ما أصعب أن تكتب عن كاتب والأصعب أن يكون أديبا ذا خصوصية وإبداع وتلاميذ ومحبين. كما هو حال راهب الأدب البحراوي الاستاذ رضا إمام. الذي تشرفت منذ أيام بإدارة ندوة عن إبداعه بحضور الكاتب السياسي والروائي د. عمار علي حسن. والناقد الأدبي الدكتور محمد السيد إسماعيل. وتحولت الندوة التي كانت عن "مبدعين من طين مصر.. عمار ورضا" والتي استضافتها مكتبة مصر العامة بدمنهور. إلي تظاهرة قادها عمار علي حسن في حب رضا إمام. الذي يعيش الكتابة. ومن أجلها ضحي بكل شيء. واختار أن يكون راهبا في محراب القصة. لا يبرحه إلا ليحاضر الشباب عن الكتابة وكيف يكتبون. لم أتعرف علي الاستاذ رضا إمام إلا حديثا. ولم أقترب منه إلا قريبا. من خلال صديقنا المشترك كامل رحومة "المكتبة المتنقلة". وبعد سنوات من الغربة. انعزلت فيها طوعا أو انشغالا عن كثير من مفردات الشارع الأدبي في مصر عموما. بدأت من جديد. وجاءت أعمال الاستاذ رضا إمام لتعيدني بما يشبه حالة "الغرق".. لكنك تتنفس.. فمن المرايا إلي "أريكة" للعابرين علي الرصيف و"رجف الذاكرة" وغيرها من إبداعات رضا إمام.. لا يكفي أن تغتسل أو تسبح.. عليك أن "تغطس" في هذا "اللجين" من رقيق الضوء والكلمة. ومن النسج والسرد إلي المفردة المنحوتة بعناية والاختزال الشفيف. ستكتشف أن كل مهاراتك السابقة هي أضغاث أحلام. فأنت الآن في حضرة "الإمام" رضا. ليتك تقرأ وكفي.. أما أن تلتقي رضا إمام. فتلك الرواية والقصة الكبري التي ترهقك تواضعا ورقة وعذوبة.. ستبقي طويلا غير مصدق انه مازال في الأرض من يتحلون بتلك الدعة والبساطة والتجرد. وستكتشف أن تاريخا من الفن والترحال والرسم. اختار طواعية اليوم أن "يتزوج" القصة. وينجب قصصا وأقاصيص. هي كالأهازيج أو حكايا الجنيات في ليالي صيف "نسيم" أو شتاء "دافئ". لا أعرف هل أعلنوا عن جائزة التفوق في الآداب أم لا. وهل ينحاز أعضاء اللجنة لراهبنا أم لا. لكن ما أعلمه أن رضا إمام يستحق عطاء وكتابة وترويجا للأدب والأدباء. أن نقول له "شكرا".. يستحق أن ننتصر لهذا الشغف وهذا الوفاء النادر والتصوف في محراب الإبداع. فالرجل في هذه السن وعلي الرغم من شهرته الطاغية بين أوساط المثقفين في البحيرة وغيرها. لم يجن من الكتابة حتي الآن سوي المحبين والتلاميذ. وهم وإن كفوه واستغني بهم. إلا أنه من الواجب علي الدولة ممثلة في وزارة الثقافة أن تصل إلي من اعطوا وافنوا عمرهم من أجل الثقافة والإبداع. ورضا الإمام فنا وصنعه وزهدا.. "الراضي" نفسا وصدرا. هو تجسيد لأحلام الكثيرين ممن أرهقهم "الرأس الكاسح" وعانوا الأمرين مع "جسد كسيح" علي حد وصف الدكتور عمار علي حسن. ألم أقل لكم إن الكتابة عن الأدباء أو لهم صعبة... عفوا استاذي رضا إمام. فمازلت ألجأ إلي أبجدية قديمة غير تلك التي اكتشفتها أنت. وأيا كان أمر الجائزة. وأيا كان القرار. فنحن نحبك في كل أحوالك.. ومن حملوا التاج قد لا تشغلهم الجوائز ** ما قبل الصباح: - عنواني "دمنهور".. بلد المسيري وكمال عبد الرحمن وصلاح اللقاني ورضا إمام ومحمد رجب عباس وطارق إمام... هناك غيرهم.. كلهم "شوارع" تؤدي إلي البهجة.