من رشوة وزارة الزراعة إلي رشوة وزارة الصحة إلي رشاوي كثيرة لا يمكن عدها ولا حصرها في هذا البلد وعلي كل المستويات فإن مصر تحتاج إلي "مبيد حشري" ليطهرها من هذه الموبقات التي أصبحت ظاهرة تستعصي علي الحل؟! هل كان الدكتور "أحمد.ع" مستشار وزير الصحة لشئون أمانة المراكز الطبية المتخصصة وهو أستاذ جامعي أصلا بجامعة عين شمس في حاجة إلي مبلغ 2 مليون جنيه ليخسر نفسه ووظيفته ومستقبله ويلوث شرف أسرته ليضع نهاية مأساوية لكل هذا؟! كيف يأمن رجل وصل إلي قمة العلم "أستاذ جامعي" لشخص مهما كانت صلته به ألا يغدر به ويبلغ عنه الجهات الرقابية المسئولة ليسجلوا له بالصوت والصورة تفاصيل هذه القصة منذ بدايتها حتي تم ضبطه في مكتبه بالوزارة متلبسا بتسلم شيكات بالمبلغ المذكور وباسمه شخصيا؟! المثل الشعبي يقول "ساعة القضا يعمي البصر" ومستشار الوزير لم يعمي بصره فقط بل عميت بصيرته.. وأراد لنفسه أن يخرج من الوزارة بفضيحة مدوية لن تقتصر علي مكان عمله ولا علي الجامعة التي انتدب منها وإنما علي مستوي مصر كلها!! الرجل مازال متهما حتي الآن.. والنيابة تحقق معه ولم تتم احالته إلي القضاء ليحكم في هذا الاتهام.. لكن رغم كل ذلك بماذا سيواجه أسرته وأولاده وكل معارفه وأصدقائه بالجرم الذي ارتكبه؟! الشركة الراشية هي احدي شركات الأجهزة والمستلزمات الطبية ولم تذكر الأنباء المذاعة ما هو المقابل الذي كانت ستحصل عليه تلك الشركة ليتغاضي مستشار الوزير عن مخالفات كانت سترتكبها تلك الشركة.. لأن دفع مليوني جنيه كرشوة يعني ان الشركة كانت ستكسب من وراء المستشار عشرات الملايين من الجنيهات!! قال الموقع الالكتروني لصحيفة "اليوم السابع" انه فور ضبط الأجهزة الأمنية لمستشار وزير الصحة متلبسا بالرشوة سارع بالخروج من مكتبه ودخل إلي مكتب الدكتورة نانيس عادل مستشارة الوزير للمستشفيات وألقي بالشيكات أسفل مكتبها فسارعت الأجهزة بالقبض عليه وقامت بتفتيشه ذاتيا وأخذت الشيكات من أسفل مكتب الدكتورة نانيس.. وخرج مقيدا بالكلبشات من مقر ديوان عام الوزارة. يبدو ان عددا كبيرا من الوزراء عندما يكلف بحقيبة وزارية يكون خالي الذهن عن كل أعمالها المتشعبة فيلجأ إلي الاستعانة بأكثر من مستشار!! والدكتور "أحمد.ع" الذي تم ضبطه متلبسا بالرشوة هو أستاذ بكلية الطب بجامعة عين شمس. وقد قدم إلي وزارة الصحة مع تولي الدكتور أحمد عماد حقيبة وزارة الصحة حيث عينه مستشارا له لشئون أمانة المراكز الطبية المتخصصة وأودع فيه ثقته كاملة ليقوم بتصريف وتطوير هذا القطاع وأسند له مهام أخري في تطوير وتجهيز المستشفيات بالجمهورية. وذكر الموقع الالكتروني ل "اليوم السابع" انه فور توليه مستشارا للوزير قام بالتنكيل ببعض الموظفين وإلغاء مكاتب السياحة العلاجية في مطار القاهرة بدون ذكر الأسباب.. كما أنه أصبح الآمر الناهي ليس فقط في أمانة المراكز الطبية المتخصصة وإنما في الوزارة بأكملها.. وبمعني أصح ان الرجل اصبح امبراطور الوزارة!! بقيت مسألتان: الأولي إذا كانت الشركة الراشية هي التي قامت بالإبلاغ عن الرشوة.. فإنها ستخرج براءة من القضية علي غرار رجل الأعمال الذي رشا وزير الزراعة.. وإذا لم تكن قد قامت بذلك وأن الأجهزة توصلت إلي الرشوة بعيدة عنها.. فسوف تأخذ حكما في القضية. المسألة الثانية انه إذا كان الدكتور "أحمد.ع" قد تم انتدابه من الجامعة بواسطة الدكتور أحمد عماد وزير الصحة فإن ذلك يعني ان الرجلين صديقان.. وهنا يجب ان يتقدم السيد الدكتور الوزير باستقالته فورا من منصبه!! هذا أقل ما نطالب به الوزير في ذلك الوقت ولا يجب أن يحتج بأنه لم يكن يعرف ان الرجل ضعيف النفس إلي هذه الدرجة.