لم يسبق أن أصيب العالم بالذعر والهلع لانتخاب رئيس أمريكي. مثلما حدث بعد انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدةالأمريكية. ولم يأت هذا الرعب وذلك الفزع من فراغ. وإنما كانت له أسبابه ومبرراته. وكان لكل منطقة أو اقليم علي ظهر الكرة الأرضية الدواعي الخاصة به للخوف من الرئيس الأمريكي المنتخب والذي سيدخل البيت الأبيض رسميا في يناير المقبل. وكان للطابع الشعبوي المثير. الذي اعتمده ترامب في خطاباته وشعاراته أثناء الحملة الانتخابية. تأثير واضح في الهواجس والتوجسات التي أصابت العالم بعد انتخابه. ولا شك في أن ما ردده بشأن السياسة الخارجية لبلاده. كان سببا في قلق العالم الخارجي. ناهيك عن القلق الداخلي في أمريكا. والذي تسبب في اندلاع مظاهرات. شارك فيها الآلاف احتجاجا علي نجاحه في الانتخابات. ما يعني أن النظام الانتخابي ليس بالضرورة هو الأمثل لاختيار أفضل المرشحين! أما فيما يتعلق بتوجهاته بالنسبة للشرق الأوسط. بشكل خاص. فهو من أشد مؤيدي إسرائيل. وإن كان مستشاره ديفيد فريدمان قد صرح بعد فوز ترامب بأنه متمسك بتعهده بنقل السفارة الأمريكية إلي القدس. فقد صرح رؤساء آخرون من قبله بذلك ولم يلتزموا به. لكن يبدو أن الأمر يختلف مع هذا الرجل. علي الأقل من وجهة نظري المتواضعة. كذلك كانت تصريحاته عدائية تماما إزاء دول الخليج. وخصوصا المملكة العربية السعودية. إذ وصفها بأنها بقرة حلوب. تدر ذهبا ودولارات حسب الطلب الأمريكي. و¢متي جف ضرعها سنذبحها¢ وطالب النظام السعودي بدفع ثلاثة أرباع ثروته مقابل الحماية التي تقدمها القوات الأمريكية لآل سعود داخليا وخارجيا! كذلك انتقد الرئيس الأمريكي الاتفاق النووي الإيراني. مهددا بإعادة النظر فيه. رغم أن هذا الاتفاق ليس ثنائيا بين واشنطن وطهران. وإنما هو اتفاق متعدد الاطراف. ولو حاولت أمريكا نقضه فسوف تغضب حلفاءها الأوروبيين المشاركين في توقيعه. وفي اعتقادي أن ترامب لن يقدم علي الاطاحة بهذا الاتفاق إلا بموافقة. ولو ضمنية. من الأطراف الأخري الموقعة عليه. وبإيعاز من إسرائيل! ثم يأتي التوجه نحو التوافق والتنسيق مع روسيا. ويعني إعلان هذا التوجه أن الولاياتالمتحدة. بقيادة ترامب ستتخفف من المسئوليات الدولية الثقيلة. التي أرهقت كاهلها وتكلفها الكثير من الاعباء الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية. وهذا يعني ايضا. في حالة استتباب وتلاقي المصالح بين روسياوأمريكا. أن الدول الضعيفة لن تجد لها بديلا عن الخضوع للسياسات المشتركة التي يقرها العملاقان الدوليان!! ومن القرارات التي سيبدأ بها ترامب رئاسته للولايات المتحدة. الانسحاب من اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادي. حيث وصف الاتفاق بأنه ¢كارثة علي أمريكا¢ وهو اتفاق للتجارة الحرة يضم 9 دول مطلة علي جانبي المحيط الهادي. ولكن ترامب وعد بعقد اتفاقيات ثنائية مع كل دولة علي حدة. الأمر الذي أغضب هذه الدول. ويأتي قرار ترامب السابق ضمن توجهاته الحمائية للاقتصاد الأمريكي والمنتج الأمريكي. وفيما يبدو انه يسعي. من خلال هذه السياسة وغيرها. لعزل أمريكا عن قضايا العالم الخارجي. إلا فيما يهدد مصالح الولاياتالمتحدة. وهو التوجه الذي ظهرت من خلاله الولاياتالمتحدة كقوة عظمي في أعقاب الحرب العالمية الثانية. حيث ظلت فيما قبل الحرب تبني نفسها. منعزلة جغرافيا بين المحيطين الهادي والاطلسي. كما ظلت منعزلة عن الانخراط في قضايا العالم الخارجي. وهذا التوجه قد يثير مخاوف صناع الاستراتيجية من تنامي وتغول أمريكا أكثر مما هي عليه. لتظهر بعد فترة من الزمن وقد امتلكت من القوة ما يجعلها تخضع العالم كله لسيطرتها. ومن غير شك. فإن السياسات الحمائية ستلحق الأذي بالاقتصاد الصيني. حيث يميل الميزان التجاري لصالح الصين. وبالتالي سيتم الحد من دخول المنتجات الصينية للولايات المتحدة. عبر تشجيع المنتج الأمريكي والاعفاءات الضريبية للشركات الأمريكية. بما يؤدي لزيادة فرص العمل وتخفيف حدة البطالة في أمريكا. ويضاف لما سبق ما اعلنه الرئيس الأمريكي المنتخب في برنامجه بشأن خفض قيمة المساعدات الخارجية الأمريكية. الأمر الذي يرعب الدول المتلقية لهذه المساعدات. لكل ما سبق وغيره. اصيب العالم بالرعب والهلع بعد انتخاب دونالد ترامب!!