اللقاء الذي جمع بين وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره في سلطنة عمان يوسف بن علوي بن عبدالله خلال الزيارة الرسمية التي قامم بها شكري للسلطنة ذكرني بمقولة "لقاء السحاب" لأن هذين الوزيرين أثارا الاهتمام والاعجاب نظرا لتميزهما بآرائهما الجريئة وتصريحاتهما النارية التي منحتهما قوة وتواجدا علي الساحة السياسية. اللافت للنظر أن هذين الوزيرين وبالتالي مصر والسلطنة يتفقان في كثير من الرؤي ووجهات النظر حول القضايا العربية والاقليمية والدولية.. فكلتا الدولتين تسعي لدعم جهود السلام والاستقرار في المنطقة بالحكمة وتقريب وجهات النظر بعيدا عن لغة السلاح والعنف والحرب التي تزيد النار اشتعالا وتحرص علي تحقيق مصلحة الشعوب بما يصب في بوتقة العمل العربي المشترك. إن العلاقات المصرية العمانية قديمة وضاربة بجذورها في أعماق التاريخ.. فمنذ أن تولي السلطان قابوس بن سعيد مقاليد الحكم في السلطنة في أوائل سبعينيات القرن الماضي حرص علي توطيد علاقة بلاده بدول العالم وخاصة مصر.. فقام بتعزيز علاقات الأخوة بين الشعبين الشقيقين بما يعود عليهما بالخير والنماء وأقام علاقات طيبة مع القيادات المتعاقبة مبنية علي عدم التدخل في الشئون الداخلية لمصر لحرصه علي أن تكون علاقة الأخوة قائمة علي المحبة والمودة والتعاون.. وبالفعل أثبتت الأيام صواب الرؤية العمانية التي اتخذت سبيل الحق والعدل والسلام وتميز منهج السلطان قابوس الداخلي والخارجي. لا ينكر أحد ما تقوم به سلطنة عمان من دور هام علي الساحة الدولية من خلال دبلوماسيتها الناعمة التي استخدمتها في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء.. لذلك فان زيارة سامح شكري للسلطنة جاءت في وقتها لتكوين رؤية مشتركة حيال الملفات الشائكة المفتوحة علي الساحة حتي يعم الاستقرار والسلام.. فمصر بمكانتها الكبيرة تعتبر الأخت الكبري التي تسعي للم شمل الاخوة جميعا والدفاع عنهم وهي واسطة العقد الذي لو انفرط انتهي كله.. وقد أعجبني كثيرا تشبيه يوسف بن علوي الوزير المسئول عن الشئون الخارجية بالسلطنة لها بأنها "العكاز الذي لا يستغني عنه العرب" وبالتالي فان من واجبها البحث عن المشترك وتوحيد الرؤي مع أشقائها حتي تستطيع الأمة مواجهة التحديات التي تحيط بها من كل جانب والتي تقتضي تكاتف دولها لاجتياز المرحلة الصعب التي تمر بها.. فالارهاب يضرب أجزاء كبيرة منها ويقف علي أبواب البقية الباقية ناهيك عن الأطماع الاسرائيلية من ناحية والغربية من ناحية أخري والمخططات الخبيثة التي تحاك في الظلام لتفتيت الدول العربية عن طريق بث بذور الفتنة بين أبنائها علي أساس عرقي وطائفي ومذهبي لكي تكون نهايتها علي أيديهم.. وهذا ما تنبهت له السلطنة فرأيناها تجوب العالم بمعارض تدعو للتسامح والتعايش المشترك الذي زرعته بين أبنائها وهو ما حقق لها الاستقرار والأمان علي المستويين القريب والبعيد. وفق الله قادة البلدين بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي والسلطان قابوس بن سعيد لما فيه الخير والرخاء لشعبيهما وللعالم العربي والاسلامي بأكمله.