مجرد بحث بسيط علي الإنترنت سيظهر أنني أعتقد أنك مستبد".. وبعض المغنين اشترط تقديم أغنيات في الحفل ضد العنصرية ولما رفض شرطه اعتذر عن الحضور.. ويقال إن المغني الأوبرالي الإيطالي الشهير أندريه بوتشيلي تلقي اتصالاً شخصياً من ترامب يطلب منه الغناء في الحفل لكنه رفض. هذه ظاهرة غريبة أخري تضاف إلي الظواهر التي تفرد بها ترامب.. والتي باتت تعرف ب "الترامبية".. فقد جرت العادة أن يتسابق نجوم الفن إلي طلب حضور حفل تنصيب الرئيس الجديد والغناء فيه كي ينالوا قسطاً من الأضواء المبهرة المركزة هذه الليلة علي الرئيس وضيوفه.. حدث ذلك مع الرؤساء الأربعة والأربعين السابقين لأمريكا.. بمن فيهم الرئيس الأخير باراك أوباما.. لكنهم يفرون من ترامب ويرفضون الظهور معه.. ومازالت اللجنة المشرفة علي حفل التنصيب تعاني من هذه المشكلة.. ويضيق الخناق عليها مع اقتراب موعد الحفل. ورغم أن ترامب له علاقات سابقة مع العديد من نجوم هوليوود ومشاهير الفن وبرامج المسابقات بحكم أنه ملياردير مشهور.. مفتون بالأضواء والكاميرات ومشارك في المهرجانات والحفلات إلا أنه دخل مؤخراً في هجوم متبادل علناً مع بعض نجوم هوليوود.. كان آخرهم نجمة الأوسكار ميريل ستريب التي اتهمته بالوحشية والعنصرية والفظاظة بسبب سخريته في مؤتمر عام من الطريقة التي يتحدث بها أحد الصحفيين المعاقين.. وقد رد عليها ترامب بأنها تبالغ في تقدير نفسها.. وقبلها بأيام قليلة دخل في حرب كلامية مع نجم برنامج تليفزيون الواقع أرنولد شوارزينجر الذي أعلن أنه رغم انتمائه للحزب الجمهوري فإنه لم يصوت له في الانتخابات. الظواهر الترامبية التي يتفرد بها الرئيس المنتخب تتكشف وتزداد كل يوم. فهو أول رئيس أمريكي دخل في غزل صريح مع رئيس روسيا منذ الحرب العالمية الثانية.. فقد كانت روسيا ومازالت هي المنافس الأكبر لأمريكا إن لم تكن العدو.. وبسبب هذا الغزل دخل ترامب في صراع علني مع أجهزة مخابراته.. وربما يمتد هذا الصراع إلي القوات العسكرية وحلف الناتو بعد التحركات الأخيرة لهذه القوات بالقرب من الحدود الروسية. وترامب هو الرئيس الأمريكي الوحيد الذي يصر علي إظهار عنصريته في كل مناسبة ضد الأجانب والمسلمين والملونين والمهاجرين.. وهو الرئيس الأمريكي الوحيد الذي يجاهر بكراهيته للديمقراطية وحقوق الإنسان ومنظومة القيم الأمريكية التي كان يتفاخر بها الرؤساء السابقون.. والتي في مقدمتها حرية الصحافة والتعبير. وهو الرئيس الأمريكي الوحيد الذي يعبر عن انحيازه لإسرائيل بوقاحة لا مثيل لها.. كل الرؤساء السابقين كانوا منحازين لإسرائيل لكنه الوحيد الذي يظهر انحيازاً فجاً.. يعبر عنه بطفولية وسذاجة سياسية غير معهودة.. وهو القائل: "صبراً إسرائيل.. فقد اقترب 20 يناير". ولأنه جاء من خارج الدائرة السياسية.. فإنه يحمل قدراً كبيراً من التطرف في المواقف.. والحدة في التعبير عن آرائه.. ويحمل كراهية مشهودة للصحافة والصحفيين والإعلام عموماً.. ويشكو مستشاروه من أنه لا يستشير أحداً.. ولا يهتم بما يقال عنه.. وأنه بارع جداً في إطلاق الأكاذيب واختلاق الحكايات لإلهاء الناس عن الحقائق وشغلهم بقضايا فرعية.. ولا أحد يعرف كيف سيتعامل مع الصحافة بعد تسلمه السلطة.. هناك احتمال لإلغاء الإيجاز اليومي الذي يقدمه المتحدث باسم البيت الأبيض واحتمال لإلغاء المؤتمرات الصحفية للرئيس الذي سيكتفي بكتابة التغريدات علي "تويتر" إذا سمح له "تويتر" بذلك.