المفترض في وزير الثقافة أي وزير ثقافة أن يكون أحرص الناس علي ما يصدر عنه من كلمات. وأن يكون واعياً تماماً لما يقوله ومكان وتوقيت هذا القول. ولكن السيد حلمي النمنم وزير الثقافة يبدو أنه خانه التوفيق عندما استل سيفه وأشهره مهاجماً مؤسسة الأزهر الشريف كعادته ولكن هذه المرة ربما نسي أنه يتكلم في مؤتمر عن السلام المجتمعي نظمته الهيئة القبطية الإنجيلية بالإسكندرية. قبل صلاة الجمعة "أمس" وفي توقيت مازالت الدولة تعالج فيه آثار ما حدث في محافظة المنيا من أحداث بين المسلمين والأخوة الأقباط. كلمات السيد الوزير ربما تكون أول ما يهدد "السلام المجتمعي" الذي كان موضوع المؤتمر. وأعتقد أن القس الدكتور أندريه زكي رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر ورئيس الهيئة الإنجيلية الذي كان حاضراً هذا المؤتمر لم يكن راضياً عن كلام وزير الثقافة وسوف أسرد هنا بعض ما قاله السيد الوزير ليعرف القارئ العزيز ماذا يريد السيد حلمي النمنم بالضبط وما سر الحملة التي يشنها علي الأزهر الشريف منذ جلس علي كرسي وزير الثقافة وكأنه بينه وبين الأزهر "تار بايت". قال وزير الثقافة في المؤتمر: "إن المجتمع المصري يجب أن يتحلي بالشجاعة ويواجه ظاهرة العنف. حيث يعاني المجتمع المصري من قصور في النواحي الثقافية والتعليمية. وذلك يرجع إلي عدة أسباب منها توغل التعليم الأزهري في مصر. حيث يشكل التعليم الأزهري نسبة كبيرة في مصر. وهو أمر لابد من إعادة النظر فيه. وكذلك إعادة النظر في المناهج الدينية التي تدرس في المعاهد الأزهرية" قال أيضاً : "إلي الآن لم يحدث شيء حقيقي في تجديد الخطاب الديني تنفيذاً لتعليمات الرئيس السيسي ولم تتخذ الجهات المنوط بها ذلك مثل مؤسسة الأزهر أي خطوات جدية في الأمر خاصة وأنها قضية جدية هامة للمجتمع".. وطالب الوزير بأن يكون تجديد الخطاب الديني تجديداً عملياً وليس نظرياً. ومن عجب أن تأتي كلمات السيد وزير الثقافة بينما فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر يواجه الإرهاب العالمي بنفسه في أقصي بقاع الأرض بدولة الشيشان التي يزورها الآن ويحظي فيها بحفاوة استقبال لا يجدها عند كثير من المثقفين المصريين وعلي رأسهم السيد وزير الثقافة. صحف الأمس واليوم الصادرة في مصر حملت وتحمل هذا التناقض الغريب بين تصريحات وزير الثقافة والخطبة التاريخية لفضيلة شيخ الأزهر في الشيشان التي قال فيها إن التكفير هو بريد الدماء وأن الأمة الإسلامية عاشت أكثر من ألف عام في وحدة جامعة استوعبت التعدد والاختلاف المحمود وأن هدف الأزهر الشريف لم الشمل وغسل العقول والقلوب من العقائد السوداء. وقال أيضاً إن العولمة تسيطر علي الشرق بالتبشير بأمراض وعاهات خلقية وحريات عبثية. وأن الخروج علي مفهوم أهل السنة والجماعة الذي كان يدور عليه أمر الأمة الإسلامية قروناً طويلة كانت نتيجته تمزق شمل المسلمين بتمزق هذا المفهوم وتشتته في أذهان عامتهم وخاصتهم ممن تصدروا أمر الدعوة والتعليم حتي صار التشدد والتطرف والإرهاب وجرائم القتل وسفك الدماء. أشار شيخ الأزهر في خطبته التاريخية أيضاً إلي أن اضطراب مفهوم أهل السنة والجماعة أطمع آخرين من المتربصين بهم لتصويب سهامهم نحو هذا المفهوم وتشويه سيرته والافتراء عليه بأنه المسئول عن الجرائم الإرهابية التي تقترفها الجماعات التكفيرية المسلحة بينما هؤلاء المفترون أول من يعلم أن هذه الجماعات التكفيرية بتصرفاتها البشعة المنكرة لا تمت إلي أهل السنة والجماعة بأدني سبب.. وأغلب الظن أن هذه الفئة قد اتخذت من هجومها علي مفهوم أهل السنة والجماعة غطاء لتحقيق أغراض سياسية ومكاسب طائفية وأطماع توسعية لإذكاء نوازع الفرقة بين المسلمين. وبعث لفتن طواها الزمن وأصبحت في ذمة التاريخ ونشر لثقافة الحقد والكراهية. هذا هو كلام شيخ الأزهر يا وزير الثقافة. هذا هو كلام من يلم الشمل ولا يفرق. من يوئد الفتن ولا يشعلها. من يحرص علي السلام المجتمعي. لا من يبث مشاعر الحقد والكراهية بين اتباع الديانات المختلفة. مؤسسة الأزهر تتحرك علي مستوي العالم لتصحيح الفكر المتطرف ونشر صحيح الدين وإزالة الصورة المغلوطة عن المسلمين. وفي مقدمة ممثلي مؤسسة الأزهر في الخارج فضيلة شيخ الأزهر نفسه. ولن ننسي زيارته التاريخية السابقة لألمانيا التي كانت حديث العالم ايضاً وغيرت الكثير من المفاهيم المغلوطة عن الإسلام في أوروبا. يا وزير الثقافة لقد أعلن فضيلة شيخ الأزهر منذ وقت قريب أن يتم حالياً تنفيذ برنامج لتنقية مناهج التعليم الأزهري وأن البداية كانت بالتعليم الإعدادي. وستلحقه بقية المراحل التعليمية. وطالب شيخ الأزهر كل من لديه ملاحظات علي المناهج أو أسلوب عمل مؤسسة الأزهر أن يتقدم لفضيلته شخصياً لو أراد لمناقشة هذه الملاحظات وبحث إمكانية تنفيذها لو كانت صحيحة وصالحة للتطبيق بدلاً من الهجوم صباح مساء علي الأزهر الشريف شيخاً وجامعاً وجامعة. واختتم شيخ الأزهر تصريحاته هذه بأن الأزهر يرحب بالنقد البناء ويرفض الهجوم الهدام المسيء. يا وزير الثقافة.. حنانيك علي مؤسسة الأزهر الشريف. نرجو أن نري ثورتك هذه علي أفلام السبكي التي تهدد فعلاً السلام المجتمعي. والتي تم الإعلان عن أحدثها دون انتظار موافقة الرقابة علي المصنفات التي تخضع لإشرافك .. فهل نري سيفك المسلول في مواجهة أفلام السبكي!!!