صحيح أن الجنة لا يوجد فيها تكليف بعبادات ولا جهاد ولا مشقة ولكني عندما من الله علي ويسر لي أداء فريضة الحج هذا العام شعرت أنني في الجنة أشعر براحة ورضا أهلها مثلهم "الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله" ما كان يذكرني أنني في الحياة الدنيا السلوكيات غير المسئولة ممن لا يدركون قيمة أنهم في ضيافة الرحمن وأنهم في أرض مقدسة يؤدون شعائر أمرنا الله سبحانه وتعالي بتعظيمها وأننا تركنا الدنيا بأسرها وجئنا إليها لنغسل ذنوبنا كبيرها وصغيرها المتعلقة بالعبادات والسلوكيات حتي المتعلق منها بحقوق الآخرين التي عجزنا عن ردها أملنا في الله أن يؤديها عنا ففي يوم عرفه خير يوم طلعت عليه الشمس كان جبل الرحمه متزينا لاستقبال الحجاج الذين يبدون كاللؤلو المضئ عليه وكانت أرض عرفه كلها في أبهي صورها مهيأه للحدث الجلل مقطورات الطعام والمياه والهدايا في كل مكان صفوف الشرطة موزعه بنظام محكم. بدأ الوقت يمضي ويقترب من الساعات المباركة التي امرنا الرسول صلي الله عليه وسلم بأن نجتهد بالدعاء فيها لإنها وقت استجابة فوجئت بالكثيرين ينشغلون بالحصول علي أكبر كم من الأطعمه التي كان مصير معظمها الإلقاء في الشوارع. هذه الأرض الطاهرة في مظهر مخجل جعلني أتساءل كيف يباهي الله بنا ملائكته في هذا اليوم ونحمده علي هذا الحال فتعكرت فرحتي بهذا اليوم الجليل. وفي مني تكرر نفس المشهد في كل شوارعها فلا نستطيع أن نمشي خطوة واحدة دون أن نتعثر في المخلفات التي لم تستطع جهود رجال النظافة المنتشرين في كل مكان مواجهتها.. حتي الحرم الشريف لم يسلم من هذه السلوكيات المخذية. ورغم كل هذا مضت أيام الحج كالحلم الجميل نشعر أن الملائكة تصافحك في الطرقات وأن الله في عونك كلما تعثرت أخذ بيدك وكلما خارت قواك منحك مدداً من عنده جهوداً واحتفاء لرجال الشرطة بالحجاج وتعاملهم الراقي معهم تثلج صدرك وتجعلك تدعوا لهم والقائمين عليهم دعاء صادقاً من القلب. وفي آخر أيام المناسك كانت المفاجأة التي جعلتني أندم علي أنني عكرت فرحتي بسلوكيات الآخرين وخشيت أن تغضب الله علينا.. فقد نزلت امطاراً أشبه بالسيول غسلت شوارع عرفات ومني وطهرت ساحات الحرم الشريف وعلمت أن هذا ما يحدث في كل موسم عقب الانتهاء من مناسك الحج وكأنها رسالة من الله يخبرنا فيها أنه العفو الغفور الكريم يغسلنا من ذنوبنا مثلما يغسل أرض المناسك من مخلفاتنا وأنه سبحانه يعاملنا بما هو أهل له وليس بما نحن أهل له.