ليس بغريب أن يرفض الكونجرس الأمريكي فيتو الرئيس أوباما ضد قانون محاسبة رعاة الإرهاب. والذي يتيح لأسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر مقاضاة السعودية ودول أخري. والحقيقة ان السياسة الأمريكية تشهد. في الفترة الأخيرة. تحولات كبيرة حيال المنطقة. والراصد لمواقف واشنطن. يلاحظ هذه التحولات التي تحركها. ولا شك. مصالح الولاياتالمتحدة السياسية والاستراتيجية. خصوصا وأن عالم السياسة لا يستقر علي حال. ولا توجد عداوات دائمة ولا صداقات دائمة. وإنما هناك مصالح دائمة. هي التي تصنع الصداقات أو العداوات! وقد بدأ التغير الأمريكي. حيال الحلفاء التقليديين. منذ اندلاع ما أطلق عليه ثورات الربيع العربي. ومع هبوب "خماسين هذا الربيع". باعت أمريكا حلفاءها التقليديين من زعماء المنطقة. لعلها تحظي بوجوه جديدة بعد أن احترقت أوراق هؤلاء الزعماء. أو ربما لاتاحة الفرصة أمام جماعات التطرف. كي تطفو علي السطح وتظهر إلي العلن. ليتم القضاء عليها والتخلص منها. ولعل ظهور تنظيم داعش. وما يجري حاليا. في العراق وسوريا واليمن وليبيا من حروب أمريكية ضد هذا التنظيم وغيره من الجماعات المتطرفة. ومن بينها ما يسمي بجبهة النصرة وجيش الفتح والقاعدة وغيرها. يعطي دلالة قوية علي هذه الفرضية. كذلك بدأ التقارب الأمريكي الإيراني - أو بالأحري الغربي الإيراني - بعد ان تغلغل نفوذ إيران في العراق. من خلال سيطرة الحكم الشيعي علي أرض الرافدين. مما أدي إلي سيطرة طهران - ولو بشكل غير مباشر - علي مصادر البترول العراقي. الأمر الذي يهدد المصالح البترولية الغربية. في حال تحرك إيران نحو تعطيش سوق البترول. بتقليص انتاجها والتأثير علي انتاج البترول العراقي. حتي وان قامت الدول البترولية الأخري بزيادة انتاجها لتغطية العجز. وزاد التقارب بتوقيع الاتفاق النووي الغربي الإيراني. والذي تلاه رفع العقوبات الاقتصادية والعسكرية علي إيران. وترتب علي ذلك بيع صفقة من طائرات البوينج الأمريكيةلإيران والاتفاق علي صفقة من طائرات ايرباص الأوروبية ايضا. ومعني ذلك أن أموال البترول الإيراني بدأت تصب في خزائن أمريكا وأوروبا. ولعل الانقلاب علي السعودية. ظهر بشكل جلي. بعد تصاعد الأصوات الأمريكية وإثارة ما يسمي بالانتهاكات التي يرتكبها طيران التحالف العربي في اليمن. وبعد أن كانت أمريكا تزود السعودية بالأسلحة وتساندها في حربها ضد الحوثيين وقوات علي صالح. إذا بالدوائر السياسية والإعلامية في واشنطن توجه الانتقادات لهذا التحالف وتتهمه بارتكاب انتهاكات هناك. وإذا كانت الحرب في اليمن هي حرب غير مباشرة بين السعودية وإيران في إطار التنافس علي النفوذ الاقليمي بين الدولتين. فمعني التوجه الأمريكي الجديد إزاء عمليات التحالف. هو انحياز. بدرجة أو بأخري. نحو إيران. لذلك. لم يكن هناك وجه للغرابة. عندما اعتري دول الخليج القلق إزاء التقارب الأمريكي الإيراني بتوقيع الاتفاق النووي. لكن هذا الاتفاق يصب في مصلحة الطرفين الموقعين عليه. فهو. من ناحية. يكسر العزلة الدولية عن الدولة الفارسية ويرفع عنها الحصار الاقتصادي المفروض عليها منذ ثورة الخميني وحادث احتلال السفارة الأمريكية في طهران. وهو في الوقت نفسه. يفتح أسواقا جديدة أمام الشركات الأمريكيةوالغربية وينعش اقتصاد وخزائن دول الغرب. خصوصا وأن مخازن الأسلحة في دول الخليج - وبينها السعودية - أصبحت مكتظة بالأسلحة الأمريكيةوالغربية دون حاجة إليها. لكن السؤال الذي يفرض نفسه الآن: هل يمكن لأمريكا أن تضحي تماما بعلاقاتها مع السعودية في سبيل إيران؟ أم أنها ستتبع نهج "شعرة معاوية"؟ وما الذي يمكن أن تفعله السعودية كرد فعل علي قرار الكونجرس. ولو تم بالفعل توجيه اتهام لأحد من مسئوليها في حادث 11 سبتمبر؟ وهل الخيارات المتاحة أمامها سهلة التطبيق عمليا؟ وهل تعود طهران لتلعب دور شرطي أمريكا في المنطقة. مثلما كانت عليه في عهد الشاه؟ كلها اسئلة بحاجة إلي إجابة. لكن الإجابات ليست بسيطة!!