تعددت الحرائق في الآونة الأخيرة والتهمت النيران محلات تجارية وبضائع بمنطقة وسط البلد تقدر بالملايين مما يطرح سؤالا هاما: من يحرق قلب العاصمة؟ وهل الحرائق التي شهدناها طوال الأسبوع عادية أم بفعل فاعل وما هي أسبابها؟ خبراء الحرائق والاطفاء أرجعوا أسباب انتشار الحرائق بوسط البلد لسيطرة البلطجية علي قلب العاصمة.. حيث حولوا المنازل لأنشطة تجارية تحتوي علي الورق والبلاستيكات وهي مواد شديدة الاشتعال.. بالاضافة إلي أنهم لم يلتزموا بشروط تخزين البضائع ويعتمدون علي وصلات الكهرباء العشوائية والتي تسبب ماساً كهربائيا في أي لحظة يحرق الأخضر واليابس ويشعل المنطقة. طالب الخبراء بتشديد الرقابة علي المناطق العشوائية للتأكد من التزام المحلات والمنشآت بتطبيق شروط الاطفاء وتغليظ العقوبة وغلق المنشأة فوراً للمخالفين. اللواء عمرو أبوالعطا "مساعد مدير الحماية المدنية السابق" قال إن ظاهرة تكرار الحرائق بمنطقة وسط البلد كانت موجودة في فترة التسعينات. حيث كانت الحرائق تنشب باستمرار في نفس المناطق إلي أن تم تفعيل كود تأمين المنشآت ضد الحرائق وأصبحت هناك اشتراطات وقائية ضد الحريق يجب توافرها في المحل أو المنشأة لكي تحصل علي الترخيص. أضاف أن من بين هذه الاشتراطات توافر طفايات بودرة ونظم الانذار الآلي وغيرها مما يضمن سرعة السيطرة علي الحرائق وعدم تفاقمها. لكن بعد قيام ثورة يناير 2011 وهجوم البلطجية علي منطقة وسط البلد وسيطرتهم عليها قام البلطجية بزيادة الاشغالات في المنطقة وتحويل المنازل إلي أماكن تجارية سواء ورش أو مخازن كاوتش وبلاستيك وأقمشة. وسط غياب رقابة المحليات وعدم الالتزام بشروط التخزين. ناهيك عن افتقاد التوصيلات الكهربائية العشوائية للمواصفات القياسية. وافتقاد الأنشطة للأمن الاطفائي بما فيه من غازات خاملة وغيرها. بالاضافة إلي عدم تناسب مساحة مقاطع الأسلاك الرفيعة مع الاحمال الكهربائية عليها مما يتسبب في انصهار البلاستيك الذي يغلف الاسلاك. وحينما تتلاقي الاقطاب يحدث الماس الكهربائي ذات الخطورة الرهيبة والذي يؤدي إلي شدة الاشتعال. أضاف أبوالعطا أن العوامل السابقة تؤدي إلي اندلاع الحرائق ويزيد الأمر خطورة وتكرارا في العشوائيات نتيجة التصاق المباني ببعضها البعض مما يتسبب في زيادة وسرعة الاشتعال سواء من خلال التوصيل والملامسة أو الاشعاع الحراري أو تيارات الحمل حيث تبدأ الغازات الساخنة في التصاعد لأعلي وتنتشر في الجو وهكذا تسخن الغازات السفلي وتصعد لتفسح المكان لغيرها وتتصاعد الادخنة مما يتسبب في انتشار الحرائق بسرعة رهيبة. أشار أبوالعطا إلي أن مسئولية إطفاء الحرائق هي مسئولية مشتركة تقع علي عاتق الدولة والمواطن علي حد سواء. حيث إنه علي المواطنين عدم ارتكاب المخالفات والتجاوزات. بالإضافة إلي الالتزام بالاشتراطات اللازمة وعدم مخالفة مواصفات الاشتغلات وغيرها. أما دور الدولة فيتمثل في إدارة الحماية المدنية وتشديد الرقابة علي هذه الأسواق والمناطق العشوائية. للتأكد من التزام المحلات والمنشآت بشروط الاطفاء وعدم تزويد الاحمال الحرارية والاشغال النوعي. أكد اللواء ممدوح عبدالقادر "مدير الإدارة العامة للحماية المدنية بالقاهرة سابقا" ان تكرار نشوب الحرائق بوسط القاهرة. بدأ بحريق الرويعي ثم حريق الغورية. يرجع إلي انتشار الوصلات الكهربائية غير المطابقة للمواصفات الفنية. بالاضافة إلي التوصيلات الكهربائية العشوائية. وسرقة الكهرباء من العواميد. ناهيك عن تحميل أحمال كهربائية ثقيلة وزائدة لا تتناسب مع الاسلاك الرفيعة مما يؤدي إلي حدوث ماس كهربائي. ويأتي التدخين داخل الأماكن المغلقة أيضا ضمن العوامل المساعدة علي نشوب الحرائق. حيث يقوم المدخنون بإلقاء أعقاب السجائر علي الأرضيات. وفي حالة عدم انطفائها تندلع الحرائق وبالتالي فإن الاهمال بكل أشكاله ومخالفة القوانين هو السبب الرئيسي وراء تكرار الحرائق. أضاف أنه يتوقع أن يكون السر في نشوب الحريق تلو الآخر في الآونة الأخيرة في منطقة وسط البلد. هو قدوم فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة وما ينجم عنها من تزايد الاحمال علي الكهرباء نتيجة تشغيل التكييفات ومبردات الهواء. مما يساعد علي نشوب الحرائق في ظل عدم تطابق الاسلاك المستخدمة للمواصفات الفنية وعدم تناسبها مع الاحمال الكهربية. أشار إلي أن الاجهزة الأمنية المعنية تقوم حاليا بدراسة ظاهرة تكرار الحرائق بمنطقة وسط البلد للتأكد من الاسباب الحقيقية. ومعرفة ما إذا كان هذا التكرار هو وليد الصدفة أم أن هناك أسباباً اخري خفية غير الأسباب السابق ذكرها. أما بالنسبة لمسئولية إطفاء الحرائق فقد أكد عبدالقادر أن أجهزة الحماية المدنية تتولي هذه المسئولية في المقام الأول. وفي حالة تحول البلاغ إلي بلاغ كبير. يتم الاستعاثة بإدارات الحماية المدنية من المحافظات القريبة والاستعانة بإدارة الاطفاء بالقوات المسلحة إذا لزم الأمر أو إدارات الاطفاء بشركات البترول.. مشيرا إلي أن القانون يلزم أصحاب المنشآت التجارية أو المحلات. بتدريب 25% من العاملين داخل المنشأة علي كيفية التعامل مع أي حريق والتدخل المبدئي لاطفائه إلي حين وصل إدارة الاطفاء عبدالقادر بتشديد وتغليظ العقوبة علي مخالفة شروط الوقاية من أخطار الحريق. مشيرا إلي ضرورة الإغلاق الفوري لأي منشأة لا تتوافر فيها هذه الشروط.