أكد خبراء علم الاجتماع أن الاقتصاد المصري يمر بفترة صعبة وأن توجه الدولة لصندوق النقد الدولي لإقراضها ما هو إلا "الدواء المر للاقتصاد المصري" وقدموا روشتة لعمل مظلة اجتماعية للتخفيف من الآثار التي قد تترتب علي ذلك بعمل مظلة اجتماعية لحماية الفقراء ومحدودي الدخل من ارتفاعات للأسعار قد تنجم عن بعض شروط "القرض". طالب الخبراء الحكومة بالمصارحة والمكاشفة مع الشعب لأن ما وصل إليه الاقتصاد المصري ليس وليد اللحظة ولكنه نجم عن سياسات خاطئة لسنوات طويلة متراكمة أدت لما نحن فيه الآن. يري الخبراء ضرورة توجيه جزء كبير من القرض لتشغيل المصانع المتوقفة لزيادة الانتاج وخلق فرص عمل جديدة مع منع احتكار السلع والخدمات وبمشاركة حكومية وشعبية للسيطرة علي الأسواق وتفعيل دور الأجهزة المعنية بذلك وفتح منافذ جديدة بكل المحافظات لتوزيع السلع والخدمات وتخفيض الإنفاق الحكومي لأقل درجة ممكنة ومحاربة الفساد مع الأخذ بكل ما هو جديد في فنون الإدارة الحديثة للمشروعات لأنها الضمان الوحيد لإنجاحها والعمل علي مصارحة الشعب بحقيقة أوضاعنا الاقتصادية. كما طالب الخبراء بعدم زيادة أسعار الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين وزيادة دعم الفقراء من خلال أفكار جديدة مع فرض الضريبة التصاعدية علي الأرباح كما نص الدستور بالإضافة لتوجيه جزء من أموال القرض لدعم المشروعات الصغيرة للشباب وتطويرها لتكون قادرة علي الإنتاج والمنافسة وتطوير أفكار الشباب وإبداعاتهم لزيادة الصادرات بمواصفات عالمية للمنافسة في الأسواق الخارجية وزيادة الدخل من العملة الصعبة. يقول د.. أحمد البرعي أستاذ التشريعات الاجتماعية ووزير التضامن الاجتماعي السابق ان مصر تعاني ظروفا اقتصادية صعبة في الفترة الحالية وأن قرض الصندوق النقد الدولي دائما ما يأتي بشروطه الاقتصادية الصعبة والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل الطبقات الفقيرة ومحدودو الدخل لديهم القدرة علي تقبل شروط الصندوق ودور الحكومة في التخفيف من تداعياتها علي المواطنين والسيطرة علي التضخم الذي هو في زيادة مستمرة ولابد أن يكون القرض موجها لتنمية الاقتصاد المصري ومستلزمات الانتاج وليس لتسديد الديون وفوائدها وأن يوجه جزء منه لدعم المصانع المتوقفة وإعادة تشغيلها من جديد لزيادة الانتاج وخلق فرص عمل للشباب وتخفيف الإنفاق الحكومي لأقل درجة ممكنة. يضيف د. أحمد البرعي أنه لابد من عمل دراسة من خلال المختصين لكيفية تلاقي الآثار الاجتماعية علي الطبقات الفقيرة لأن الشارع المصري غير متحمس لزيادة الأسعار عما هو عليه الآن. وأيضا لابد من تطبيق الضرائب التصاعدية علي الأرباح وهذا ليس اختيارا ولكن هو ما جاء في الدستور المصري. أوضح انه لابد من عمل كنترول أو رقابة حكومية وبمشاركة شعبية مشتركة للرقابة علي الأسعار بالأسواق ومحاربة الغلاء وهذا لن يأتي بزيادة مشاركة الجمعيات الأهلية والنقابات المهنية والعمالية وحتي لا تكون المسئولية علي الحكومة وحدها مع الحرص علي عدم رفع الأسعار علي الخدمات المقدمة للمواطنين. يري انه لابد أن تكون يد الدولة قوية في هذه الظروف ومنع أي احتكارات في الأسواق للسلع المقدمة للمواطنين وأن تتسم الحكومة بالشفافية الكامية مع المواطنين ومصارحتهم بالأوضاع الراهنة فالأخطاء متراكمة من الماضي ولابد من الاعتراف بها وعلي الجيل الحالي تحمل المشاق حتي نخفف عن الأجيال القادمة مع تطبيق القانون علي الجميع ومحاربة الفساد بكل قوة حتي يشعر المواطنون بالأمان لأن أموال الفاسدين في النهاية هي من الميزانية العامة للدولة وهي أموال للشعب المصري ولابد أن يتفهم الشعب وخصوصا الطبقات الفقيرة ان الميزانية لا تحتمل الآن أي زيادة سواء للموظفين أو المعاشات وكما قلت.. علي الحكومة أم تمتلك شجاعة المصارحة والمكاشفة في ضوء الأوضاع الاقتصادية الراهنة حتي يتحمل الجميع مسئولياته. تقول د. سوسن فايد أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث ان حماية محدودي الدخل والطبقات الفقيرة من تداعيات قرض صندوق النقد الدولي المزمع بين مصر والصندوق تتمثل في إتاحة فرص العمل وخصوصا في المشروعات الصغيرة للشباب ودعمهم ماديا وأيضا العمل علي الارتفاع بالطبقة الوسطي وتنميتها ودعم قدراتها. تضيف د. سوسن: لابد أيضا من خلق مهن جديدة للشباب وتطوير ما هو قائم منها ليكون قادرا علي الانتاج والمنافسة في السوق ولابد من تطوير الأفكار وتنفيذ المشروعات المقترحة من خلال الشباب وإبداعاتهم وزيادة وعيهم وأساليب الانتاج لديهم. تري د. سوسن ان الاهتمام بالإدارة هو الطريق أمام زيادة الانتاج وعدم التأثر بالظروف الاقتصادية أو العمل علي تخفيفها لأن هناك في مصر مشكلة كبيرة هي مشكلة فن الإدارة الحديثة وكيفية تسهيل عمل القيادات والكيانات الاقتصادية والمصانع والشركات في زيادة ثقافة الإدارة لديهم.. وللأسف الشديد نحن نعاني في مصر من عشوائية القرار من الجهات التنفيذية ولابد من الاتصال بالخارج لمعرفة طرق عملهم والاستفادة من الخبرات المتمثلة في علمائنا حتي نرتقي بأدوات الدولة وزيادة قدرتها علي الانتاج وخلق فرص عمل جديدة تساهم في زيادة الصادرات للخارج لجلب العملة الصعبة فهناك قصور شديد في الانتاج والتصدير للخارج وأيضا في المواصفات العامة للمنتج المصري وهذا القصور هو ما أدي لما نحن فيه من ضعف للصادرات وأزمة العملات الأجنبية والتي تساهم بشكل كبير في زيادة الأسعار ولابد أيضا من العمل علي فتح أسواق جديدة للمنتجات المصرية في الخارج مع القضاء علي الفساد الإداري بالداخل وعمل منظومة عمل إدارية ترقي بالبلاد لعدم اعتمادنا علي الخارج. تصيف د. سوسن: هناك خمول شديد وعدم الجرأة في اتخاذ القرارات في وقت نحن نسابق الزمن للخروج بمصر من أزمتها الاقتصادية الحالية دون الضرر بالطبقات الفقيرة وعمل مظلة اجتماعية لهم وزيادة الدعم ورفع الدعم عمن لا يستحقه. أكد د. عبدالرحمن عبدالعال خبير العلوم الاجتماعية بالمركز القومي للبحوث: لابد من زيادة مشروعات التكافل الاجتماعي للطبقات الأكثر فقرا وعمل آليات حماية اجتماعية لهذه الطبقات في الفترة القادمة خصوصا للأسر التي تعول والأرامل والفقراء من ليس لديهم مورد رزق مع ترشيد الدعم للطبقات الميسورة. يشير د. عبدالرحمن إلي أن بطاقة التموين كان لها أثر كبير في وصول الدعم للفقراء وأيضا نقاط التموين أو الخبز كلها أفكار كان من شأنها التخفيف من التداعيات الاقتصادية وارتفاع الأسعار في الأسواق.. وحتي وإن كنا لا نعلم حتي الآن ما هي شروط صندوق النقد لاقراض مصر وما هي شروط التفاوض ولكن يجب مراعاة التوازن بين تلك الشروط وبين قدرة وتحمل الفقراء وذلك بالقضاء علي الاحتكار والتوحش بالأسواق وأن تكون الزيادة في الأسعار والتي لابد عنها بالتدرج في التطبيق كما تم في التسعينيات في وزارة د. عاطف صدقي. يري د. عبدالرحمن أن علي الدولة التدخل بقوة في الأسواق وتفعيل قوانين منع الاحتكار وزيادة منافذ بيع السلع للقوات المسلحة ووزارة الزراعة والتموين مع المراقبة الشديدة للأسواق من خلال أجهزة حماية المستهلك وتفعيلها بشكل أكثر مع توجيه السياسات الاقتصادية وفي النهاية فإن "القرض" هو الدواء المر للاقتصاد المصري ولابد من تخفيف تأثيره من خلال التطبيق بمفهوم الجرعات والتدرج. أشار د. عبدالرحمن إلي أن السيطرة علي الأسواق ومقدرة الدولة علي التخفيف علي الفقراء واحتواء الصدمات المتوقعة في مرحلة تحرير الاقتصاد المصري مع زيادة الانتاج وتقليل الاستيراد وعمل توازن بين العرض والطلب وتشغيل المصانع المتوقفة لخلق فرص عمل مع تقليل النفقات الحكومية والمصاريف العامة ليقلل من التأثير المنتظر لتداعيات قرض الصندوق لمصر ويكون شهادة نجاح للحكومة المصرية.