ما قاله عمرو الجارحي وزير المالية من تمسك الوزارة بضرورة إقرار قانون القيمة المضافة بحد أقصي لا يقل عن 14%. وأي خفض لتلك القيمة يحدث خللا بالموازنة يعيدنا إلي السؤال: كيف حال العدالة الضريبية في مصر؟! وكيف يمكن تحقيق الاصلاح الضريبي دون رفع أو زيادة الضرائب علي الفقراء كما طلب الرئيس السيسي من رئيس الوزراء ووزير المالية ومساعديه.. وهل تكفي "القيمة المضافة" لعلاج اختلالات اقتصادية موروثة منذ عشرات السنين لم تفلح أي من الحكومات المتعاقبة في علاجها..؟! الحكومة الحالية تواجه أزمة كبري في تمويل الميزانية في ظل عجز موارد وزيادة رهيبة في الانفاق لا تملك حيالها ترف التأجيل أو التسويف لكن ثمة صعوبات عديدة في طريقها وخبرة تاريخية مفادها ان القرارات المؤلمة يتحملها الفقراء والطبقة الوسطي أكثر من غيرهم.. وثمة خشية أن تصير الإجراءات التي تعتزم الحكومة اتخاذها مثل خفض الدعم أو تعويم الجنيه أو طرح الأصول العامة في البورصة أو تجميد الأجور دون أن يقابلها عدالة اجتماعية حقيقية وزيادة فعلية في الانتاج جزءا من المشكلة وليس حلا ناجعا.. فهل تملك الحكومة رؤية متكاملة للاصلاح تبدد تلك المخاوف وتجنب الطبقة الوسطي والفقراء مزيدا من الافقار.. ولماذا تنسي الحكومة آثار الزيادة الضريبية علي النمو الاقتصادي. ذلك أن رفع الضرائب الاستهلاكية يؤدي إلي خفض ملحوظ في الاستهلاك العام نتيجة زيادة العبء الشرائي علي المستهلك النهائي في ظل ثبات الدخل الأسمي وانخفاضه الفعلي.. وكيف تستمر الحكومة في دعم الأثرياء والسفارات والأجانب في مصر بالبنزين مثلا حتي هذه اللحظة.. وإلي متي يستمر تجميد ضريبة الارباح علي البورصة.. ولماذا لا تفرض ضريبة تصاعدية علي الاغنياء كما تطبقها الدول عريقة الرأسمالية.. ماذا يمنع تعديل هيكل ضرائب الدخل لجعلها أكثر عدالة وتصاعدية.. ولماذا التراخي في متأخرات ضريبية تقارب نحو 47 مليار جنيه.. وفي دمج الاقتصاد الاسود أو الموازي الذي يستوعب أكثر من 54% من قوة العمل الفعلي في الاقتصاد الرسمي.. وماذا عن ضرائب المهن الحرة "اطباء. محامين. محاسبين. مهندسين. وغيرهم" حتي يغمر الشعور بالعدالة قلوب الجميع..؟! ان فرض ضريبة علي الثروة مقابل خفض الضرائب علي الفقراء والطبقة الوسطي وما يؤدي إليه من تشجيع للعمالة واستثمار الاصول يمكن أن يؤدي إلي النمو الاقتصادي. ويخفف من اعتماد الفقراء والطبقة الوسطي علي الحكومة في كثير من الخدمات ويزيد انتاجيتهم وفرص تعليمهم. ويخفض في المقابل الانفاق الحكومي. ويقلل العجز مع زيادة الإيرادات الضريبية نتيجة النمو الاقتصادي.. وذلك كفيل بتبديد الشعور بأن الحكومة لا تقدر إلا علي مرتبات الموظفين الكادحين فستقطع ضرائبها من المنبع بينما تترك الاغنياء والتجار الجشعين والمحتكرين وأصحاب المهن الحرة طلقاء لا يدفعون مثلهم فاتورة الاصلاح ويجلدون ظهورهم بسياط الغلاء والطمع.. ويزيدونهم فقرا فوق فقرهم.. إن مواجهة الاستحقاقات الصعبة يتطلب تماسكا داخليا قوامه الفقراء والطبقة الوسطي الذين لا يملكون وطنا بديلا ولا جنسية أخري ولا يعرفون من سلة العملات غير الجنيه الفقير.. فماذا أعدت الحكومة لاقناعهم بها..؟!