اختلف السلف في لقمان هل كان نبياً أو عبداً صالحاً من غير نبوة علي قولين. والأكثرون علي الرأي الثاني. وقد آتاه الله الحكمة وأثني عليه في كتابه العزيز. فقال: "ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله" قال ابن جرير عن وكيع: كان لقمان عبداً حبشياً نجاراً. فقال له مولاه: اذبح لنا هذه الشاة. فذبحها. فقال: أخرج أطيب مضغتين فيها. فأخرج اللسان والقلب ثم مكث ما شاء الله ثم قال اذبح لنا هذه الشاة فذبحها فقال أخرج اخبث مضغتين فيها فاخرج اللسان والقلب فقال له مولاه: أمرتك أن تخرج أطيب مضغتين فيها فأخرجتهما. وأمرتك أن تخرج أخبث مضغتين فيها فأخرجتهما. فقال لقمان: إنه ليس من شيء أطيب منهما إذا طابا. ولا أخبث منهما إذا خبثا. لقد ذكر الله وصايا لقمان لابنه ليستنير بها المؤمن في حياته. فقال تعالي: " وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يابني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم "13" ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا علي وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير "14" وإن جاهداك علي أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون"15" يابني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير "16" يابني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر علي ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور "17" ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور"18" واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير.. يالها من وصايا عظيمة جليلة لو التزم بها المؤمن وطبقها في حياته. وما أحوجنا لهذه الوصايا التي افتقدناها أو افتقدها أكثرنا في هذه الأيام. إنها وصايا جامعة تشتمل علي أسباب الحياة الكريمة في الدنيا ببر بالوالدين. وكثيراً ما يقرن الله تعالي بين ذلك في القرآن الكريم. ثم نبهه علي أن الله لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء. وإن كان مثل حبة خردل بداخل صخرة. حتي يراقبه في كل أعماله وأقواله. ويتقيه في كل أحواله. ثم أمره بإقام الصلاة. ولم يأمره بالصلاة. لأن الصلاة لها صفات محددة. وليست أي صلاة. فلابد من المحافظة عليها في أوقاتها. وتحقيق شروطها وأركانها وواجباتها. ثم أوصاه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وهذا الأمر أهمله كثير من المسلمين في زماننا هذا. كما ان كثيراً منهم يفعله علي غير وجهه الصحيح ثم أمره بالصبر علي ما يصيبه من الإبتلاءات. وخاصة ما يترتب منها علي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وأخبره بأن هذا النوع من الصبر يحتاج لعزيمة قوية. وهو الصبر علي أذي الغير. ثم أمره بالتواضع ومعاملة الناس بالحسني. وألا يتكبر عليهم. وألا يعرض بوجهه عنهم احتقاراً لهم. وألا يمشي علي الأرض معجباً بنفسه فرحاً بها. لأن الله لا يحب المختال الفخور. ونصحه بأن يقتصد في مشيه ويغضض من صوته. أي يمشي مشياً وسطاً. ليس بالبطيء المتثبط. ولا بالسريع المفرط. وألا يرفع صوته في غير حاجة. فهلا التزمنا بهذه الأخلاق الحميدة يا أمتنا المجيدة؟