مشهد أكثر من رائع في فيلم عربي قديم مدته دقيقتان وسبع ثوان فقط يوضح ببساطة وبعمق كيف كان الفن في الماضي وكيف أصبح.. يعكس طبيعة الواقع المصري في الماضي كما يعكس الفن الآن ما وصل إليه الواقع المصري الحالي.. المشهد كالتالي: "حسين صدقي" ينهي صلاته بالسلام عليكم ورحمة الله فترد عليه زوجته المسيحية "ليلي فوزي" وعليكم السلام ورحمة الله.. فيذكرها ضاحكاً بالرد الصحيح الذي علمه لها فتقول له "حرماً" فيعتذر لها بأنه لا يمكنه الرد عليها ب "جمعاً" لأنها ليست مسلمة ولا يمكن أن تذهب معه جمعاً لأداء الحج أو العمرة فتقول له في تعجب كنت أظن أنك ستؤثر علي لدخول الإسلام فيجزم لها "لا إكراه في الدين" فيزداد تعجبها وتقول ألم ينتشر الإسلام بالسيف فيقنعها بأنه لا توجد عقيدة تنتشر إلا عن قناعة وأحد أسباب انتشار الإسلام مبدأ المساواة وأن الرسول صلي الله عليه وسلم قال "الناس سواسية كأسنان المشط" تتعجب زوجته بالتشبيه البليغ وتتساءل إذا كان الإسلام هكذا لماذا المسلمون فقراء بالنسبة لباقي الشعوب فيرد عليها لأنهم لا يطبقون تعاليمه الصحيحة ومن بينها الزكاة التي هي فرض لا يكتمل الدين إلا بها وهي تجعل للفقير حقا معلوما في مال الغني.. تنبهر الزوجة قائلة أليست هذه اشتراكية فيعقب عليها تعاليم الإسلام المتعلقة بالنواحي الاجتماعية تتفوق علي الاشتراكية كثيراً. انتهي المشهد وهي تطلب منه بشغف شديد أن يعلمها أكثر عن هذا الدين فيعطي درساً هاماً في كيفية الدعوة إلي الله بالحكمة قبل الموعظة الحسنة. إذا قارنا هذا المشهد بالمشاهد الحالية التي تتحدث عن الإسلام ستدرك ما فيها من ظلم واسفاف وجهل يجعلها تصور المسلمين في الأغلب كإرهابيين وجوههم متجهمة عليها غضب الله فتظل علي مدار أحداث طويلة تفصل عنفهم وتشددهم وفي دقائق معدودة يأخذ هذا المتشدد عقابه وقد يظهر من يوضح الصورة الحقيقية للإسلام أو ينتهي العمل بدونه. هكذا كان الفن رسالة لها هدف وكانت الأخلاق في الماضي وهكذا صار الفن وتدهور الأخلاق الآن. ولأن الله يأمرنا "عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم" سأبدأ بنفسي وأدعو الله أن يبدأ الجميع كل بنفسه فيري كل منا عيوبه ويحاول تقويمها وبوعد من الله سيهدينا صراطه المستقيم مصداقاً لقوله "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا" وإذا أنعم الله علينا بهذا النوع من الهداية سننعم بالجنة في الدنيا قبل أن ينعم بها علينا في الآخرة.