يقول الله تعالي في محكم تنزيله: "ولا تمش في الأرض مرحا انك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا" "الاسراء: 37". ماذا يريد الانسان أكثر من هذا الدرس ومع ذلك نجد أمامنا أمثلة صارخة لغرور الدنيا والارتفاع فوق البشر. تجد شخصا عاديا. وأقل من العادي تبوأ منصبا بشكل ما. لايعلمه الا الله. تجده أحاط نفسه بحاشية وكذابين ومنافقين. يغلق تليفوناته. يغلق أبوابه. ومن يريد مقابلته يا ويله طاقم سكرتارية وتوصيل رسالة للطالب أنه يستحيل وضرب من الخيال. تجده يمشي عابس الوجه يرسم علي وجهه علامات القسوة والشدة وكأن هذا من ديكور الوظيفة. يرد عليك في التليفون اذا حدث بزهق شديد ويكون رده مختصرا: هات من الآخر بلاش دوشه. تجده لا يخدم زملاءه بل ويتناسي وجودهم. يركب البرج العاجي وينظر للناس من أعلي. نعم لا يحدث إلا من هم فوقه لأنهم أصحاب السلطة وأولياء النعم. بالأمس كان انسانا عاديا لكن ظروف الدنيا ومعايير المجتمع الحالي غير المفهوم أوصلته الي منصبه وليس كفاءته. لأن الوصول الي منصب بالكفاءة والجهد والعرق نادراما يصيب الانسان بالغرور كما ان الأصالة والجذور نادرا ما تقطع لغرور أو لتكبر. هذه صفات من لا أصل له ووجد نفسه فجأة مسئولا كبيرا يشار له بالبنان. وهو في رأي مركب نقص وعقدة لأن الانسان السوي يظل علي حاله لا يحتاج تغيرا أو رسما لنفسه هو متواضع يعلم أن المنصب لا يدوم ولا يدوم الا العمل الصالح يتعامل مع الأصدقاء والناس والمعارف لأنه عائد اليهم "نفر" عادي مجرد من النياشين الكاذبة الخادعة التي يصورها له حملة الدفوف. هم من عملوا مع من قبله ونافقوه. نعم احذرهم أيها الصديق المسئول وانبذ الغرور لأن كل شيء زائل ولابد من محطة أخيرة ننزل فيها من قطار الحياة عند ذلك تنزل متواضعا محبوبا تنزل بكيانك وخلقك الأصلي تنزل أصيلا ذا ذكري حلوة. تنزل وقد امتلأ صوان عزائك بأحبائك وأصدقائك ومعارفك ممن احترمتهم وكنت لهم ومنهم.. المقياس الحق هو حب الناس لك وأنت خارج السلطة.. أما اذا كنت في السلطة فتجنب الغرور لأن الكثير ينافقونك ويحضرون لتعزية المنصب وليس شخصك.