مشكلاتنا المزمنة لا تنفعها حلول تقليدية. فليس من الذكاء أن نسلك المقدمات ذاتها ثم ننتظر نتائج مغايرة. وإذا نفدت حيلنا فلا أقل من محاكاة تجارب ناجحة ارتادت طريق العلم وآمنت بحتميته.. فألمانيا مثلا تكسب 150 مليار دولار من التعليم الفني والعمالة المدربة ولديها 1.3 مليون محطة شمسية حكومية وأهلية. تنتج نحو 36 ألف ميجاوات "في مقابل 28.600 ميجاوات أقصي ما أنتجته مصر في يونيو 2016".. فماذا يمنعنا من محاكاة ألمانيا علي الأقل في انتاج الطاقة الشمسية.. لماذا لا تتبني الحكومة فكرة تنفيذ محطات شمسية فوق أسطح المنازل إلي جانب ما تنشئه من محطات فوق البنايات الحكومية.. لماذا لا تحث المواطن علي الانتاج والخروج من حالة الاعتماد الكامل علي الحكومة.. لماذا لا تجعله شريكاً ليس في القرار والشئون العامة فحسب بل في الانتاج وتعزيز قدرات الاقتصاد. حتي لا نظل أسري حديث لا ينتهي عن الدعم وأعبائه. وعجز الموازنة وتبعاتها. والديون والقروض وتكلفتهما الباهظة. فكرة انشاء محطات طاقة شمسية فوق المنازل بسيطة للغاية. وقديمة أيضا.. وللمفارقة فإن أول محطة شمسية في العالم نشأت في مصر علي يد العالم الأمريكي فرانك شومان عام 1911 في شارع 101 بالمعادي وقامت بتركيبها شركة باور الانجليزية وهي التجربة التي احتفت النيويورك تايمز بصاحبها أيما حفاوة. وأفردت له صفحة كاملة في 3 يوليو 1913 عند افتتاح المحطة.. ورغم أننا سبقنا ألمانيا بجلالة قدرها في تنفيذ هذا المشروع فإنها اليوم تنتج من الشمس وحدها نحو 11% من مزيج الطاقة هناك مقارنة بنحو 10 ميجاوات فقط تنتجها نحو 98 محطة شمسة حكومية وخاصة رغم ان ما تنتجه محطة مركبة علي سطح منزل في القاهرة يفوق ب 50% مما تنتجه مثيلتها في ميونيخ. للتجربة بريق خافت في مصر رغم توفر مقومات نجاحها لو أرادت الحكومة الخروج من نفق دعم الطاقة وساعتها يمكن للمواطن المستهلك أن يصبح منتجا لطاقة نظيفة.. وثمة نموذج ناجح لمحطات الطاقة الشمسية أنجزه المهندس هشام توفيق العائد من كندا بعد حصوله علي دورة تدريبية للتعريف بنظام تلك المحطات بالكامل وقد حصل علي أول شيك من الحكومة بمبلغ 1874 جنيها مقابل بيع الكهرباء.. وهي تجربة قابلة للتكرار والتعميم إذا أحسنت الحكومة تسويقها ووضع دراسات جدوي لنماذج متعددة ونجحت قبل هذا وذاك في تصنيع الألواح الشمسية باهظة التكلفة إذا جري استيرادها بالدولار. مع حدث البنوك علي المبادرة بتمويل مثل تلك المشروعات بتسهيلات بنكية بعد التأكد من جدية العملاء وتطبيق نظام تبادلي يسمح للمواطن باستهلاك ما يحتاجه مما ينتجه ويبيع الفائض للحكومة بعد التخلص من النظام الأحادي الذي تتبعه الحكومة حاليا والذي لا يسمح سوي بالبيع فقط أو الاستهلاك فقط. والشراء بسعر أعلي من الشركات الكبيرة وبسعر أقل من الأفراد والشركات الصغيرة.. أدري أن الحكومة خططت لانتاج نحو 300 ميجاوات كهرباء من الطاقة النظيفة خلال عامين لكنها لم تستطع انتاج سوي أقل من 3% من المستهدف.. الأفكار الخلاقة موجودة ومصر تملك كفاءات وطنية مبهرة.. المهم توفر الارادة والخيال والرغبة في النجاح.