لن يقتصر ارتفاع ضحايا مركب رشيد من المهاجرين هجرة غير شرعية علي 168 حالة وفاة خلال رحلتهم التي انتهت نهاية مأساوية.. بل سيظل اكتشاف جثامين جديدة للغرقي كل يوم حتي استخراج جسم المركب الرابض في قاع البحر. الحزن يملأ بيوت هؤلاء الضحايا الذين كانوا يبحثون عن لقمة عيش شريفة.. والألم يعتصر قلوب المصريين جميعاً.. فيجعلنا نتذكر حادثة العبارة التي غرقت في البحر الأحمر قبل عدة سنوات وراح ضحيتها أكثر من ألف قتيل. ولأن مصر تسير في اتجاهين متضادين.. أحدهما يقوده الرئيس عبدالفتاح السيسي بالتركيز علي المشروعات الكبري لوضع أسس انطلاقة اقتصادية تنفع الأجيال القادمة.. والثاني يقوده بعض أعضاء الحكومة الذين يتحدثون عن مشروعات علي الورق فقط دون أن يكون لها مردود عملي علي الواقع. فالبعض يتحدث عن المشروعات الصغيرة وهو حديث يهدف إلي ذر الرماد في العيون دون أن تكون هناك خطط مدروسة لتنفيذ ذلك.. والبعض يتحدث عن إعادة تشغيل وتطوير الصناعات القائمة دون أن يفعل أي شيء إلا مجرد التصريحات للصحف والفضائيات.. والبعض الآخر يتحدث عن مشروعات جديدة هنا وهناك تقام في بعض المحافظات دون أن يقول لنا كم من الأيدي العاملة استوعبتهم تلك المشروعات.. وهكذا نسمع التصريحات تلو التصريحات دون أن يكون هناك مردود إيجابي لها. مجلس النواب يناقش في دورته الجديدة مشروع قانون الهجرة غير الشرعية.. ولاشك أنه سيضاعف العقوبة علي منفذي هذه الهجرة.. خصوصاً في ظل التصريحات التي أدلت بها السفيرة نائلة جبر رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية بمجلس الوزراء بأن المسئول عن مركب رشيد سوف يحاكم بالقتل الخطأ ويأخذ 3 سنوات سجناً. أو سوف يحاكم بالنصب. لكن لا أحد سوف يحاكم علي إراقة دماء في وسط البحر. وقالت إن مشروع القانون الجديد في انتظار حكم بالمؤبد أو الإعدام علي قاتلي ذويهم. ولا يوجد تجريم فعلي لتلك الجريمة. وكشف المركز المصري لبحوث الرأي العام "بصيرة" أن مصر تأتي في المركز الأول علي مستوي العالم في الهجرة غير الشرعية للأطفال بدون أسرهم خلال عام 2016.. ونقل "بصيرة" عن المنظمة الدولية للهجرة أن مصر تأتي في المركز العاشر بين الدول المصدرة للمهاجرين غير الشرعيين لإيطاليا. علقت "البوابة نيوز" علي غرق مركب رشيد فقالت إنه لم يحدث شيء سوي الإسهال في الاستنكار الحكومي والتصريحات المواسية مع حزمة من الاحتجاجات والتبريرات. لكن هل فكرت الحكومة في حل لمواجهة تكرار الكارثة.. كالعادة لم تفكر مكتفية بالتجمل والتجمد علي كراسيها.. لكن الخبراء رأوا أن الحل ليس بالتعويضات. بل من خلال قرارات حكومية سريعة وعاجلة بإنشاء مصانع للشباب تفتح مجالات للعمل وتلغي فكرة هجرتهم والمغامرة في عرض البحر علي متن مراكب متهالكة لا توصل إلا إلي الآخرة. أري أن فكرة الهجرة غير الشرعية تمثل كابوساً لكل مصري.. ولن يكون الحل بكثرة الكلام عنها.. بل يجب أن يصاحب ذلك مشروعات تنموية لحل مشاكل البطالة التي تزداد يوماً بعد يوم. وقد طالبت قبل ذلك بإنشاء وزارة للصناعات الصغيرة تكون مسئولة عن القروض التي تعطي للشباب.. وتتابع عن كثب نشاطهم وعثراتهم.. وتعمل علي حل هذه العثرات قدر الإمكان. وقلت إن الصين يعتمد علي مثل هذه الصناعات التي غزت كل دول العالم.. فلا تجد بضاعة إلا مكتوباً عليها "صنع في الصين" ونحن لا نقل عنهم.. نريد أن ننتج ونغزو الأسواق العالمية. فقط نريد أن نكون جادين ومخلصين في تفكيرنا وأعمالنا.