كلما هدأت الحياة قليلا من حولنا خرجت تصريحات غير مسئولة لتعكير الأجواء وإثارة العواصف والزعابيب.. خصوصا فيما يتعلق بالدين ورموزه التي تحظي باحترام واسع بين المواطنين.. لا أدري ان كان هذا الأمر مقصودا لإثارة الفتن وتسميم الحياة.. أم أنه مجرد ضربات عشوائية تأتي دون قصد وترتيب. في هذا الأسبوع هاجت الدنيا بسبب تصريحات للأخ مفيد فوزي مسيئة للشيخ الشعراوي وتصريحات أخري للأخ الأديب يوسف القعيد مسيئة للقرآن الكريم.. ولو كان لدي كلا الرجلين قدر يسير من الحكمة لأمسك لسانه.. وفكر قليلا قبل أن يقول ما قال. الأخ مفيد فوزي قال في مقابلة تليفزيونية إن الشيخ الشعراوي - رحمه الله - كان أرضا خصبة للتطرف.. وأنه هو الذي حرث الأرض وخصبها ومهد الطريق لما جاءت به بعد ذلك الجماعات الإسلامية من أفكار متطرفة لكي تظهر وتتفشي في المجتمع المصري.. وأن الشيخ الشعراوي كان وراء حجاب الكثير من الفنانات حيث كان يحرضهن وفق مخطط محدد لنشر الحجاب.. مضيفا: لم أشأ مناقشة هذا الأمر الذي اعتبرته مسألة شخصية لا يسمح لي بالتدخل فيها.. فهذا قرار شخصي للفنانات لكنه لم يكن مسألة شخصية.. كان فيه جزء كبير من التحريض علي الحجاب. هنا قطاع عريض في المجتمع المصري رأي في كلام الأخ مفيد إساءة بالغة للشيخ الشعراوي.. بالربط بينه وبين التطرف.. والدنيا كلها تعرف أن الشيخ رحمه الله كان رمزا للاعتدال والوسطية والتسامح.. وكان عالما فذا أدي دورا رائعا في تجديد الخطاب الديني ليكون مناسبا للعصر الذي عاش فيه. وإذا كان الأخ مفيد يري أن من حقه أن يتقول علي إمام الدعاة فإن هذا القطاع العريض يري أن من حقه أن يشعر بالغضب والأسي والانزعاج.. وأن يعتبر ما قاله مفيد فوزي إثارة للفتنة في مجتمع يتعافي بالكاد من الفتن التي تحاصره من كل جانب.. وعليه هو ألا يغضب من رد الفعل.. فما دام قد سمح لنفسه بأن يتعرض لرمز إسلامي كبير بحجم الشيخ الشعراوي دون أن يستشعر الحرج فلا بأس.. عليه إذن أن يتقبل الرأي الآخر بسعة صدر.. والرأي الآخر غاضب ومستفز. كلام الأخ مفيد لا يليق أن يقال عن رجل مشهود له من الكافة بأنه كان ملتزما في منهجه بالحكمة والموعظة الحسنة.. وكثيرا ما ساهم في اطفاء حرائق التطرف والفتن التي أشعلها أمثال مفيد فوزي ويوسف القعيد بتصريحاتهما غير المسئولة.. وكان مع الشيخ الغزالي شريكان في حوارات موسعة مع شباب الجماعات الإسلامية في المعتقلات والسجون لدحض أفكارهم الضالة وردهم إلي طريق الاعتدال. وإذا كان الشيخ قد حرض الفنانات أو بعضهن علي ارتداء الحجاب فقد مات الشيخ وكان بامكانهن العودة إلي ما قبل الحجاب.. ثم إن هناك فنانات أخريات ارتدين الحجاب بعد وفاة الشيخ الشعراوي.. فما قولكم في ذلك؟!.. اتركوا الحجاب والمحجبات لحريتهن.. ولا تلمزوا الناس فيلمزوكم.. لكم دينكم ولي دين. أما الأخ يوسف القعيد فقد أساء للقرآن الكريم مدعيا أن به ما يخدش الحياء.. وهو يعرف بالتأكيد ما للكتاب المجيد من قداسة في نفوس المسلمين وهذه الاساءة غير المقبولة تنطوي علي استهانة بكتاب الله وعدم فهم لمواطن الجمال فيه. إن القرآن الكريم ياسيد يوسف هو أرفع كتاب علي وجه الأرض جمع الحكمة والموعظة مع حسن التعبير وجماله ورقته وعزوبته.. ليس بشهادتنا نحن المسلمين.. وإنما بشهادة غير المسلمين الذين اطلعوا علي بعض ما فيه من أوجه الاعجاز ويكفيك أن تقرأ سورة يوسف لتعرف كيف عبر القرآن الكريم بسمو ورفعة عن لحظات الضعف الانساني دون ابتذال.. وبتصوير رائع لا يخدش الحياء.. وليتكم تتعلمون منه قبل أن تتهموه.