مثل شمعة توقد في ظلام ليل دامس. يجيئ لقاء فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر. مع قداسة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان. ليفتح أمام البشرية طاقة نور وأمل. هي أحوج ما تكون إليها اليوم وغدا. هو لقاء تاريخي بكل معني الكلمة. يحدث لأول مرة بين أعلي رمزين لأكبر ديانتين يتبعهما مليارات البشر. وهما الإسلام والمسيحية. وهو لقاء يأتي في لحظة فارقة من تاريخ العالم.. لحظة اختلطت فيها المفاهيم. وتصارعت المبادئ والقيم. وانتزع البعض لأنفسهم حق التحدث باسم الأديان. وتشويهها بما ليس فيها. وأصبحت الحروب والمذابح وكل الأعمال الوحشية تشن أو ترتكب تحت ستار الدين. وبدلا من أن تصبح الأديان منارة الهداية والسلام. أصبحت عند البعض مجرد وسيلة لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية مشروعة وغير مشروعة. اللقاء. خطوة علي طريق طويل تستعيد به المؤسسات الدينية. بما لها من تأثير دورها في تصحيح المفاهيم المغلوطة. وفي إحلال الحوار بين الأديان والحضارات محل الصراع والمواجهات. وفي إعلاء قيم التسامح والمحبة. وقيادة العالم نحو حياة أفضل في ظل السلام. إنه لقاء يبدو لأول مرة وكأنه سباحة ضد التيار.. وهو كذلك بالفعل في ظل انجراف العالم في طريق القيم المادية. وإهمال الروحانية. وفي ظل سيطرة تجار الدين والحروب علي قطاعات كبيرة في العالم. أرضا وبشرا. لكن. هذه هي اللحظة التي يحتاج فيها العالم بالفعل إلي صوت الحكمة والعقل.. قد يبدو خافتا في البداية وسط قعقعة السلاح وصخب الصراعات. لكنه سيرتفع وسيجد في النهاية صدي طيبا لدي كل من يصلهم. لقد عبر شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان عن إرادة قوية في أن يضيفا إلي خطوة لقائهما خطوات أخري. باستئناف الحوار المنقطع بين الأديان. وبعقد مؤتمر عالمي للسلام. وهي خطوات لن تنجح بجهدهما وحدهما أو بجهد مؤسستيهما.. الأزهر والفاتيكان. بل تحتاج إلي دعم وتشجيع مادي ومعنوي من كل العالم. إن علي قادة وزعماء كل الدول التي تؤمن بحقوق الإنسان. والتي ترغب بالفعل في تخفيف معاناة البشر أيا كانت دياناتهم وألوانهم وجنسياتهم. أن يحشدوا كل جهودهم من أجل دفع وإنجاح هذه الخطوات. وهو مطلوب أيضا في المنظمات الدولية العالمية والإقليمية التي يتصدر إحلال السلام قائمة مهامها ووظائفها. إننا نتوقع مقاومة ضارية من أهل الشر وأصحاب المصالح في العالم لهذه المبادرة ولذلك فإن تكاتف القادة والزعماء السياسيين والمنظمات الدولية معها هو ضمان أكيد لنجاحها.
