الكتابة للطفل تعد بالفعل من أخطر أنواع الكتابة الأدبية وأشدها تأثيراً. ذلك لأن المستهدف أو المقصود من ورائها كائن بشري سهل الانقياد ودائم التأثر بما يسمعه أو يراه أو يقرأه.ألا وهو الطفل أمل الغد ورجل المستقبل. لذلك يصبح لزاما علي من يتجه أو يتصدي للكتابه له أن يدقق في اختيار الأسلوب أو الطريقة التي يمرر بها المعلومة أو القيمة المستهدفة للطفل. دون إرهاق أو جمود أو ما يدفع للملل والاكتئاب. والكاتب "محمد المطارقي" ينجح في مجموعته "قارب جدي" والصادرة مؤخراً عن سلسلة "قصر الندي" بهيئة قصور الثقافة في اختيار الأسلوب الأمثل - من وجهة نظره للتضمين والايصال للطفل. لقد جعل من بطل قصصه الصغيرة أو علي وجه الدقة راوي حكاياتها محوراً رئيسياً فيها جميعا تدور من حوله أو من خلاله الاحداث. التي غالبا ما تمثل جانبا من ذكرياته المختلفة. مرة عن القرية وثانية عن الجد وثالثة عن الحارة ورابعة عن الأصدقاء.. وفي كل مرة نحصل أو يحصل الطفل القارئ عند التعرض لتلك الذكري علي قيمة هامة ومضمون لافت عظيم النفع والفائدة. ففي قصة "قريتنا الطيبة" يتناول صفة صلة الرحم التي أوصي الله بها المسلمين وحث عليها لدوام التواصل والالتحام والمشاركة من خلال حكاية عن القرية وزيارات الأهل والأحباب واللهو والمحبب فيها في الإجازة الدراسية..وفي" قصة "اللعب في الحارة" يشير ببساطة إلي أهمية العمل وضرورة الاجتهاد فيه للوصول إلي مايتمناه الإنسان. وذلك من بين ذكرياته عن الحارة واللعب مع أقرانه فيها وما كان ينتج عن ذلك من ضيق وتأفف من بعض العمال والموظفين قاطني الحارة لكثرة الصخب والضجيج اللذين كان يسببهما هذا اللعب.. انتهاء إلي ضرورة مراعاة راحة البعض ومشاعرهم في الالتجاء إلي وسائل ترفيهية أخري أكثر هدواء وأقل صخبا وضجيجا.. وفي قصة "قارب جدي" يطرح فكرة الإرادة القوية. والعزيمة الصلبة التي يجب أن يتحلي بها الإنسان طوال فترات عمره.. فهذا هو الجد الطاعن في السن والذي يتذكر عنه الراوي إصراره علي العمل وركوب القارب وصيد الأسماك ليعود ذلك عليه وعلي غيره بالنفع والفائدة.. وأخيراً في قصة أو حكاية "أصدقاء سليمان" ينصح كاتبنا النشء الصغير بضرورة القراءة والالتصاق بالكتاب إذ أنه أعظم صديق للإنسان حيث يجود عليه دائما بالمعرفة والعلم والأدب: "كانت يده تنطلق في رشاقة نحو الكتب. وكان الاعتزاز والفخر يظهران علي وجهه.. الآن عرفنا أصدقاء سليمان. وقد قرر كل واحد منا أن يكون له أصدقاء مثله".