* لماذا ترفض الاتجاه إلي تعويم الجنيه في هذه المرحلة؟ ** لا أعرف لماذا هذه الضجة المثارة فالقضية لا تحتاج لكل هذا الجدل فبداية لا خلاف أن الجميع هدفه الوصول إلي قيمة حقيقية للجنيه ولكن اذا كانت الدولة تنوي اللجوء إلي ذلك وهي حتي الآن لم تعلن صراحة عن ذلك فلابد ان يسبق ذلك وجود احتياطي نقدي قوي نستطيع من خلاله مواجهة المضاربات التي يمكن ان تلجأ إليها تجارة العملة لرفع سعر الدولار أكثر مما سيتم الوصول اليه من خلال التعويم لجني المزيد من الأرباح غير عابئين بالاثار المدمرة التي يمكن ان تلحق بالاقتصاد الوطني ومحدودي الدخل من جراء ذلك وهذا الاحتياطي النقدي سيضمن لنا مواجهة هذه المافيا وتغطية احتياجاتنا بلا أي أزمات وهذه الاحتياجات متنوعة ومتباينة ما بين احتياجات استراتيجية مثل القمح والمواد الغذائية التي نعتمد في توفير جزء كبير منها علي الاستيراد بالعملة الصعبة أو الدولار تحديداً كذلك هناك احتياجات الصناعة من مواد خام ومستلزمات انتاج ومن ثم يجب ان يكون هناك تحديد دقيق لما نحتاجه من عملة صعبة لتوفيرها واذا نجحنا في ذلك فيمكن ساعتها ان نترك تحديد سعر الدولار للعرض والطلب بشرط أن نزيد من كمية المعروض حتي لا تحدث أزمات كما قلت. حدود الاصلاح * وهل تعتقد ان معاناة المواطنين ستزداد اذا تم اللجوء إلي التعويم؟ ** هذه النقطة ليست محل شك فالمواطنون يعانون بشدة الان من ارتفاع أسعار غالبية بل كل السلع بلا استثناء لأننا نعتمد بشكل شبه كامل علي الاستيراد بالعملة الصعبة وهذه المعاناة ستكون أكبر اذا كان معدل الانخفاض في قيمة الجنيه كبيراً ساعتها سوف ترتفع قيمة السلع بشكل كبير في وقت لا تزيد فيه المرتبات والدخول بنفس القيمة.. صحيح أن المواطنين لديهم الرغبة في الاصلاح ومستعدون للتحمل ولكن في حدود فلا يمكن ان يظل المواطن يتحمل ويتحمل دون أن يجد أي بارقة أمل في الاصلاح والتي أعتقد أنها لن تتحقق الا اذا امتلكنا احتياطياً نقدياً قوياً يمكننا من تلبية احتياجات المواطنين وهناك محاولات تبذل في هذا الاتجاه مثل الحصول علي قروض من صندوق النقد الدولي وصندوق التنمية الافريقية وكذلك المليار دولار قيمة الوديعة الاماراتية الأخيرة حيث ان ذلك سيؤدي الي زيادة الاحتياطي النقدي التي يجب ان تبذل جهوداً أكبر لزيادته مثل الاسراع في المباحثات مع روسيا والدول الاوروبية لرفع الحظر عن السياحة إلي مصر حيث ان السياحة من أهم عناصر زيادة الاحتياطي النقدي وزيادة ايرادات الدول بشكل عام. قوي الشر * وهل تتفق مع الآراء التي تؤكد ان تعويم الجنيه سيكون عاملاً هاماً في جذب الاستثمارات الأجنبية؟ ** بالتأكيد نحن نعاني من تراجع كبير في حجم الاستثمارات لأسباب عديدة منها حالة عدم الاستقرار التي عانينا منها منذ 2011 وكذلك الدعاية المضادة التي نتعرض لها من جانب قوي الشر المناهضين لثورة 30 يونيو وكذلك بسبب عدم تهيئة المناخ من خلال قوانين لا تصلح لهذه المرحلة ومن ثم فاصلاح كل هذه العوامل هو الذي يؤدي الي جذب الاستثمارات ولا يمكن أن نتصور ان المستثمر الأجنبي سوف يقبل علي الاستثمار لدينا لمجرد تخفيض سعر العملة فهذا ليس همه الوحيد بل الأهم لديه ان يكون سعر العملة محاكياً للقيمة السوقية الفعلية ليس أقل أو أكثر بمعني وجود سعر حقيقي وعادل يعبر عن الواقع ولكن اذا استمر وجود أكثر من سعر للدولار سواء في البنوك أو شركات الصرافة أو في السوق السوداء في داخل وخارج مصر فمهما اتخذنا من اجراءات اقتصادية فلن ننجح في جذب الاستثمارات الخارجية التي لا خلاف علي أنها من أهم العناصر لتحقيق التنمية وزيادة الانتاج لكن بشرط ان نهييء المناخ المناسب لها وأمامنا تجارب عديدة في هذا المجال حتي من دول محيطة بنا فهناك دول تهييء فقط المناخ المناسب للاستثمار من قوانين مرنة وحرية في دخول وخروج الأموال ونجحت في اجتذاب استثمارات هائلة. فاتورة الاستيراد * اذا لم يكن سعر العملة سبباً في ارتفاع الاسعار فما الاسباب التي تقف وراء ذلك؟ ** الأسعار بشكل عام مرتفعة علي جميع الفئات ولا يستطيعون تلبية حتي احتياجاتهم الأساسية في ظل هذه الأسعار وتحركها لأعلي بصفة مستمرة ويعود ذلك الي عدد من العوامل المختلفة منها قيمة فاتورة الاستيراد التي نسددها لتلبية الاحتياجات الاساسية للمواطنين وجشع بعض التجار ووجود احتكار من جانب كبار التجار للعديد من السلع المهمة الي جانب تطبيق بعض القوانين التي تؤدي الي رفع السعر النهائي للسلعة مثل ضريبة القيمة المضافة مؤخراً فكل هذه العوامل أدت مجتمعة الي زيادة معاناة المواطنين. * وما هو السبيل من وجهة نظرك لمواجهة هذه الأزمة المتمثلة في زيادة الأسعار؟ ** هنا لابد أن يكون للدولة دور واضح في هذا المجال فنحن وفقاً للواقع الذي نعيشه وللدستور نعمل في اطار اقتصادي حر منضبط بمعني ان السوق يخضع لآليات العرض والطلب مع عدم غياب دور الدولة التي يجب ان تدخل ليس لفرض تسعيرة جبرية لأسعار السلع أن هذا الاسلوب انتهي زمانه تماماً ولم يعد يصلح للتطبيق ولكن من خلال دعم التعاونيات والجمعيات التموينية وكذلك منافذ القوات المسلحة والشرطة لتوفير السلع بأسعار مخفضة بالحصول علي هامش ربح معقول فساعتها سوف يلجأ المواطن إلي هذه الجمعيات والمنافذ ويبتعد عن اللجوء للتجار الذين يغالون في الاسعار ولكن هذا مرتبط في نفس الوقت بتقوية أدوار جهازي حماية المستهلك وحماية المنافسة ومنع الاحتكار فالأخير تحديداً لم نر له أي دور في ظل الظروف الحالية والازمات التي نمر بها والتي لا يمكن أن ننكر ان جانباً منها يعود الي احتكار الكبار للسلع وأبلغ مثال علي ذلك ما حدث في أزمة الأرز الأخيرة فلم يتحرك الجهاز للتعامل مع من كانوا السبب في الأزمة رغم أننا كمجلس نواب ناقشنا الأمر وتواصلنا مع الجهات الحكومية وطالبناهم بضرورة موافاتنا بالتفاصيل الكاملة عن هذا الملف لاتخاذ الاجراءات المطلوبة من جانب المجلس ولكن حتي الآن لم يتم الرد علي هذا المطلب. عقوبات رادعة * لكن الحكومة بالفعل قامت بزيادة المنافذ سواء الثابتة أو المتحركة ولم تنجح في ضبط الأسعار فما ردك؟ ** النتيجة لن تظهر فوراً ولكنها تحتاج إلي بعض الوقت حتي تؤتي ثمارها حتي نصل في النهاية إلي الحد من ارتفاعات الأسعار بصورة متوالية ولابد أن يكون هناك تعظيم لدور الفاتورة وفقاً لقانون القيمة المضافة حيث ينص القانون علي عقوبات رادعة علي تداول وبيع أي سلعة بدون فاتورة ورغم ذلك فالسوق متخم بهذه الحالات ومع ذلك لم نسمع عن تعرض أي تجار أو مورد للعقاب كذلك يجب ان يكون لمنظمات المجتمع المدني دور في هذا الاطار حيث يجب ان تقود المواطنين كل في مكانه لمقاطعة التجار الجشعين والمحكترين للسلع خاصة ان البديل متوفر في منافذ الدولة وهذا الدور للمجتمع المدني في منتهي الأهمية حيث انهم الأكثر تواصلاً وقدرة علي التأثير في المواطن وحثه علي مقاطعة الجشع وهناك تجارب سابقة ناجحة في هذا المجال منها ما حدث من إحدي جمعيات حماية المستهلك في المعادي حيث تبنوا في فترة من الفترات الدعوة لمقاطعة الجزارين واللحوم بسبب مغالاتهم في الأسعار وحققت الدعوة ثمارها وتراجعت الاسعار الي المعدلات المناسبة وهذه التجربة تصلح للتطبيق علي باقي السلع. * لكن تدخل الدولة يعني الاتجاه الي التخلي عن اقتصاديات السوق فما رأيك؟ ** التدخل لا يعني أبداً التخلي عن السوق الحر فقد سبق وأن تدخلت الدولة في ظل هذا النظام وضبطت الايقاع من خلال الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات حيث حاولت شركات الاتصالات وبعض التجار زيادة أسعار كروت الشحن بصورة عشوائية دون ضوابط فتدخل الجهاز وتم تحديد الزيادة بدقة دون مغالاة وبهامش ربح جيد للشركات وهذه التجربة أعتقد أنها صالحة للتطبيق في كافة المجالات بشرط ان نمتلك الارادة لذلك والآليات التي تمكنا من ضبط المنظومة فالسوق الحر لا يعني الفوضي فحتي أعتي الدول الرأسمالية توجد بها ضوابط تتولي الدولة تطبيقها اذا شعرت بوجود أي انحراف.