أدهشني أن يستقبل العالم فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية بالذهول والصدمة!! ومثار دهشتي أن ترامب كان مرشحاً للرئاسة أمام هيلاري كلينتون فقط. ولم يدخل سباق الرئاسة أمام عشرة مرشحين. مثلاً. أو أكثر من ذلك أو أقل! ومعني اقتصار السباق إلي البيت الأبيض علي مرشحين اثنين. أن فرص كل منهما متساوية في الفوز بالانتخابات أو أن فرصة كل منهما قد تصل إلي 50%. وليس إلي 90% أو ما شابه ذلك! وإذا كان الحزب الجمهوري قد اختار ترامب مرشحاً رئاسياً له. فإن ذلك كان نابعاً من قناعته بفرصة فوزه بالانتخابات. وهي الفرضية نفسها التي علي أساسها رشح الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون. وربما كان الاهتمام العالمي بالانتخابات الأمريكية وبالسياسة الأمريكية. ناتجاً عن أن رئيس أمريكا يمكن اعتباره رئيس العالم. من باب التأثير في مجريات الأحداث. وتحريك آلات الحرب والدمار أو "السعي لإقرار السلام" علي ظهر الكرة الأرضية. أو من حيث الثقل الاقتصادي الأمريكي علي مستوي العالم. وربما كانت تصريحات ترامب النارية أثناء حملته الانتخابية. هي التي أثارت مخاوف العالم منه وجعلته يستقبل فوزه بالصدمة. فهي تصريحات أقرب إلي العنصرية والتشدد. خصوصاً حيال المهاجرين إلي أمريكا ولاسيما المسلمين! وربما أيضاً كان امتداحه للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. الذي أغضب الغرب بضم شبه جزيرة القرم إلي روسيا. كما أغضب الغرب عندما تضاربت توجهات روسيا مع الدول الغربية في "التكتيكات" المتعلقة بأحداث سوريا والعراق واليمن وغيرها من الأزمات الدولية. وحتي وأن كانت استراتيجية الغرب وروسيا واحدة إزاء مناطق الخلاف!! وربما كانت صدمة العالم نابعة أيضاً من أن فوز ترامب صاحبه سيطرة الحزب الجمهوري علي الكونجرس بمجلسيه. الشيوخ والنواب. مما يعطي قرارات ترامب وسياساته خلال فترة رئاسته زخما وقوة ولو من الناحية النسبية في خروجها إلي حيز التنفيذ. ولم يكن غريباً أن يفوز ترامب. ربما لعوامل نفسية تتعلق بالناخب والمجتمع الأمريكي. فالمعروف أن المجتمع الأمريكي لا يحب الركود أو الجمود. وبالتالي يسعي دوما إلي التغيير والتجديد. بدءا من خطوط الموضة. ووصولاً إلي أجهزة الموبايل. وحتي في السياسة. ولا شك في أن وجود الحزب الديمقراطي. ممثلاً في باراك أوباما. داخل البيت الأبيض لمدة ثماني سنوات. وهي أطول فترة يمكن أن يمضيها رئيس أمريكي في المنصب. جعلت الناخب الأمريكي يسعي إلي التغيير والتجديد. بحكم تركيبته النفسية والاجتماعية. من هنا كان اختيار دونالد ترامب. حتي وإن كانت هناك عوامل أخري مساعدة. كتركيزه علي الإعفاءات الضريبية للفئات الأقل دخلاً. وتوفير فرص العمل للأمريكيين. والشعارات الكثيرة التي روجتها حملته الانتخابية حول استعادة أمجاد أمريكا وغير ذلك مما جذب إليه أصوات أغلبية المجمع الانتخابي. وعلي أي الأحوال. فإن ترامب. رغم أسلوبه الفظ في الحديث. استطاع أن يدرك. بشكل جيد. مزاج الرأي العام الأمريكي. وتمكن من جذب الأصوات. بقدرته علي لفت أنظار الناخبين إليه وإقناعهم به وببرنامجه الانتخابي. لكن لهجة ترامب تغيرت كثيراً. أو خفت حدتها بقدر كبير بعد إعلان النتيجة وفوزه برئاسة الولاياتالمتحدة خلال السنوات الأربع المقبلة. بعد انتهاء الفترة الثانية لباراك أوباما. وفي النهاية تظل استراتيجية السياسة الأمريكية واحدة. مهما كان الحزب الذي ينتمي إليه الرئيس ومهما كان الحزب الذي يسيطر علي الأغلبية في الكونجرس بمجلسيه.. كل ما هنالك أن التكتيكات هي التي يمكن أن تختلف. أما الأهداف والغايات فتظل واحدة. وقد أعجبتني مقولة مفادها : أمريكا ي حكمها حزب واحد له جناحان!!