نحن أسوأ من الحكومات بمرات.. هذا علي افتراض انها ليست منا.. من نفس الجينات والتكوين.. نحن نريد حكومة من الملائكة. بينما نستمتع نحن ب "الشيطنة" في كل شيء.. نريد أن نحاسبها دون أن نجد من يحاسبنا.. أي شيء لدي من سوانا يستحق الضبط والربط.. فقط ما لدينا مباح في المساء وفي الصباح. نحن من يسرق ويخالف ويضرب ويكسر ويخرب. وفي المقابل يسخط علي الأمن ويتأسف علي عدم تطبيق القانون نحن من يسرق الأعضاء البشرية ويتحول أطباؤنا في بعض مستشفياتنا إلي شياطين. ونحن من يبيع ونحن من يشتري ومن يتواطأ. نحن من يرشو ويبحث عن الوساطة لأي شيء من شئون حياته. حتي باتت الواسطة درجات. ونشكو في النهاية من ضياع الحقوق وانعدام دولة الكفاءات. ولو واتتك الفرصة. تريد لأبنائك أن يصبحوا كل شيء.. تريدهم قضاة ضباطاً وأساتذة جامعات. نحن من يرمي بقاذوراته من البلكونة ومن النافذة وينثرها في الشارع نثراً وهو سائر. ونسب منظومة القمامة.. نحن من يتوضأ بعشرين لتراً من المياه علي الأقل ويستحم الواحد منا بمتر مكعب من المياه ونرمي بقايا الطعام تكفي أسرة بعدنا. ونفتي في مفاوضات سد النهضة ونتحسر علي ماء النيل ونشكو من غلاء المعيشة. نحن من نطبل ونزمر لأي مسئول حتي العسكري في إشارة المرور. ونلوم المسئولين علي تجبرهم ونحن من صنعهم وسوّل لهم سوء أعمالهم. نحن من يحاكم الإعلام كل صباح ويكيل له الاتهامات. ونسهر فرادي وجماعات أمام تقرير فاشل يقدمه إعلامي فاشل يحدثنا عن كلام أشد فشلاً ويجني إعلانات من جيوبنا وكوادرنا الفاشلة. نحن من نسهر في الشارع حتي الصباح. ونطلب من صبي القهوة مد طاولة لنا في الشارع. ونقهقه في صخب ونتحدث في صخب. ونشكو من فوضي الشارع التي صنعناها بأيدينا.. منا من يحتكر من التجار. ولو واتتنا الفرصة لاحتكرنا. بل نفعلها إذا ما أتيحت لنا الفرصة فنخزن السكر والأرز وكل ما تصل اليه أيدينا. ولو واتت الواحد منا فرصة أمام جمعية استهلاكية وسار خلف غريزته لأخذ كل ما فيها. وليذهب بقية الناس إلي الجحيم. وتظن الحكومة انه من الممكن السيطرة علينا بإعلان "صوبعين بنانا" نحن منهم وهم منا. وعلينا أن نثبت أولاً اننا نستحق أفضل.. أدرك انها الحكومة المعنية بتسيير أمورنا وانها في موضع المسئولية لأنه من المفترض انها تفهم أكثر منا وتعي ما لا نعيه. ولديها رؤي مدهشة لا يسبقها اليها غيرها. ولكن الشارع "سداح مداح". ويحتاج إلي ضابط ورابط.. نحتاج قبل أن ننام أن نتخذ قراراً أن الغد سيكون مختلفاً.. سنأكل بحساب ونشرب بحساب ونستهلك بحساب. ونتكلم فيما يعنينا وما نفهم فيه.. نحتاج أن نتخذ قراراً بألا نسوف ولا نظلم ولا ننافق ولا نهادن فاسداً وأن نقاطع كل من يستبيحنا جهاراً نهاراً.. نحتاج إلي وقفة بحجم الوطن.. إلي ثورة في ميادين النفوس قبل الشوارع.. نحتاج إلي قرار عام واتفاق حاسم يخرج بنا من غياهب العبث تلك إلي واقع مختلف.. نحن بحاجة أكثر إلي أن نحب بعضنا. لأننا للأسف بدأنا ننتج الكراهية أكثر من إنتاج الطاقة. هذا ليس دفاعاً عن الحكومة أبداً. لكنه تأكيد علي أن كلينا في ذات المستنقع.. هم سيئون ونحن أسوأ.. هم يستغلون عوراتنا ضدنا.. علينا أولاً أن نثبت اننا نستحق أفضل.. حين ننتج أفضل. ** ما قبل الصباح من كان بلا خطيئة.. فليرم بحجر.