لا يكفي أن تعتذر صحيفة "الجارديان" البريطانية عن عدم مصداقية التقارير والتحليلات والأخبار التي كتبتها علي مدي أكثر من عام عن مصر والتي أساءت لأكبر بلد في الشرق الأوسط. هذه التقارير حررها مراسلها في القاهرة ويدعي "جوزيف مايتون" الذي عمل لفترة في مصر وانتهك خلالها كما اعترفت الصحيفة قواعد ومهنية الصحافة وكسر الثقة التي تتمتع بها الجريدة. أقول ان هذا الاعتراف من "الجارديان" إنما يعكس الهوي والغرض لهذا المراسل الذي خرج عن حدود وقواعد المهنة بل خرج عن حدود "الأدب" فلم يرع مدي الإساءة التي لحقت بالمواطن المصري!! إن "جون مايتون" ربما يكون وراءه أشخاص أو جماعات أو جهة ما وأمدته بأموال طائلة ليكتب تلك التقارير والأخبار.. بل إن الصحيفة نفسها مدانة بشكل لا يقبل الشك لأنها أخذت ما كتبه مراسلها ونشرته دون تمحيص أو فحص أو تدقيق!! مسئولية رئيس تحرير "الجارديان" ومدير تحريرها ونائب رئيس التحرير وكل قيادة تمر عليها تقارير وأخبار وتحقيقات المراسلين لا تنحصر في إلقاء اللوم والتعنيف والاعتذار عن هذا المرسل وغيره فقط. بل إن هؤلاء جميعاً مدانون لأنهم تنقصهم المهنية وحرفية الصحافة. هل كل خبر وكل تقرير وكل تحقيق يأتي به المراسل تدفعه الصحيفة للنشر مباشرة دون أن تتأكد من مصداقية المراسل؟! وهل تكتفي الصحيفة بالتعويل علي مصادر مجهلة.. فيقال في الخبر "مصدر مسئول" أو يقال "قالت مصادر" ويكون في ذلك مبرر للنشر رغم انها صحيفة عالمية ذات تاريخ عريق!! شغلنا نحن في مصر وشغل زملاؤنا في صحف كثيرة منصب رئيس التحرير ومنصب مدير التحرير ومنصب نائب رئيس التحرير وكنا حريصين علي أن نتأكد من صدق الزملاء المحررين فيما يأتون به من أخبار أو تقارير أو تحقيقات.. وكان الزميل إذا جاء بمصدر ولم يذكر اسم صاحبه لسبب ما كنا نسأله عن اسم هذا المصدر ونحتفظ به حتي لا نفاجأ بأي نوع من العقوبات. لقد أخذتنا الدهشة من تلك الأخبار والتقارير والتحليلات الزائفة التي كانت تكتبها "الجارديان" عن مصر.. واعتبرنا انها انضمت إلي صحف أخري بريطانية وصحف ووكالات أنباء ومنظمات حقوق الإنسان الأمريكية التي نهجت نفس المنهج في الهجوم علي مصر ووضعت عينها علي كل ما هو سلبي وتعامت عن الإيجابيات التي تحققت في ربوعها. قالت الصحيفة في الاعتذار الذي أذاعته في بيان رسمي يوم الجمعة الماضي ان صحفيا يدعي "جوزيف مايتون" قد عمل مراسلاً لها في القاهرة وقد انتهك قواعد ومهنية الصحافة وكسر الثقة التي تتمتع بها الجريدة واعتذرت عن الواقعة. وأكدت الصحيفة ان الصحفي إياه لم يستطع تقديم دليل علي تقرير تم نشره في فبراير الماضي مما جعلها ترسل محققاً خاصاً لمراجعة عمله حيث وجد ان هناك أخبارا تم فبركتها وإلصاقها بالتقارير ولم يوجد أي مصدر من هذه المصادر في تلك التقارير. واعترفت الصحيفة ان هذا الصحفي نشر 37 مقالاً ونحو 5 لقاءات مزورة ونسبها إلي مصادر ليست موجودة علي أرض الواقع.. كما ان العديد من الأشخاص نفوا انهم تحدثوا إليه.. ونتيجة لذلك قررت الصحيفة حذف 12 من قصصه الإخبارية ومن مقالات الرأي!!! كان يجب علي الصحيفة أن تخضع هذا المراسل إلي التحقيق ليعترف بالجهة التي حثته علي أن يكتب تلك المغالطات عن مصر.. وتقوم الصحيفة بنشر الأشخاص أو الجهات أو الجماعات التي حرضته لنعرف من وراءه. ومن هنا نقول ان اكتفاءها بهذا الاعتذار الرسمي لا يكفي لأن ردود أفعال الرأي العام العالمي تجاه هذه الأخبار المغلوطة أساء إلي مصر أبلغ إساءة. والآن.. هل ستمتنع "الجارديان" عن الإساءة إلي مصر؟! أم تبحث عن مراسل آخر يلعب نفس اللعبة؟!