بداية * انفلت النغم من إيقاعه. تجلي عارماً في طرقات الليل. أيقظ الناس علي غضب.. خرجوا من المنازل في عبس: أما زال هذا المأفون يعزف رغم السعار المعربد والفتن؟! جمعهم الهوان المبطن والسؤال.. ذهبوا إلي منزله والكل ناقم. بابه كان مفتوحاً والنوافذ دخلوا. وجدوه مذبوحاً بأوتار الكمان. بقايا القصف الأخير خلف حريقاً لا ينطفيء. يتراكض الناس نحوه بشغف. وحدها الدمية التي سقطت من يد الصغيرة. تنظر إليهم في دهشة. ملحمة تمردت عليهم ذكرياتهم الحميمة. ركضت خلفها الأشياء.. تسبح هي الآن في براحها الغامض. تأتيهم أحياناً.. يتيهون بها.. تغادرهم سريعاً. يعودون مرة أخري رفاتاً. مهمة عند النهر رأي الطائر الذي كان يحدثه صغيراً.. ودّ أن يخبرهم عنه. أسرعوا بذبحه. انهمكوا بعدها يضحكون.. غافلهم ظله.. حمل الرأس وركض نحو الماء. هوان أغمضت عينيها كي لا تري ما يفعلونه بها.. تحررت من القيد. تلاشي ضجيجهم. ركضت طفلة نحو زمانها القديم.. ها هم إخوتها وأبواها.. غمرها حنانهم. عادت البهجة لروحها والأمان. فتحت عينيها مبتسمة. ذبحتها دموع أخيها وهو مساق عنوة إلي جسدها العاري. طالع لم يصدقوا الطفل.. غريب الأطوار. عندما حثهم: إن أردتم أن تجدوا أشياءكم الثمينة.. التي اختفت. ليس عليكم غير الحفر هناك. وضحك مشيراً إلي المكان المهجور. فذهبوا إلي عجوز البلدة. التي ذكرته في حديثها الغامض.. وها هم.. في إعياء وذهول يرون أناساً يشبهونهم حد التطابق مكبلون في الحفرة تحدّي انتقدهم. سجنوه. ابتسم.. فتصدعت قلوبهم والجدران.. وأخذت الشقوق مع الوقت تتسع.. كان غرورهم طاغياً. انتظروا أن يهرب.. ضحك عالياً. وراح يرسم بدمائه الخضراء أشجاراً.. امتد ظلها. قدرة الحلم الذي نما في قلبه الغض.. غافله وهو منشغل بحديثه مع صورة أبيه. وسبح في البراح. ولم يعد إلا بعد أن حول كل الأسلحة إلي آلات موسيقية. لذا.. كلما شاهد أحداً يحمل سلاحاً. ضحك ساخراً. غصة ينفض تراب الأعوام عن الورق. تضمه الحروف. ينجبان نصاً عن صبي مسكون بالضني.. يقام له حفل باذخ.. يتلقي التهاني والمديح.