كان أبو العلا المعري في زمانه غاضبا غضبا شديدا علي المشتغلين بالسياسة والسياسيين حكاما ووزراء ومن لف لفهم واعتبر ان زمانه زمان أغبر بسبب هؤلاء السياسيين والحكام المتتاليين فأنشأ أبياتا يهجو فيها حكام زمانه فقال فيهم أبياتا أولها يسوسون الأمور بغير عقل.. فينفذ أمرهم ويقال ساسة فإف من الحياة وإف مني.. ومن زمن رئاسته خساسة فقد عرف المعري حكاما وزنت ثرواتهم بالقناطير المقنطرة ذهبا وفضة بينما شعوبهم تموت ولا تجد كفنا يكفنهم ويدور الزمان ويصبح الحكام في شتي بقاع الأرض رمزا للثراء والغني خاصة في منطقتنا العربية التي لا يكتفي فيها الحاكم بمليون أو عشرة أو مليار أو عشرة ولكن بعيدا عن منطقتنا هناك زعماء وساسة في الغرب والجنوب وفي بلاد اللاتينية عاشوا وماتوا فقراء. هل تذكرون الرئيس الأقوي في العالم أو الرئيس الذي حكم أقوي دولة في العالم بيل كلينتون رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية. هذا الرجل كان راتبه السنوي 200 ألف دولار ومع البدلات والإضافات كان راتبه السنوي يصل إلي 250 ألف دولار في الوقت الذي كانت المذيعة السمراء أوبرا وينفري تتقاضي راتبا سنويا يصل إلي 250 مليون دولار سنويا ولما انتقلت من شبكة إلي شبكة وضع في حسابها مليار دولار! حسنا هل تذكرون جون ميجور رئيس وزراء انجلترا الأسبق وزوجته نورما. هذا السياسي الذي حكم الأمة العريقة التي لم تكن الشمس تغيب عنها لامتداد مستعمراتها شرق الأرض ومغاربها كان راتبه السنوي 89 ألف جنيه استيرليني وكان عليه مقابل هذه الجنيهات القليلة بالنسبة إلي مركزه الفخم ان يتحمل نقد الصحافة ورزالة المعارضة "الحقيقية" في برلمان بلاده إضافة إلي صداع السياسة الدولية التي تعد بلاده أحد محاورها ومع تزايد متطلبات أولاده وارتفاع الأسعار في بلاده لم يصدر أي قوانين تحسن من وضعه المالي بل أقام معرضا لبيع ملابسه المستعملة ومقتنياته المنزلية من الخزف والصيني والملاعق والشوك والأطباق إضافة إلي لعب أطفاله! لم يحاول أن يسرق أو يهبش أو يتحايل وينهب رغم أن خزائن البلاد تفتح بأمره وتخضع له! نيلسون مانديلا الزعيم التاريخي لجنوب افريقيا الذي قضي عمره مناضلا ضد التمييز العنصري لشعبه بل وسجن 27 سنة ولم يتنازل عن مبادئه لحظة واحدة هذا الزعيم الأسطورة اضطر لبيع ملابسه لتسديد فاتورة تليفون حزب المؤتمر الأفريقي الذي يرأسه ولا يأخذ قيمة الفاتورة من أموال الدولة! اللورد نيلسون أشهر رؤساء الوزراء في بريطانيا العظمي كما كانت تسمي فيما مضي والذي حكم بريطانيا في الفترة من 1964 إلي 1970 كان يتوكأ علي عصاه ويمضي سيرا علي الأقدام إلي مجلس اللوردات ليتقاضي 64 جنيها المخصصة كإعانه له بدل "شحاته" وكان عمره في ذلك الوقت 79 سنة ومات دون أن يكون له بيت يؤويه! أما في بلادنا فإن السياسيين يموتون وهم يجمعون المال ولا يعرفون كم من المليارات في حساباتهم وحسابات أولادهم مع إنهم عندما يتولون الحكم في بدياتهم يؤكدون ان الكفن ليس له جيوب.