أرجو ألا نتفاءل كثيراً بنجاح دونالد ترامب كرئيس للولايات المتحدة.. لقد اطلق وعودا كثيرة خلال حملته الانتخابية.. ولقيت هذه الوعود استهجانا كبيرا من مختلف الأوساط السياسية.. وكان أهمها أنه سيغلق أمريكا في وجه المسلمين.. ووعوده بنقل سفارة أمريكا من تل أبيب إلي القدس. وقد سبق أن كتبت مقالا بعنوان "استطلاعات الرأي كاذبة.. حتي في أمريكا" وقلت فيه إن بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل وصف ترامب بأنه الصديق المخلص لتل أبيب.. وسنواصل تعزيز التحالف الفريد من نوعه بين البلدين وسنقوده إلي قمم جديدة. وقال نفتالي بنيت رئيس حزب "البيت اليهودي" بعد نجاح ترامب إن فكرة الدولة الفلسطينية انتهت بعد انتخاب الرئيس الأمريكي الجديد.. وقالت ايليت شاكيد من حزب "البيت اليهودي" إن الفرصة سنحت الآن لنقل سفارة أمريكا إلي القدس.. وستكون هذه الخطوة رمزاً للعلاقات المتينة بين البلدين!! وقد وعد ترامب في تجمع انتخابي في "ساروسوتا" قبل إجراء التصويت علي الانتخابات الأمريكية بأنه سينقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلي القدس. وها هو ديفيد فريدمان المستشار السياسي للرئيس ترامب يقول إنه ملتزم بالوعود التي أطلقها خلال حملته الانتخابية وهي نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب للقدس.. وأنه سيعترف بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل. وأجاب ديفيد فريدمان عن سؤال حول إمكانية طرح ترامب خطة سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين فقال بشكل قاطع إنه لا ينوي ذلك!! إذن فعلي العرب عموماً والمصريين خصوصاً ألا يأملوا خيراً في دونالد ترامب.. وأنه سيسير علي النهج الذي وضعه في برنامجه الانتخابي.. بمعني أن فلسطين يمكن أن تختفي كدولة في عصر ترامب. وأن نقل سفارة أمريكا إلي القدس واعترافها بأنها عاصمة أبدية لإسرائيل هو النهاية للقضية الفلسطينية. ماذا علينا كعرب أن نتصرف وفق هذه المستجدات في السياسة الأمريكية؟! هل نقبل بالوعود التي قطعها ترامب علي نفسه؟! خاصة أنه سبق أن قال بنقل السفارة الأمريكية إلي القدس واعتبارها عاصمة لإسرائيل.. وأكد علي ذلك مستشاره السياسي ديفيد فريدمان!! * أولاً: علينا أن نتعامل مع ترامب بمفهوم سياسي نؤكد من خلاله أن الارتماء في احضان إسرائيل لن يضمن لها البقاء إلي الأبد.. فالكثرة مهما كانت ضعيفة ستنقلب في يوم ما إلي قوة.. وأن التضحية بصداقة العرب.. مهما كانت أمريكا غنية.. ستقلب الميزان في الناحية الأخري للقوي الدولية. علينا أن نناقش أمريكا وترامب في توجهها السياسي الجديد ونبين لها عواقب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية لها. * ثانياً: يجب أن نصنع لوبيا عربيا داخل أمريكا يساعد العرب في مهمتهم ويتحرك في كل مكان ليعرقل المد الأمريكي في اتجاه إسرائيل. * ثالثاً: لا يمكن الدفاع عن قضية فلسطين في هذا الوضع الذي تشرزمت فيه الفصائل الفلسطينية حيث اصبحت غزة تحت حكم "حماس" وأصبحت رام الله وتوابعها تحت حكم منظمة التحرير الفلسطينية. فاذا لم يتحقق الوفاق الفلسطيني فلا مجال للحديث عن قضيتهم في المجتمع الدولي.. وكما يقول المثل العربي "الذئب لا يأكل من الغنم إلا القاصية"!! * رابعاً: علي الجامعة العربية أن تقوم بدورها وتعد خطة محددة للتحرك بموجبها لدي أمريكا وترامب ولدي المجتمع الدولي. آه.. لو اتفق العرب فيما بينهم.. ولكن كيف يتفقون والحرب علي اشدها ضد داعش في العراق.. والفصائل تتحارب في سوريا.. واليمن مفككة بحربها ضد الحوثيين.. والخلافات تكاد تعصف بليبيا.. وإيران وتركيا لهما أطماع في ارض العرب.. فنحن في مأساة لا مخرج منها إلا بإرادة الله. "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولكن لايزالون مختلفين إلا من رحم ربه".