أرفض فكرة خطبة الجمعة الموحدة. وتوزيعها مكتوبة كل أسبوع علي خطباء المساجد لالقائها علي المصلين. ان كان الهدف منها هو محاربة الفكر المتطرف. ونشر الوسطية. وتجديد الخطاب الديني. فهي الوسيلة الأسوأ علي الاطلاق لتحقيق هذا الهدف. والأفضل لنمو وانتشار هذا الفكر. وظهور خطاب ديني مواز. لا نريد أن نحارب الفكر المتطرف بالفكر الشمولي ولا التشدد الديني بالتشدد السياسي.. هذا خطر عظيم يمكن أن تكون له نتائج وخيمة علي المجتمع كله في المستقبل. خطبة الجمعة الموحدة. أيا كان من سيضع عناصرها أو يتولي صياغتها. هي إهانة بالغة ومباشرة لخطباء المساجد.. كل الخطباء بلا تمييز. يتساوي في ذلك خطباء المساجد الشهيرة الكبري كالأزهر والحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة. وخطباء أصغرها في القري والنجوع. وإهانة من من؟! من وزارة الأوقاف التي ينتمون إليها. والتي تولت إعدادهم وتأهيلهم للخطابة والإمامة. وكلهم في الأصل من خريجي الأزهر الشريف الذي تولي تربيتهم وتعليمهم قبل أن يلتحقوا بوظائف الوزارة. والإهانة تشمل عدم الثقة في علمهم. وفقههم. وقدرتهم.. بل وتمس وطنيتهم. بينما منهم من لا يقل علما وفقها واستنارة ووطنية عن وزير الأوقاف نفسه. وعن اعضاء المجمع الذي سيشكله لاعداد الخطب الموحدة. والإهانة تشمل أيضا تحويلهم من خطباء مجددين. يشحذ كل منهم همته طوال الأسبوع للتفكير في تحديد موضوع خطبة الجمعة وعناصرها وفي الرجوع إلي كتاب الله. وكتب الفقه والأحاديث النبوية لاستخلاص ما يؤيد به هذه العناصر من آيات وأحاديث وأحكام فقهية. إلي مجرد شخص يغلق فكره. ويعطل اجتهاده طول الوقت. في انتظار ورقة تأتيه من الوزارة بالخطبة. وليس مطلوبا منه إلا أن يصعد المنبر ليقوم بقراءتها أو إلقائها ملتزما بنصها الكامل دون اضافة أو انتقاص. لدينا في كل مسجد من مساجد الأوقاف في صلاة الجمعة ¢قارئ سورة¢. وخطيب المسجد.. لكن عند تنفيذ الخطبة الموحدة. سيكون لدينا قارئان.. قارئ سورة.. وقارئ خطبة.. لن يكون للخطيب نفس قيمته وهيبته في مجتمعه. قارئ السورة يقرأ ما تيسر من كتاب الله.. وقارئ الخطبة يقرأ ما تلقاه أو تنزل عليه من كتاب وزارة الأوقاف!! أي انغلاق وضيق أفق وفقر فكر هذا الذي يدفعون المجتمع إليه؟! وبالطبع. فإن الإهانة الموجهة إلي خطباء المساجد بالخطبة الموحدة. تنسحب ايضا علي جموع المصلين في كل جمعة. في جميع أنحاء مصر.. صاحب فكرة الخطبة الموحدة ينظر إلينا كتلامذة في مساجد الحكومة.. مجرد متلقين أو مستقبلين للرسالة التي يريدون منا أن نتلقاها. نحن مجرد أجهزة.. سيتم شحننا وتعبئتنا كل جمعة برسالة واحدة موحدة. سنصبح محرومين من التنوع. ومن ثمار الاجتهاد وقطوف الإبداع. ستفرض وزارة الأوقاف خطبة الجمعة في مساجدها. لكنها لا تسيطر علي كل مساجد وزوايا مصر حيث يوجد من ينشرون الفكر المتطرف. ومثل ما يحدث في نظام التعليم الفاشل.. سيهجر المصلون مساجد الخطبة الموحدة.. سيبحثون عن ¢الكتاب الخارجي¢ وعن الدروس الخصوصية في المساجد والزوايا التي لا تخضع لسلطان الوزارة. سيظهر ¢شاومينج¢ الأوقاف. وسيحصل علي خطبة الجمعة كل أسبوع قبلها بيوم. وسيقوم بتسريبها وتوزيع نسخها مجانا علي المصلين فيقرأونها ويصلون الجمعة في منازلهم. مبروك مقدما للإرهاب والتطرف الديني.