بدأت حديثها قائلة: أعلم أنه لا يوجد إنسان فينا خالي من العيوب لكن هناك عيوب محتملة وعيوب يصعب الصبر عليها والنوع الأخير هو ما أكابده مع زوجي الذي لا أنكر اهتمامه ببيته وبناتنا الأربعة وإغداقه علينا لكنه يرفض تماماً الانصات لصوت الحكمة والعقل حينما تقع مشكلة بينه وبيني وتزيد ثورته اذا كانت بينه وبين البنات فيترك الغضب يصول ويجول حتي يبلغ به مبلغه ولا يهدأ إلا بعد أن يصفع الوجه ويضرب ضرباً مبرحاً وكم حذرته من التمادي في ضرب البنات خاصة وأن أغلبهن في سن حرجة "سن المراهقة" وأكبرهن تخرجت في الجامعة لكنه اعتاد أن يثور لأتفه الأسباب ليغيب التفاهم عن حياتنا ويحل القلق والتوتر محله.. مع أنه لا يوجد ما يبرر كل ذلك فكلانا في وظيفة مرموقة وننعم باستقرار مادي كبير والحمدلله. وقد حرصت علي الحديث إليك اليوم لأنه في الآونة الأخيرة بدأ يمارس لوناً جديداً في العقاب معهن فهو لا يكتفي بالزجر والضرب كما اعتدن منه إنما بدأ في محاربتهن في طموحاتهن المشروعة ولأمور تافهة يسهل احتواؤها مما أدي إلي ضياع وظيفة ممتازة علي ابنتنا الكبري وفوات فرصة تدريب حقيقية لابنتنا الوسطي في مجال الدعاية والاعلان!!. لقد تعبت كثيراً من تماديه في الصفع والضرب للبنات اللائي صار الحزن والانكسار يسكن حياتهن لدرجة أن احداهن لم تتحمل احتدام النقاش بيني وبين أبيها والذي كاد ينتهي بضربي وسقطت مغشياً عليها!!. سيدتي بماذا تنصيحنني حتي أضع نهاية لمعاملات زوجي القاسية معنا والتي تدفعنا للأسف في عدم مصارحته ببعض الأمور خشية غضبه وثورته وهذا ما لا أريد الاستمرار فيه وبناتي؟ فقط أريد أن تمضي بنا الحياة في سلام.. المعذبة أ.ع. الجيزة لا شك أن من صميم مسئوليات الزوج أو الأب هو متابعة شئون بيته وأولاده وهي الشهادة الوحيدة التي ذكرتها بحق زوجك إلي جانب كرمه.. لكن ياعزيزتي كنت أود إحاطتي بطبيعة المشكلات التي تثير غضب الأب علي بناته حتي تيسني الحكم عليها خاصة وأنني في النهاية أسمع من طرف واحد ويغيب عني الطرف الآخر الذي من المؤكد له مبراراته علي الأقل فيما يجعله يتمادي في ضرب البنات ويمنع عنهن فرص نجاح حقيقية لأسباب تافهة من وجهة نظرك.. وفي كل الأحوال تبقي مسئوليته أمام الله عن كل ما يسببه من آلام نفسيه لبناته وهو الأب الذي عليه أن يعطف ولا يقسو.. ويجمع ولا يشتت.. والضرب والصراخ كما يقول لنا خبراء التربية هي حيلة الضعفاء والقوي هو الذي يملك نفسه عند الغضب وينجح في استيعاب مشاكل أبنائه في صبر وهدوء دون صدام أو ملاحقة أو ضرب وحرمان.. لقد أثبتت الدراسات والكلام هنا أو جهه لزوجك الكريم بأن المعاملة الطيبة الهادئة داخل البيت تخرج ابناء أكثر التزاماً واستقامة وتراحما مع بعضهم البعض وتجعلهم الأبعد عن أي انحراف!!. أما البيوت التي تسود فيها القسوة والشدة والتسلط في الرأي فهي بيوت طاردة للأولاد والبنات علي حد سواء.. فحذار أيها الأب من استمرار ضرب البنات كن رءوفاً بهن ورحيماً. كن مثل ذاك الشاعر الرقيق الذي راح يكتب عن بناته قائلاً: لقد زاد الحياة إليّ حباً: بناتي إنهن من الضعاف. مخافه أن يرين البؤس بعدي.. وأن يشربن رنقاً غير صاف. نعم.. ثم تعلمنا مدرسة "القرآن" وتعطينا الوصفة السحرية في كيفية كسب القلوب ونشر السلام النفسي بين الناس وفي مقدمتهم فلذات الأكباد يقول تعالي:"فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفرلهم وشاورهم في الأمر". الآية 159 من سورة آل عمران.. فانفض عنك الغضب ياعزيزي الأب وانشر الحب والسلام علي أهل بيتك ولا تدفع بهم إلي عدم مصارحتك ببعض الأمور وإن أسجل تحفظي علي ذلك تحاشياً لثوراتك وعقابك المفرط.. وهنا مكمن الخطر فانتبه ولا تتمادي في تعميق الفجوة بالترفع عن سفاسف الأمور وأنت الذي تملك من خصال الجود والعطاء بحسب شهادة "أم بناتك" ما يجعل المهمة عليك سهلة.. فاطرح عن نفسك الغضب وتصالح مع أهل بيتك حتي تستمر بكم الحياة.