تسابق المرشحان المتنافسان في الانتخابات الرئاسية الأمريكية هيلاري كلينتون ودونالد ترامب في تقديم صكوك الولاء لإسرائيل وذلك أثناء لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي الإرهابي نتنياهو معهما. كل علي حدة في نيويورك. كان ترامب الأكثر تطرفا واندفاعا حيث تعهد لنتنياهو بأنه سوف يعترف بالقدس عاصمة موحدة لدولة إسرائيل في حال انتخابه وهو ما سيشكل - إذا تحقق - تحولا هائلا في الموقف الأمريكي ازاء الصراع العربي الإسرائيلي ومسيرة السلام في الشرق الأوسط ورؤية حل الدولتين. ويأتي وعد ترامب "المتطرف" متوافقا وملبيا لمواقف نتنياهو المتشددة ازاء القدس والمستوطنات وجبل المعبد ويهودية الدولة كما يأتي متزامنا مع تراجع كبير في الموقف العربي واضمحلال عام في الاهتمام بالقضية الفلسطينية وسعي العديد من الدول العربية "المحافظة" علي إقامة علاقات مع إسرائيل دون اشتراط أو انتظار لتحقيق السلام. قالت حملة ترامب في بيان رسمي ان المرشح الجمهوري اعترف بأن القدس هي العاصمة الأبدية للشعب اليهودي منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام طبقا لما تردده الأساطير الإسرائيلية الصهيونية مؤكدا ان الولاياتالمتحدة تحت ادارة ترامب ستقبل في نهاية المطاف بالتوصية القديمة للكونجرس بالاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لدولة إسرائيل وهو الأمر الذي سيعد أكبر انجازات نتنياهو شخصيا. والمعروف ان الكونجرس اعترف في تشريع قديم بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل وأصدر توصية بذلك لكن الرؤساء الأمريكيون منذ كارتر وريجان وبوش الأب وكلينتون وبوش الابن وأوباما امتنعوا عن تنفيذ التوصية رغم الضغط الإسرائيلي المستمرة علي اعتبار ان وضع القدس يجب أن يتحدد من خلال المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. الوعد الثاني من ترامب يتعلق بالدعم الكامل لإسرائيل في مواجهة الإرهاب الإسلامي. المقصود بها هنا المقاومة الفلسطينية التي تعتبرها إسرائيل إرهابا وقد اعترف ترامب بأن إسرائيل شريك أساسي للولايات المتحدة في الحرب العالمية علي الإرهاب الإسلامي وأقر بأن الشعب الإسرائيلي يريد سلاما عادلا ودائما مع جيرانه لكن هذا السلام لن يتحقق إلا حين يتخلي الفلسطينيون عن الكراهية والعنف ويعترفون بإسرائيل كدولة يهودية. وهكذا تطابقت أجندة ترامب مع أجندة نتنياهو تمام الانطباق ولو دخل ترامب البيت الأبيض فلن يكون مقبولا من الجانب الفلسطيني شيء أقل من الاستسلام التام لاستراتيجية الليكود المتطرفة المتشددة ولن يكون هناك مجال للحديث علي تنازل إسرائيلي - ولو شكلي - علي طريقة حزب العمل. أما وعود هيلاري كلينتون فقد كانت غامضة واكتست بغطاء دبلوماسي حيث تعهدت بوقف أي خطوات تصعيدية ضد إسرائيل في مجلس الأمن ومعارضة أي خطوات تتخذ فيما يتعلق بحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي دون مباحثات مباشرة بين الجانبين والكلام هنا موجه فيما يبدو لاحباط المبادرة الفرنسية. وشددت كلينتون علي "المصالح الاستراتيجية" بين البلدين وان وجود إسرائيل قوية وآمنة يعد شيئا ايجابيا لأمريكا ومن الضروري مساعدة إسرائيل علي مواجهة التهديدات الإرهابية - تقصد المقاومة - وأكدت دعمها لصفقة المساعدات العسكرية الكبيرة التي وعدت بها الولاياتالمتحدة إسرائيل والتي تقدر قيمتها ب 38 مليار دولار علي مدي 10 سنوات قادمة. والآن.. ماذا أعطي نتنياهو كلا من المرشحين مقابل هذا الكرم المزدوج؟! في الواقع لم يقدم شيئا ولم يلتزم بأي شيء. كل ما في الأمر انه اعطاهما معا صك البراءة من معاداة إسرائيل وباركهما بصداقته.. حيث قال: من الضروري ان يعلم المواطنون الإسرائيليون انه بغض النظر عن نتيجة الانتخابات فإنه سيكون لدينا صديق في البيت الأبيض وسيواصل الرئيس الأمريكي القادم التحالف القوي بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل. ترامب سيكون صديقهم.. وهيلاري ستكون صديقتهم.. الاختلاف في درجة الصداقة وليس في النوع.. هذه هي الرسالة التي يجب أن نستوعبها.