ما يحدث في السوق المصري وفي الشارع المصري وفي المواصلات والمرافق العامة وفي المصالح والهيئات والدواوين الحكومية من تسيب وانفلات وجشع وعدم نظام وخروج علي الآداب العامة أحيانا هل هو عيب الحكومات المتعاقبة علي البلد أم عيب الشعب الذي اتخذت سلوكياته منحني خطيراً حتي أوشكنا أن نسمع حوارات المقاهي والحواري بل والسجون داخل بيوتنا من خلال الأفلام والمسلسلات وحتي البرامج السخيفة التي وصل بها الحال إلي استضافة فنانين ثم تدير سيناريو سخيفا ينتهي بزواج ممثلة و"اعلانجي" علي الهواء مباشرة. يحلو للبعض وصف المجتمع المصري بأنه مجتمع متدين بالفطرة وهو وصف يتناقض كليا مع ما نراه من سلوكيات في الشارع أو في التعامل مع الآخر سواء أكان قريبا أو غريبا أو مع مرؤسينا أو حتي مع زملائنا. ثم رغم أننا شعب متدين بالفطرة إلا اننا نرفع الاسعار ونكوي جيوب الغلابة مع قرب حلول الشهر الكريم كل عام.. ورغم اننا ندعي كثيرا التدين ونهرع إلي كل صلاة نتسابق جماعات وأفرادا إلا أنه لا مانع من زومبة عند صاحب أو رئيس العمل لنرفع من مكانتنا عند سيادته. ورغم التدين إلا أن ذلك لم يمنع أحدهم وهو من المشاهير أن ينشر اعلانا مدفوع الأجر ليهنئ عضو مجلس النواب لأنه تأخر في السفر والغي حجزه من باريس للقاهرة علي الطائرة المنكوبة وبذلك انقذته العناية الإلهية من الموت مع الشهداء الذين استشهدوا في الطائرة قبل أيام. والمصيبة انه لم يخجل من نشر التهنئة ومصر كلها في حداد علي ضحايا الغدر وكأن سيادة النائب هو منقذ مصر وذخرها الذي لن تعوضه باعتباره أغلي الرجال وأعز الأبناء.. منتهي النفاق والنفعية والصفاقة. ما هذا الذي يجري في المجتمع المصري؟ ما هذا الذي نسمعه ونراه في كل مكان وفي كل وسائل الإعلام؟ من يوقف هذا الاسفاف وهذا النفاق الممجوج وهذا التبجح الأخلاقي؟ هل يعقل أن نسمع في برومو أحد المسلسلات التي تحتشد لبدء مهرجان العرض في الشهر الكريم علي لسان احد الممثلين وهو يقول "البنت دي شمال وبتتأجر بالساعة". وأخري تقف علي الباب تنادي عريسها وتقول مخاطبة صديقه "يالا خلصنا ورانا دخلة عاوزين ننجزها". أين أخلاق البنت وحياؤها وأين الرقابة من هذه المسخرة؟ وأين وزارة التموين من انفلات وجشع التجار وأين رؤساء الأحياء من الذين استولوا علي الأرصفة واضافوها إلي محالهم وأين الأزهر مما يري ويسمع من حوارات في المسلسلات وبرامج الرغي التي تستضيف كل من هب ودب وتفرد لهم الساعات كي يسمموا أفكار الصغار وينشروا السفالة علي شاشات التليفزيون الذي يدخل البيوت ويقتحم الأذان بعبارات ساقطة لا تخجل ولا يخجل من يقولها. أيها السادة المتدينون بالفطرة إذا لم يمنعكم تدينكم الفطري فيجب أن تتدخل الدولة لتحكم الرقابة علي ما يحدث من فجور أخلاقي وتسيب وجشع تجاري. أيها التجار خافوا الله الحياة لم تعد تطاق في ظل جشعكم اللانهائي وأسعار سلعكم المبالغ فيها قبل بداية الشهر الكريم.. أيها الفنانون "مدعي الحرية" في الإبداع ليس من الإبداع في شيء أن يقول أحدكم ان البنت دي شمال وتتأجر بالساعة. ارحموا المجتمع وحافظوا علي أخلاقيات تندثر بفعل فاعل في بلد الأزهر الشريف وكنيسة مسيحيو الشرق كله أو لا داعي أن نسمع بعد اليوم عبارة اننا شعب متدين بالفطرة.